
حصاد اليوم: الحدود تشهد جولة القتال الأكبر منذ 2006 وخطط الحكومة للطوارئ من جيوب المودعين
اختصرت وسائل إعلام إسرائيلية الوضع في المنطقة الحدودية اليوم بالقول: ما يجري في الشمال هو جولة القتال الأكبر بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” منذ حرب تموز 2006. إنه فعلًا الوضع المتدحرج الآخذ في الابتعاد شيئًا فشيئًا عن “قواعد الاشتباك” المعمول بها، وصولًا الى ما تلقت بيروت تحذيرات من الوصول اليه من معظم عواصم القرار في المنطقة والعالم. وبعد أكثر من عملية نفذها “حزب الله” ضد مواقع اسرائيلية عبر الحدود، عاد الترقّب المشوب بالحذر الكبير ليخيّم على الجنوب على أثر تعرّض بلدات كفرشوبا ومركبا وبني حيان ومجدل سلم لقصف اسرائيلي. كما تعرّض مركز للجيش اللبناني في بلدة رميش للقصف ب12 قذيفة إسرائيلية، فيما أكد الجيش الإسرائيلي استهداف 20 مجموعة تابعة ل”حزب الله” وجماعات أخرى عبر الحدود مع لبنان.
وفي ضوء المعادلة “المتأرجحة” ما بين الانزلاق التدريجي نحو الحرب وإمكان تجنبها حتى الآن، تتكثف التحذيرات الخارجية للبنان من مزيد من الانزلاق وتتشدد في دعوته الى محاذرة ان يصبح الساحة المقبلة للحرب الثانية بعد حرب غزة. ومع ذلك يبدو رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي يشكل محور الاتصالات الخارجية الجارية مع لبنان، محافظا على توازن دقيق للغاية بين استبعاد الحرب وانتظار بعض الوقت لتثبيت آماله على تجنب لبنان كأسها المدمّرة. ولذا يدرج ميقاتي هذه التحذيرات في اطار “البحث في الاوضاع العامة في المنطقة وانعكاسات ما حصل في غزة على كل المنطقة وتهدئة الوضع”. ويقول “نحن رسالتنا واحدة انه يجب الاسراع في وقف النار لاننا في سباق حقيقي بين وقف النار والتصعيد”.
أما في إسرائيل، فقد حذر رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو من أن “حزب الله سيرتكب أكبر خطأ في حياته إذا ما قرر الدخول في حرب ضد الدولة العبرية”. وقال خلال تفقده قوات إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان: “سيترحمون على حرب لبنان الثانية (2006)”. وخلص في تهديداته العدوانية الى القول: “سنضربه بقوة لا يمكن تخيّلها وسيكون أثرها على الدولة اللبنانية مدمراً”.
التمديد لقائد الجيش
ولم تحجب التطورات الميدانية والديبلوماسية المتصلة بالوضع في الجنوب بعض الملفات الملحّة التي وضعت على طاولة البت السريع والعاجل في ظل الوضع الطارئ، واولها موضوع خطر شغور منصب قائد الجيش العماد جوزيف عون في ظل هذه التطورات المخيفة. وعلم ان المشاورات المتصلة بطرح التمديد للقادة العسكريين والامنيين وتعيين رئيس لاركان الجيش، بلغت مرحلة متقدمة للغاية لاعادة طرحها في اول جلسة لمجلس الوزراء بعد ان تستكمل المساعي الجارية لتحقيق تفاهم الضرورة حول هذا الاجراء.
وفي السياق نفسه، عرض رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة مع قائد الجيش للاوضاع العامة والمستجدات الامنية والعسكرية. وأكد بري أن لبنان ملتزم بالشرعية الدولية وهو يمارس حقه المشروع في الدفاع عن نفسه أمام العدوان الإسرائيلي الذي يستهدفه.
