
خاص – خسائر طوفان غزة بموضوعية
مع نهاية الشهر الثاني لمعركة غزة أو ما هو متعارف عليه طوفان الاقصى ، من الموضوعية مع كل هذا الضجيج والصخب الذي يرافق هذه المعركة من قبل المحللين السياسيين والخبراء من كل الاختصاصات ان نقف للحديث عن نتائج هذه المعركة لغاية اليوم سواء على كل القطاعات الاقتصادية ، او على كل الدول التي تعتبر نفسها طرف بهذه المعركة وخاصة تلك الدول التي لها حدود مباشرة مع الكيان الاسرائيلي .
لقد كان لطوفان غزة أهداف سياسة واقتصادية بنظر الاطراف المشتركة بهذه الحرب تستحق التضحية بالكثير من الخسائر الاقتصادية لتحقيق هذه الاهداف ، لن ندخل في تفاصيل هذه الاهداف فقد تحدثنا وكتبنا عنها وخاصة عن منابع الغاز ، الممر الهندي ، وقناة بن غوريون كأهداف اقتصادية للكيان المؤقت ، أو ترحيل الشعب الفلسطيني من الضفة والقطاع الى مصر والاردن كأهداف سياسية للوصول الى مرحلة الدولة اليهودية الصافية .
بالعودة الى النتائج الاقتصادية وكما اسلفنا لقد كان لهذه المعركة أثار أقتصادية على كل الدول التي تجاور فلسطسن المحتلة ومنها الكيان نفسه ، قطاع غزة والضفة الغربية ، لبنان ، الاردن ، ومصر بالتأكيد .
خسائر الكيان الاسرائيلي :
تناول الكثير من المحللين الخسائر الاقتصادية للكيان المؤقت وسنحاول باختصار الحديث عن أبرز هذه الخسائر حتى لا نطيل الشرح ، من أبرز هذه الخسائر ما يلي :
– على مستوى الاقتصاد الكلي يبلغ الناتج القومي الاسرائيلي وفقا” لاحصاءات البنك الدولي حوالي 520 مليار دولار أميريكي ، هذا الاقتصاد تضرر بشكل نسبي يتجاوز 11 بالمئة من قيمة الناتج يوميا” وفقا” لجي بي مورغان في الربع الرابع من العام الحالي بعد ان تم دعوة الاحتياط وهم يمثلون حوالي عشرة بالمئة من اليد العاملة في اسرائيل ، هذا يجعل الخسائر خلال الربع الرابع حوالي 14.3 مليار دولار أميريكي .
– على مستوى القطاع السياحي فقد استطاع الكيان تحقيق 7.7 مليار دولار العام الماضي ايرادات من القطاع السياحي ، وقد ضرب هذا القطاع بنسبة تزيد عن 80 بالمئة وفقا” لاقل التقديرات اي ما يعادل 6.16 مليار دولار .
– على مستوى التعويضات من المقدر ان تبلغ التعويضات التي يطالب بها النازحين الاسرائيليين وفقا” لاخر احصاءات حوالي 7 مليار دولار مع ازدياد عدد طلبات المتضررين والعاطلين عن العمل .
– على مستوى قطاع النقل الجوي اضطرت الحكومة الاسرائيلية تقديم ضمانات تأمينية بقيمة 6 مليار دولار لتأمين الحد الادنى من خدمات النقل الجوي في مطار بن غوريون لمصلحة المستوطنين .
– على مستوى انتاج الغاز تم توقيف العمل في حقل تمار والذي كان يوزود بشكل اساسي وبمعدل 70 بالمئة معامل الكهرباء في الكيان مما اضطرت معه اسرائيل الى وقف عمليات التصدير الى مصر من حقل ليفيثان وحرمها من ايرادات يومية تزيد عن 10 مليون دولار ، اي ما يعادل 600 مليون دولار خلال الشهرين الماضيين .
– على مستوى القطاع الزراعي فأن اسرائيل تعتمد بسنبة تزيد عن 30 بالمئة من الخضار ، الفاكهة ، ومنتجات الالبان والاجبان ولحوم الدجاج على المزارع المنتشرة في غلاف غزة وشمال الكيان على الحدود اللبنانية ، بالتالي فأن الخسائر وفقا” لهذه التقديرات واذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان القطاع الزراعي يمثل حوالي 3 بالمئة من حجم الاقتصاد اي ما يعادل 15.6 مليار دولار ، فأن حجم الخسائر يمكن ان تصل الى حدود 4.68 مليار دولار في هذا القطاع اذا استمرت هذه الحرب لفترة اطول .
– على مستوى القطاع المصرفي هذا القطاع وفق تصريحات القطاع المصرفي نفسه خسر اكثر من عشرين بالمئة من قيمته السوقية في بورصة تلابيب بقيمة تتجاوز العشرين مليار دولار .
