
حصاد اليوم: مجزرة عيناتا ترسم قواعد اشتباك جديدة: “الحزب” يقصف حيفا للمرة الأولى منذ 2006
يومًا بعد يوم ترتفع درجة حرارة الحرب في الجنوب لتقترب تدريجًا من مرحلة الغليان الذي يطيح بقواعد الاشتباك وبجميع القواعد الأخرى التي تضرب اسرائيل بها عرض الحائط في حربها على قطاع غزة. فقد ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي مساءً أن “حزب الله” قصف شمال حيفا للمرة الأولى منذ 2006 بالتزامن مع اتساع رقعة الاشتباكات في المنطقة الحدودية، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن نحو 30 صاروخًا أطلِقت من لبنان نحو إسرائيل في رشقة واحدة وتم الرد على مصادر النيران. كما أعلنت كتائب القسام- لبنان، بالتزامن، أنها قصفت نهاريا وجنوب حيفا ب16 صاروخاً رداً على الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد قصف صباحًا أطراف بلدة الناقورة بخمس قذائف مدفعية، كما استهدف أطراف اللبونة. وبعد الظهر، سمعت أصوات انفجارات في القطاع الغربي ودوّت صفارات الإنذار في افيفيم والمالكية في الجليل الأعلى. واستهدف قصف مدفعي إسرائيلي أيضًا أطراف بلدة مروحين والمنطقة الواقعة بين بيت ليف ورامية في القطاع الغربي من جنوب لبنان.
وفي المقابل، اعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق حوالى 14 صاروخاً وقذيفة من لبنان باتجاه مواقع للجيش الإسرائيلي عند الشريط الحدودي. واشارت الى ان القبة الحديدية حاولت التصدّي لصواريخ أُطلقت من لبنان باتجاه الجليل الغربي وشمال حيفا. كما سجل تحليق طائرة استطلاع اسرائيلية في اجواء القطاع الغربي لا سيما في مناطق اللبونة – الناقورة وعلما الشعب والضهيرة وصولا الى أجواء بلدتي رامية ومروحين.
شكوى الى مجلس الأمن
وكانت أنباء قد أفادت بأن الجيش الإسرائيلي طلب من سكان الجليل الأعلى التزام الملاجئ خشية وجود حادث أمني، وذلك بعد اقدام إسرائيل على استهداف مدنيين لبنانيين على دفعتين، الأولى عبر استهداف سيارة اسعاف لكشافة الرسالة وجرح أربعة مسعفين، والثانية عبر استهداف سيارة مدنية مما أدى الى ارتكاب جريمة جماعية بحق عائلة فاستشهد أربعة من افرادها ثلاث فتيات مع جدتهن. هذا التصعيد الإسرائيلي في استهداف مدنيين شكّل عامل اثارة للقلق من التسبب بتوسيع المواجهات، اذ بدا واضحا ان “حزب الله” سيرد في أي لحظة على هذا التطور الذي اعتبره خروجا خطيرا على قواعد الاشتباك. وقد أثارت الجريمة الإسرائيلية موجة استنكار وإدانة واسعة على المستويين الرسمي والشعبي في لبنان. وقال وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بعد تقديم شكوى الى مجلس الامن الدولي: “إنها جريمة حرب تعكس بوضوح سياسة اسرائيل بإستهداف العائلات والاطفال والمسعفين والصحافيين عمدا”. وفي الإطار نفسه، قال الناطق الرسمي بإسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي: “إن احتمال خروج التصعيد عن نطاق السيطرة واضح، ويجب إيقافه”. واضاف: “نذكّر جميع الأطراف المعنية بأن الهجمات ضد المدنيين تشكل انتهاكاً للقانون الدولي وقد ترقى إلى مستوى جرائم حرب. ونحض الجميع على وقف إطلاق النار الآن، لمنع تعرّض المزيد من الناس للأذى”.
تحرك ميقاتي
ووسط هذه الأجواء، مضى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في استكمال تحركه الديبلوماسي الخارجي الكثيف الذي سيتوّجه بحضور القمة الإسلامية الطارئة الأحد المقبل في الرياض. وفي سياق هذا التحرك الهادف الى الانضمام الى المساعي الهادفة لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة وحماية لبنان من تمدد الحرب اليه، التقى ميقاتي ملك الأردن عبدالله الثاني ونقل عنه “ضرورة تكثيف الجهود الدولية لوقف الحرب على غزة ومنع توسع دائرة الصراع في الإقليم”. وتناول اللقاء الأوضاع في لبنان، إذ أكد الملك عبدالله “دعم الأردن لجهود الأشقاء اللبنانيين في تعزيز استقرارهم”.
الراعي: المطلوب رئيس
على المستوى الداخلي، أعاد البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الراعي تصويب البوصلة عبر تحديد الأولويات الضرورية لأي حل. وقال الراعي خلال افتتاحه دورة مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، في حضور السفير البابوي باولو بورجيا والمطارنة والرؤساء العامّين والرئيسات العامات: “ان لبنان يعاني من أزمة سياسية حادّة حرمته من رئيس منذ سنة، من دون أيّ مبرّر، وهو مخالفة متعمِّدة للدستور. ويا ليتنا نعرف لماذا؟ بل نعرف أمرًا واحدًا وهو أنّ أوصال الدولة تتفكّك، والأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية تتفاقم، وشعبنا يفتقر، وخيرة قوانا الحيّة تهاجر، وعدد النازحين السوريّين يتزايد يومًا بعد يوم بالوافدين وبالمولودين”.
ودعا الراعي المسؤولين في الدولة اللبنانية “للعمل على تحييد لبنان عن ويلات هذه الحرب”، مشددا على ان “الأمل يبقى في الجيش اللبنانيّ المؤتمن مع القوّات الدوليّة على الأمن في الجنوب والحدود وسائر المناطق اللبنانيّة”، مؤكدًا ضرورة “تحصينه والوقوف إلى جانبه وعدم المسّ بقيادته حتى إنتخاب رئيس للجمهوريّة. فالمؤسّسة العسكريّة اليوم هي أمام استحقاق مصيريّ يهدّد أمن البلاد. وليس من مصلحة الدولة اليوم إجراء أي تعديلات في القيادة. بل المطلوب بإلحاح انتخاب رئيس للجمهوريّة، فتسلم جميع المؤسّسات”.
كلام معيب
وكان الراعي قد تحدث في عظته الأولى الأحد بعد عودته من روما عن بداية السنة الثانية من الفراغ الرئاسي “وما من كلام جدّي عند احد بشأن إجراء انتخاب للرئيس. وكأنّ الفراغ مقصود من أجل المضيّ في تفكيك مؤسّسات الدولة، والتلاعب في موظّفيها، وتنفيذ الزبائنيّة في إداراتها”. وقال: “يجب، مهما كلّف الأمر، انتخاب رئيس للبلاد وحماية المؤسّسات، بدلًا من التخطيط لإسقاط هذا أو ذاك، أو التلاعب في القيّمين على هذه المؤسّسة أو تلك. ومن المعيب حقًا أن نسمع كلامًا عن إسقاط قائد الجيش في أدقّ مرحلة من حياة لبنان وأمنه واستقراره وتعاطيه مع الدول. مثل هذا الكلام يحطّ من عزيمة مؤسّسة الجيش التي تحتاج إلى مزيد من المساعدة والتشجيع والإصطفاف حولها”.