
حصاد اليوم – مبعوثان أميركي وفرنسي وثالث إيراني في بيروت: إثنان للتحذير من الحرب والأخير لإدارة العمليات
على من يريد معرفة تطوّر مسار الحرب على الحدود الجنوبية غدًا، أن يتابع بدقة ماذا يحصل في غزة اليوم. إنها القاعدة الذهبية التي باتت متحكّمة بمسار المعركة الكبرى بعدما نجحت إيران في وضع نظرية “وحدة الساحات” موضع التنفيذ على امتداد مناطق تواجد أذرعها العسكرية في المنطقة، محتفظة لنفسها، حتى إشعار آخر، بحق التحكّم بالتوقيت، لجهة تصعيد المعارك وتوسيع رقعتها أو العكس.
ومع استمرار المعارك ضارية في شمال قطاع غزة، بعد ساعات من اعلان اسرائيل رسميًا بدء الهجوم البري على القطاع، كان لافتًا، لا بل معبّرًا جذًا، ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش: “أشعر بالفزع من التقارير التي تفيد بأن ثلثي القتلى في غزة هم من النساء والأطفال”. وبينما أشار سفير إسرائيل في موسكو الى ان الجيش الاسرائيلي يقوم بعمليات ضد “حماس” في أنفاق تحت مخيم جباليا، تعرّض المخيم في أقل من 24 ساعة لمجزرة ثانية نفذها الطيران الإسرائيلي، وأدّت الى سقوط عشرات القتلى والجرحى، ما رفع عدد القتلى، بحسب وزارة الصحة في غزة، الى 8796 بينهم 3648 طفلًا و2290 امرأة منذ بدء العدوان الإسرائيلي. وأعلنت “كتائب القسام” أن مقاتليها يلتحمون مع قوة إسرائيلية متوغلة في بيت حانون، وأن الاشتباكات مستمرة في بيت لاهيا ونتساريم والقرارة وخان يونس. كما أعلنت مقتل 7 من الأسرى المدنيين لديها في مجزرة جباليا، من ضمنهم 3 من حملة الجوازات الأجنبية.
تصوّر “حماس” للحل
ومع خروج 650 شخصًا من حمَلة الجوازات الأجنبية من غزة عبر معبر رفح، قال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية إنّ “حماس قدمت تصورًا شاملًا للحل يبدأ بوقف العدوان وفتح المعابر وإبرام صفقة لتبادل الأسرى”، موضحًا أنّ “الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فشلت في تحقيق أي من وعودها”، ومؤكدًا أنّ “الاحتلال سيتكلف كثيرا حتى يدرك خطأه بما في ذلك حياة عدد من أسراه لدينا”.
ولفت هنية، في كلمة مصوّرة، إلى أنّ “صمود شعبنا أفشل مخططات العدو لنكبة جديدة”، مشددًا على أن “كتائب القسام تتصدى للاحتلال بكل بسالة وشجاعة تستحقان كل تقدير”. وحيّا “كل جبهات المقاومة في لبنان والعراق واليمن وسوريا على مواقفها المتقدمة ونضالها المشروع”.
في الإطار نفسه، شدد المرشد الأعلى في ايران علي خامنئي، على أن “المعركة القائمة حاليا ليست معركة بين غزة واسرائيل، انما معركة بين الحق والباطل وبين الاستكبار والايمان”، مؤكدا ان “على الدول الإسلامية المطالبة بوقف فوري للجرائم الاسرائيلية في القطاع”.
الحرب في الجنوب
من جهة ثانية، توترت الاوضاع بعد الظهر على الحدود الجنوبية اثر استهداف “حزب الله” موقعين للجيش الإسرائيلي في المالكية والبياض مقابل عيترون وبليدا، فرد الجيش الاسرائيلي بقصف أطراف البلدتين بالقذائف الفوسفورية والانشطارية. واشار الجيش الإسرائيلي الى ان قواته هاجمت خلية حاولت إطلاق صواريخ مضادة للدبابات على الحدود اللبنانية، فيما أعلن الاعلام الإسرائيلي عن إطلاق صاروخ مضاد للدروع على جبال “راميم” في الجليل الأعلى رد عليه الجيش الإسرائيلي بنيران المدفعية. ولاحقا، توسّع القصف المدفعي الإسرائيلي إلى خراج بيت ليف وأطراف بلدتي رامية وعيتا الشعب.