– على مسنوى احتياطي العملات الصعبة فقد خسر المصرف المركزي الاسرائيلي حوالي ربع ما يملك من احتياطيات من العملات الصعبة والتي كانت تقدر بحوالي 193 مليار دولار قبل الحرب مما يعني خسارة ما لا يقل عن 48 مليار دولار تم استعمال معظمها لتغطية السحوبات والتحويلات للخارج ولحماية الشيكل من التدهور في قيمته .
– خسائر الفرص الضائعة يمكن ان تبلغ وفق قاعدة الانخفاض في حجم الناتج القومي وعلى اساس نسبة 2 بالمئة وهي النسبة التي انخفض فيه معدل النمو في حجم الاقتصاد اي ما يعادل 10.4 مليار دولار وعلى مدى عشر سنوات يعني خسائر في الاقتصاد ووفق معدلات الفائدة المعتمدة من قبل المصرف المركزي الاسرائيلي وهي 4.75 بالمئة فهي ستبلغ حوالي 218 مليار دولار .
– من كل ما تقدم يبلغ مجموع الخسائر حوالي 324 مليار دولار .
يبقى القول بأن تضرر تجارة البحر الاحمر الاسرائيلية كانت ولا زالت هي الاكثر ايلاما” فقد أسهمت هجمات الحوثيين ، التي تستهدف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، في زيادة المخاطر المحتملة التي من شأنها أن تترك آثاراً تجارية واقتصادية على الكيان . ولأن إسرائيل لا تمارس أي تجارة عن طريق البر ، كما تفعل أوروبا على سبيل المثال ، فإنها تعتمد بشكل كبير على موانيها البحرية التي يمر عبرها أكثر من 98% من تجارة البضائع الإسرائيلية ، حسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية. بحلول عام 2019 ، جرى تفريغ ما يقرب من 278 ألف حاوية قادمة من آسيا في مواني أسدود وحيفا ، بينما بلغ العدد من أوروبا الغربية نحو 260 ألف حاوية ، وفقاً لما نقلته هآرتس.
وفقاً لموقع Globes الإسرائيلي، تسببت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في ارتفاع أسعار النقل من الصين إلى إسرائيل خلال أسبوع بنسبة تتراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين من تشرين الأول . واعترف يهودا ليفين ، رئيس قسم الأبحاث في شركة Freightos للتكنولوجيا الفائقة ، وهي منصة رقمية لإدارة الشحن باستخدام سفن الشحن والطائرات والشاحنات التي تسمح للمستوردين والمصدّرين بمقارنة أسعار الشحن في الوقت الفعلي، بزيادة أسعار الشحن للسفن المغادرة والداخلة مواني إسرائيل من الصين بعد الحرب.
خسائر الاقتصاد الفلسطيني :
تركت الحرب الإسرائيلية آثاراً مدمّرة على الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية التي تعاني بالاساس من سياسات الإغلاق المستمرة ، وقد كشف الجهاز المركزي للإحصاء في فلسطين، عن حجم الخسائر الاقتصادية التي تعرض إليها قطاع غزة تحت وطأة الحرب منذ يوم السابع من شهر تشرين الأول الماضي . ووفق البيانات التي أوردها مدير الإحصاءات في الجهاز المركزي للإحصاء، محمد قلالوة، فإن قيمة الخسائر الاقتصادية “المباشرة” بلغت 700 مليون دولار في الشهر الأول من الحرب.
قبل الحرب، كانت نسبة البطالة في غزة تبلغ 46%، بينما 80% من السكان يتلقون مساعدات إنسانية ، في حين لم يتم بناء 80% من المباني التي دمرت في حرب عام 2014 حتى عشية الحرب الأخيرة قبل شهر من الآن. كما قالت منظمة العمل الدولية، إن سوقي الضفة الغربية وقطاع غزة فقدتا معاً 147 ألف وظيفة في القطاع الخاص علاوة على توقف 56 الف منشأة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع في 7 تشرين الأول الماضي. وذكرت المنشأة منظمة في تقرير إن تقديراتها تؤشر إلى فقدان ما لا يقل عن 61% من فرص العمل في غزة ، أي ما يعادل 182 ألف وظيفة منذ بداية الحرب المتواصلة في القطاعين العام والخاص .
