تسريب موعد امتحانات “الثانوي”: ذريعة لاعتماد المواد الاختيارية؟

تسريب موعد امتحانات “الثانوي”: ذريعة لاعتماد المواد الاختيارية؟

الكاتب: وليد حسين | المصدر: المدن
20 نيسان 2024
بعيداً من أن امتحانات صف البروفيه (تقرر كامتحان وطني يجرى في المدرسة) ستكون بمثابة دعاية مجانية للمدارس السيئة السمعة، التي ستستغلها لرفع مستوى طلابها، طالما أن لا رقابة عليها، يبدو أن وزارة التربية تعيش تخبطاً كبيراً بما يتعلق بكيفية إجراء الامتحانات الرسمية لشهادة الثانوية العامة. فرغم عدم وجود قرار رسمي يحدد موعد إجراء الامتحانات، سارع المدير العام للوزارة إلى التسريب لإحدى المحطات بأن موعد الامتحانات سيكون قبل عيد الأضحى، وفي مطلع شهر حزيران. فارتفعت صرخة أهالي الطلاب والأساتذة، لا سيما أن المدير العام أعلن أن لا مواد اختيارية لصفوف هذه الشهادة. ما انعكس قلقاً عند أهالي نظراً لضيق الوقت أمام أبنائهم لإنهاء كل المواد، في هذا الوقت الذي يعتبرونه قليلاً، إذ لم يتبق أمامهم إلا نحو أربعين يوماً لموعد الامتحان.
المدارس لم تنه المناهج بعد
في السابق، كانت مواعيد وبرامج الامتحانات تحدد بقرارات رسمية في مطلع شهر آذار، فيستعد الطلاب والمدارس للامتحان خلال مدة تمتد لثلاثة أشهر. تنهي المدارس برامجها في شهر أيار، ويكون أمام الطلاب أكثر من شهر للمراجعة. أما اليوم، فلم يحدد وزير التربية عباس الحلبي موعد الامتحانات، وكانت التصريحات والتسريبات المتسرعة بمثابة إبلاغ أهالي الطلاب أنها ستكون قبل عيد الأضحى.
ووفق ما يؤكد أكثر من مصدر في التعليم الرسمي والخاص، حتى المدارس الخاصة لم تنه المنهاج بعد، وبالتالي سارعت إلى “سلق” الدروس، فيما المدارس الرسمية تحتاج إلى نحو شهر لإنهاء المنهاج. ما يعني أنه لن يكون أمام جزء كبير من الطلاب متسع من الوقت لإجراء الامتحان في مطلع حزيران. وزد على ذلك أنه في “أيام العز” ومن دون أي أزمة، كانت الامتحانات تحدد في نهاية حزيران ومطلع تموز. فيما اليوم، ورغم التخبط الذي تعيشه الوزارة، ورغم عدم اعتماد مواد اختيارية للطلاب، تصدر تسريبات عن تحديد موعد الامتحان في الثامن من حزيران. وتسأل المصادر: هل تحديد موعد الامتحان في بداية حزيران، إذا حصل، سيؤخذ ذريعة لاعتماد المواد الاختيارية في كل لبنان، وتضرب الشهادة الرسمية؟ وهل الاستعجال في إجراء الامتحانات يخدم هذه الغاية؟

زلة لسان وبلبلة
مصادر مطلعة في وزارة التربية، أكدت أن لا قرار في شأن موعد الامتحان بعد. وكل ما بدر عن بعض المسؤولين لا يمكن اعتباره إلا أنه زلة لسان غير موفّقة لأنها أدت إلى بلبلة. بل المرجح أن يحدد الوزير عباس الحلبي موعد الامتحان بعد عطلة الأعياد وفي نهاية شهر حزيران. والتوجه هو عدم اعتماد المواد الاختيارية، رغم المطالب الحزبية التي بدأت تتصاعد لمراعاة طلاب الجنوب.