وفي حين كانت التقديرات تشير قبل زيادة إسرائيل منسوب توغلها البري في غزة إلى أن “حزب الله” سيرفع وتيرة عملياته، وإن ضمن الضوابط التي لا تستدرج اسرائيل لشنّ حرب على لبنان، وذلك في ملاقاة الإطلالة المنتظَرة لأمينه العام السيد حسن نصر الله الجمعة، فإنّ القلق تَعاظَمَ في بيروت من احتمالات انقطاع “الحبل الرفيع” الذي تسيرُ عليه البلاد فوق البركان المتفجّر في غزة والمنطقة.
واشنطن وباريس وطهران
وهذه التطوّرات المتفجّرة ستكون محور لقاءات كل من مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف، ووزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو في بيروت، وهما سيؤكدان مخاطر تمدُّد الحرب إلى لبنان، وهو ما كان حذّر منه في مواقف بارزة الوزير السابق وليد جنبلاط الذي كشف أن وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أبلغت الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي خلال زيارتها لبيروت أنَّ “ما من منطقة لبنانية ستَخرج سالمة” بحال انجرّت البلاد إلى الحرب.
ووسط طوفان المخاطر التي تتهدّد لبنان تدريجياً، يزور بيروت أيضًا قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني اسماعيل قآني، للمرة الأولى منذ بدء حرب غزة.
وتزامناً مع وصول قآني، وزّع الإعلام الحربي في «حزب الله» رسماً يُبيّن حصيلة العمليات العسكرية ضدّ المواقع الإسرائيلية الحدودية في جنوب لبنان منذ 8 تشرين الأول، وحتى اليوم. وتُظهر الأرقام أنّ العمليات قُبالة الحدود الجنوبية أسفرت عن مقتل أو جرح 120 جنديّاً إسرائيليّاً وتدمير 9 دبابات وإسقاط مسيّرة إسرائيلية. كما أعلن “الحزب” تنفيذ 105 هجمات طاولت منظومات استخبارات واتصالات وأنظمة تشويش و33 راداراً.
تحذير أميركي
على صعيد آخر، وبالتزامن مع بدء جلسة مجلس الوزراء عند العاشرة صباحا في السراي الحكومي، أشار الجيش الاسرائيلي الى انه يقوم بمراقبة الوضع على حدوده الشمالية مع لبنان، وهو مستعد لأي سيناريو. هذا وأشارت الخارجية الأميركية إلى أن واشنطن أرسلت رسالة إلى “حزب الله” والأطراف الفاعلة مفادها أنه لا ينبغي لهم الدخول في الصراع. أمّا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن فقال: “إذا هاجم حزب الله إسرائيل من الشمال فسيكون ذلك تصعيدا سيدفع إسرائيل إلى الحرب على جبهتين ويجب محاسبة إيران على ما تقوم به”.
من جهته، لفت ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء الى وجود سباق بين وقف إطلاق النار وتفلّت الأمور. وقال: “كفانا حروباً في لبنان، نحن مع خيار السلام أما قرار الحرب فهو بيد إسرائيل، ونحن واجبنا ان نلتقي ونتحاور للوصول الى حلّ وطني جامع، وحكومتنا تتحمل مسؤولية وطنية في ظروف إستثنائية دقيقة، ونحن نقوم بواجبنا وبعملنا الدستوري ونحرص على إبقاء لبنان حاضراً في المحافل الدولية ليقول كلمته”.
هذا وانضم الأردن الى الدول الخائفة على رعاياها في لبنان، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، أنه “حرصاً على سلامة المواطنين الأردنيين في الخارج، ونظراً للظروف الاستثنائية التي تشهدها المنطقة بشكل عام، تنصح الوزارة المواطنين الأردنيين بتجنب السفر إلى الجمهورية اللبنانية الشقيقة، خلال هذه الفترة، إلا للضرورة القصوى”.