وبلغ إجمالي عدد العاملين في فلسطين (الضفة الغربية وغزة) حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري 1.15 مليون فرد، بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. ويعني ذلك اذا ما أضفنا حجم فقدان الوظائف في الضفة الغربية فأن ثلث العاملين في السوق الفلسطينية فقدوا أعمالهم بشكل كلي أو جزئي منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وهذا يعني خسائر يومية في دخل العمل تبلغ 16 مليون دولار أمريكي ، وخسائر في الاقتصاد الفلسطيني بنحو 25 مليون دولار يوميا منذ بدء المواجهة العسكرية الحالية الدائرة في قطاع غزة في السابع من تشرين اول الجاري. وطبقاً لمدير الإحصاءات الفلسطيني، فإن التوقعات تشير إلى ارتفاع معدلات الفقر في قطاع غزة إلى نسبة تصل إلى 90%، مع زيادة معدلات البطالة إلى 65%. وكشف عن أن معدل التضخم بلغ 12%.
وكان تقرير سابق لكل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا، قد حذر من أنه إذا استمرت الحرب لشهرٍ ثالث، فمن المرجح زيادة عدد الفقراء بأكثر من 660 ألف شخص، لتصل معدلات الفقر بذلك إلى 45% في فلسطين، بينما ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12.2% لتصل الخسائر الإجمالية إلى 2.5 مليار دولار.
كما لجأت اسرائيل الى تجميد مستحقات السلطة الفلسطينية من أموال الضرائب والرسوم ، ففي 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجَّه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بتجميد أموال المقاصة الفلسطينية، بسبب ما وصفه عدم إدانة السلطة عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة. وتجمع إسرائيل الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية مقابل واردات الفلسطينيين على السلع المستوردة، وتحول الأموال إليها شهرياً، بمتوسط 750 مليون شيكل (190 مليون دولار) .
اما بالنسبة للأضرار المادية التي تكبدها قطاع غزة نتيجة الحرب فكانت على الشكل التالي :
– 220 الف وحدة سكنية تضررت بشكل جزئي
– 40 الف وحدة سكنية تدمير كامل
– 220 مدرسة متضررة
– 60 مدرسة خرجت من الخدمة
– 55 مسجد تدمير كلي
– 88 مقر حكومي تدمير كامل
– 3 كنائس متضررة
– 1.5 مليون نازح
كما كانت تشير التوقعات إلى أن الاقتصاد سيحقق نموا خلال الفترة المقبلة بنسبة 3 % ولكن مع التطورات الحالية في غزة سيكون هناك تراجع وعجز 0.3 بالمئة.
خسائر الاقتصاد اللبناني :
ما يحصل اليوم على الحدود اللبنانية انعكس على معظم القطاعات الاقتصادية في لبنان ، لتؤثر بشكل سلبي على اقتصاد البلاد المتأزم من نحو 4 سنوات . وكما كانت لهذه الحرب تأثيراتها الاقتصادية على العدو كذلك من الطبيعي ان يكون لها تأثيراتها على الاقتصاد اللبناني ، وأبرز هذه التأثيرات :
– سجل قطاع المطاعم إنكماشاً كبيراً حيث تراجع حجم الأعمال بين 20 و 30 بالمئة.
– سجل قطاع الفنادق تراجعاً حيث تقدر نسبة الأشغال حالياً بين 10 و20 بالمئة .
– قطاع الفعاليات والمؤتمرات سجل إلغاء معظم الحجوزات والنشاطات والمؤتمرات.
– قطاع تأجير السيارات سجل تراجعاً فاقت نسبته الـ 60 بالمئة.
– القطاع الصناعي سجل تراجعاً بنسبة تراوحت بين 10 و 15 بالمئة.
– القطاع التجاري شهد طلباً على المواد الغذائية والمواد الضرورية اليومية، نتيجة توجه مستهلكين للتخزين. أما بالنسبة للسلع الأخرى والكماليات، فقد سجلت انخفاضاً بنسبة تتراوح بين 50 و70 في المئة.
– حركة السفر عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت سجلت انخفاضاً بحركة الوصول بلغت نسبته 33 بالمئة في الأيام العشرة الأخيرة، أما حركة المغادرة فارتفعت بنسبة 28 بالمئة.
– قطاع النقل البحري عبر مرفأ بيروت، سجل انخفاضاً في حجوزات بضائع الاستيراد الجديدة غير النفطية، إضافة إلى تعليق بعض عقود التصدير بفعل قلق المستوردين.
– قطاع التأمين شهد إنكمشاً بالنسبة لبوالص التأمين على البضائع (استيراد وتصدير)، إضافة الى توقف الزبائن عن تسديد الأقساط للشركات، نتيجة توجه الناس نحو الحفاظ على السيولة.
ويبقى القول ان تأثير هذه الحرب أيضا” طالت مصر والاردن التين لديها مصالح مشتركة سواء مع الفلسطينيين من خلال الضفة والقطاع ، او مع الكيان الاسرائيلي من خلال الاتفاقات المعقودة معهم ولا سيما في موضوع الطاقة .