بما يتعلق بالمواد الاختيارية (بعد اعتمادها في السنتين السابقتين) لم يتخذ القرار النهائي فيها بعد. فعندما أعلن وزير التربية منذ أكثر من شهرين أن وزارته بصدد إلغاء المواد الاختيارية في لبنان، باستثناء مناطق في الجنوب، سارع العديد من أهالي الطلاب إلى تسجيل أولادهم في مدارس في الجنوب لتقديم الامتحانات هناك. ظنوا أن التدابير الخاصة التي تعتزم الوزارة إجراءها لطلاب المناطق الحدودية ستشمل كل الجنوب. ما يعني أن الامتحان سيكون مسهلاً ويستطيع الطالب في الجنوب تحصيل علامات أعلى.

ووفق المصادر، طرحت أفكار كثيرة لحل مشكلة إقفال نحو سبعين مدرسة خاصة ورسمية (بينها نحو 16 ثانوية) وكيفية امتحان الطلاب فيها. إحدى الأفكار كانت تأجيل موعد الامتحان في هذه المناطق لمعرفة كيفية توجه الظروف الأمنية وإعطاء الطلاب المزيد من الوقت للاستعداد للامتحان. لكن هذا الأمر يضر بمصلحة الطلاب الذين سيسافرون إلى الخارج. وجل ما بدر أن الامتحانات في هذه المناطق سيكون لها “تصميم خاص” من دون أي تحديد إذا كان سيتم اعتماد المواد الاختيارية.

تقليص المناهج يراعي طلاب الجنوب
وتضيف المصادر، أن وزارة التربية ستكون أمام معضلة التمييز بين المناطق، وبين نوعية الشهادة الواحدة، في حال قررت المواد الاختيارية لمنطقة الجنوب. وبدأت الأصوات ترتفع في هذا الشأن. ففي الجنوب ستكون معدلات النجاح أعلى من باقي المناطق للامتحان عينه، لأن عدد المواد التي سيمتحن فيها الطالب بالجنوب أقل من باقي المناطق. لكن الشهادة الواحدة سيكون لها مستويين مختلفين. حتى أن بعض المدارس الخاصة في المناطق الحدودية أكدت لطلابها أنها تريد امتحانات موحدة كسائر طلاب لبنان، رافضة طروحات اعتماد المواد الاختيارية، التي تضرّ بسمعتها. أما المدارس التجارية فتفضل المواد الاختيارية لأنها تسهل الامتحان.

ووفق المصادر، تقليص الدروس، الذي قام به المركز التربوي، للمواد التي سيمتحن فيها الطلاب، أتى لمراعاة طلاب الجنوب ولتدارك الفاقد التعليمي خلال السنوات الأربع الأخيرة، جراء وباء كورونا والإضرابات في القطاع الرسمي. وأكد أكثر من مصدر، أن تقليص المناهج الذي صدر مساء أمس بشكل رسمي، يراعي الطلاب. فليس صحيح أنه لم يتم تقليص المناهج. ففي المواد العلمية الأساسية من رياضيات وكيمياء وفيزياء وبيولوجيا.. تم حذف الدروس التي لم يتأسس فيها الطلاب في صفي الأول والثاني ثانوي. وعلى سبيل المثال في الرياضيات، التي تعتبر من أصعب المواد، حذفت ثلاثة مقررات لم يتعلم الطلاب أسسها في صفي الثانوي الأول والثاني مثل géométrie dans l’espace وغيرها.

وتضيف مصادر في وزارة التربية أن طلاب المناطق الحدودية تعلموا من بعد في القطاعين العام والخاص. صحيح أنهم لم يتعلموا كسائر طلاب لبنان في الصفوف، لكن تقليص المواد يجعلهم مستعدين للامتحان. وبإمكان الوزير اعتماد امتحان واحد ومن دون مواد اختيارية في كل لبنان، وإيجاد حلول لطلاب المناطق الحدودية خلال تصحيح المسابقات، أي اعتماد “باريم” تصحيح مخفّض لهم.