الفدرالية: الناخب الأول في استحقاق 2026

الفدرالية: الناخب الأول في استحقاق 2026

الكاتب: أسعد بشارة | المصدر: نداء الوطن
29 آذار 2024

حققت بعض القوى المسيحية في قانون الانتخاب الحالي، مجموعة من الأهداف منها صحة التمثيل، فتضخّمت الكتل النيابة وتقلّص التأثير السياسي، والأدهى أنّ سلطة القرار بقيت مخطوفة من قوة الأمر الواقع، بحيث بات المشهد يشي بالخلاصة الآتية: اربحوا الانتخابات قدر ما تشاؤون، لكن في النهاية المفتاح بيد مشروع السلاح.

يتعمّق الهاجس المسيحي إزاء الواقع الحالي، المستمر منذ عشرات السنوات. الاضمحلال والضمور في الحضور، لا يقاس بما بات بحكم المؤكد: هناك دويلة تسيطر على الدولة، وهناك تركيبة لشعب بهويات مختلفة، لا يجمع بينها، إلا التناقضات التي تولد الأحقاد، حتى يكاد تعريف هذا الشعب، بأنه شعب واحد، يتحول إلى ضرب من التهريج السياسي الفاقد لأي معنى باستثناء رومانسية عابرة ومتوارثة، تتحطم كل يوم على صخرة الحقائق القاسية، التي بني عليها لبنان الكبير.

أما في واقع المكونات الأخرى فالوضع ليس أفضل بكثير. حطمت الدويلة الزعامة السنية، واستدرجتها إلى تسويات استنزفت كل إنجازات انتفاضة الاستقلال، وتم اغتيال رموز قادرين على تأمين التوازن، فانتهى الحال إلى فراغ كبير، تسعى بعض القيادات إلى ملئه، من دون أن تتوفر لها أدوات المواجهة.

المكون الدرزي، كان أيضاً وما زال، على موعد مع انكفاء طوعي من دون أفق. الزعامة الجنبلاطية تراقب عن بعد مسار الأحداث في المنطقة، وتتجنب الاقتراب من فوهة البندقية، وفي الذهن أحداث السابع من أيار، ومحطات تملي على وليد جنبلاط، أن يجلس في مقاعد الانتظار، وأن يُجنب منطقته وطائفته خسائر لا طائل منها، ولن تنفع محاولات البعض لجذب جنبلاط إلى بريستول وطني جديد، كما سعى الدكتور فارس سعيد حديثاً، في جلسة طويلة في كليمنصو.

الخطاب الفدرالي في أوجّه، ويتسابق اليه أفرقاء مسيحيون، ولم يعد يحظى بمعارضة سنية شرسة. هو في حقيقته سعي للانفصال عن دويلة المتاعب، التي تربط لبنان ككيان موحد بمصلحة إيران، وتخضعه لها، بعد أن تعطي لهذا الخضوع صفة المقاومة والممانعة.

كشفت مشاركة «حزب الله» في حرب المساندة، أنّ سلاحه يلعب دور الأداة الإيرانية بامتياز، وهذا ما أدى إلى استفاقة مفاجئة لدى بعض حلفائه المسيحيين، الذين سبق أن ناموا في عسل وثيقة التفاهم، ليستفيقوا على واقع أنّ مفهوم ارتباط السلاح بالدفاع عن لبنان، هو مجرد طعم تمّ اصطيادهم به، بأبخس وسائل الإقناع.

في البيئة المسيحية تحضير لخوض انتخابات 2026، استناداً إلى برنامج واضح ينادي بالفدرالية، ذلك بغض النظر عن الاسم الذي سيعطى لهذا البرنامج، سواء كان لامركزية ضيقة أو موسعة. هذا العنوان بات قناعة راسخة، وقد لعب «حزب الله» دوراً أساسياً في تبنيها، ولن ينفع تهديد جيشه الالكتروني لبقية الفئات اللبنانية، التي يتم التهويل عليها، بالرحيل إذا لم تتقبل الأمر الواقع.