خاص – ازمة الديون العالمية والمخاطر القادمة

خاص – ازمة الديون العالمية والمخاطر القادمة

الكاتب: د. عماد عكوش | المصدر: Beirut24
15 شباط 2024

ارتفعت الديون العالمية إلى مستويات قياسية ، ووفقًا لأحدث تقرير من معهد التمويل الدولي ، فقد بلغ حجم الديون العالمية كما في نهاية كانون الأول 2023 نحو 307 تريليونات دولار، وهو ما يشكل ارتفاعا كبيرا بما لا يقل عن 10 تريليونات دولار عن أرقام العام الماضي . وقال التقرير إن نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ الآن نحو 336% ، ارتفاعا من 334% في الربع الرابع من عام 2022 . وشهدت النسبة انخفاضا لـ7 أرباع متتالية ، قبل أن تستأنف مسارها التصاعدي في النصف الأول من عام 2023 . ويشمل هذا الارتفاع ، وفقا للتقرير ، الاقتراض من قبل الحكومات والشركات والأسر، مما يشكل تهديدا مخيفا لكل من الدول المتقدمة والنامية.
هنا نشير الى ان البنك الدولي أشار في أحدث عدد يصدره من “تقرير الديون الدولية” إن البلدان النامية أنفقت مستوى قياسي بلغ 443.5 مليار دولار لخدمة ديونها العامة الخارجية والمضمونة من الحكومة في عام 2022 ، في قفزة لم تشهدها أسعار الفائدة العالمية على مدى أربعة عقود ، وأضاف أن ارتفاع معدلات الفوائد عالميا” وبالتالي تكاليف هذه الديون أدى إلى تراجع حجم الانفاق على الاحتياجات الحيوية مثل الصحة والتعليم والبيئة لدى هذه الدول . وأن البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي والتي تساند أشد البلدان فقرا وعددها 75 بلدًا دفعت 88.9 مليار دولار من تكاليف خدمة الدين في عام 2022 اي ما نسبته 20 بالمئة من اجمالي الفوائد العالمية . كما أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى تفاقم المخاطر المتعلقة بالدين في جميع البلدان ولا سيما منها البلدان النامية ، ففي السنوات الثلاث الماضية وحدها ، تخلف 18 بلدًا ناميًا عن سداد ديونه السيادية وهو عدد أكبر من العدد المسجل في العقدين الماضيين معًا. واليوم، فإن نحو 60% من البلدان منخفضة الدخل في خطر كبير يهدد ببلوغها مرحلة المديونية الحرجة .
ومع ارتفاع تكاليف خدمة الدين ، أصبحت خيارات التمويل الجديدة المتاحة للبلدان النامية ضئيلة . ففي عام 2022 انخفضت ارتباطات القروض الخارجية الجديدة للهيئات والمؤسسات العامة وتلك المضمونة من الحكومة في هذه البلدان بنسبة 23% لتصل إلى 371 مليار دولار ، وهو أدنى مستوى منذ عشر سنوات. وأحجم الدائنون من القطاع الخاص وبنسبة كبيرة عن المشاركة في إقراض البلدان النامية .
كما يؤكد البنك الدولي على محنة الدول النامية ، خاصة الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط إزاء تضخم الديون ، وقال البنك الدولي إن هذا أدى إلى تكثيف نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. كما أن معدلات المديونية العالية ومستويات الديون المرتفعة تزيد من أعباء الحكومات ، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة الضغوط على الديون المحلية ، هذا ومن الممكن أن ترتفع تكاليف خدمة الديون الإجمالية لأفقر 24 دولة في عامي 2023 و2024 بنسبة تصل إلى 39%.
ويحث تقرير معهد التمويل الدولي على اتخاذ إجراءات فورية ومنسقة لمنع أزمة كاملة يمكن ان تهدد الاقتصاد العالمي ككل ، كما يشير التقرير إلى ضرورة الإجراءات الشفافة ، وتحسين أدوات استدامة الديون ، وتسريع إجراءات إعادة الهيكلة لتجنب كارثة اقتصادية محتملة . وتبرز الشفافية المحسّنة للديون وممارسات الاقتراض المستدام بوصفها متطلبات أساسية لإدارة الديون الفعّالة . ويشدد البنك الدولي على ضرورة تصدير البيانات الواضحة لتوجيه جهود إعادة هيكلة الديون وضمان الاستقرار الاقتصادي والنمو.
هذا وتوقع الاقتصادي Arthur Laffer ، أن يشهد العالم أزمة ديون عالمية ستمتدّ لـ 10 سنوات ، مما سيدفع 100 دولة على خفض الإنفاق على البنية التحتية في قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية ، هذا الامر اذا ما حصل فانه بالتأكيد سيكون له أثر سلبي جدا” على أسواق المال والبورصات العالمية ، ويمكن ان نشهد الكثير من حالات الافلاس خاصة في القطاعين العقاري والمصرفي . لذلك تتطلب خطورة الوضع القائم التزاما عالميا للحد من المخاطر الاقتصادية المحتملة، مما يضمن توجيه الموارد الحيوية نحو القطاعات الأساسية للنمو الشامل والمستدام .