من أين التمويل؟
على صعيد آخر، تجهد الحكومة اللبنانية في عقد الاجتماعات المتتالية، بهدف اتخاذ اجراءات وتحضيرات لمواجهة احتمال الحرب. لكن كل الخطط الورقية تصطدم بمشكلة واحدة: من أين سيتم تمويل الاجراءات؟ وسيكون السؤال التالي لاحقاً: من أين سنموّل إعادة الاعمار بعد الحرب؟ وفي هذا الإطار، سألت لجنة المال والموازنة النيابية الحكومة عن خطة الطوارئ للحرب، وكيفية تمويلها، ودعت مصرف لبنان الى جلسة مقبلة للاطلاع على الاثر المالي والنقدي حول الاجراءات التي تقوم بها الحكومة في حال تدهور الاوضاع.
وفيما لا جواب حكوميًا عن هذا السؤال بشكل رسمي، ترى مصادر متابعة ان الهمس المتداول يفيد بأن لا مفر من الارتداد الى اموال الناس الموجودة في مصرف لبنان (حوالى 8 مليارات دولار)، ووضع اليد عليها، بهدف تمويل اجراءات مواجهة الحرب، ومن ثم تمويل اعادة الاعمار. والفلسفة التي يستند اليها من يقول هذا الكلام همساً في الغرف المغلقة، انه اذا كانت الدولة سمحت لنفسها بمصادرة حوالى 15 مليار دولار من هذه الاموال لدعم الكاجو والنسكافيه، هل يجوز ان تمتنع عن مواصلة هذه السياسة لإنقاذ الارواح وإطعام الناس، واعادة تشييد جسور او مطار تهدّم، او اعادة بناء محطات ضخ مياه… لشعب قد يجوع ويعطش بعد الحرب؟
ملف النازحين السوريين
في مجال آخر، وبالتزامن مع زيارة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الى سوريا على رأس وفد رسمي للبحث في قضية عودة النازحين السوريين الى بلدهم، أعلن الجيش اللبناني إحباط محاولات تسلّل نحو 800 سوري عند الحدود اللبنانية السورية خلال الأسبوع الماضي، مؤكدا متابعة حركة النازحين السوريين وتنقلاتهم داخل لبنان. وكما في مرات وملفات سابقة، صدر عن الجانبين اللبناني والسوري بعد اجتماع بوحبيب مع فيصل المقداد، بيان فضفاض تناول كل قضايا المنطقة، فيما تطرّق بسطرين الى مضمون الزيارة: “تدارس الجانبان الهدف من هذه الزيارة وهو معالجة التحديات المتصلة بأزمة النزوح السوري في لبنان، وشددا على أهمية التعاون المشترك لضمان العودة الكريمة للمهجرين السوريين إلى وطنهم الأم، وضرورة تحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لمسؤولياتهم في المساعدة على تحقيق هذا الهدف”.
الوضع في غزة
أما في تطورات الحرب على غزة، وفيما تواصلت الغارات الإسرائيلية الكثيفة على القطاع موقعة المزيد من الضحايا والجرحى، دخلت الدفعة الثالثة من المساعدات الانسانية الى غزة عبر معبر رفح، وتضم 20 شاحنة تحمل مساعدات غذائية وطبية.
تزامنًا، أكد رئيس المكتب السياسي ل”حماس” اسماعيل هنية، ان نبض المعركة والمقاومة ضد المحتل، ما زال بيد المقاومة رغم وحشية العدو، مثنيا على مواقف ايران ودعمها للشعب الفلسطيني وتحركها الدبلوماسي.
ودعت حركة حماس في بيان، الدّول العربيّة والإسلاميّة والأمم المتحدة والجهات المعنيّة كافّة، إلى تكثيف الجهود لفتح ممرّ إنساني عاجل لإدخال الوقود والمواد الغذائية والدّواء والمستلزمات الطبية، تجنّبًا لكارثة إنسانيّة، وإبادة جماعية تحت آلة الحرب الصّهيونيّة؛ ورفضًا لسياسات الاحتلال وجرائمه ضدّ الإنسانيّة الّتي يندى لها جبين البشريّة.