
توجّه لوضع لبنان على اللائحة الرماديّة
الوضع المالي في لبنان يزداد تعقيداً، سيما مع عدم تعاون السلطات اللبنانية بجدية مع صندوق النقد والبنك الدوليين، وتجاهل بيروت في الفترة الاخيرة خطوات القضاء الفرنسي في قضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يواجه اتهامات فرنسية بقضايا احتيال مالي، مما تسبب في استلام إشارة حمراء من منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول).
هذا الامر دفع المجتمع الدولي إلى تشديد الرقابة وهذا ما كانت كشفت عنه ثلاثة مصادر لوكالة “رويتز” عن اتجاه “مجموعة العمل المالي” (FATF)، وهي هيئة حكومية دولية أنشأتها “مجموعة السبع” (G7) لتحديد البلدان المتورطة في غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى وضع لبنان على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لرقابة خاصة “بسبب ممارسات غير مرضية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب”. وكانت المصادر أشارت إلى أن القرار يبقى حالياً في دائرة الترجيح، إلا أنه يعطي مؤشرات غير محمودة. أما في حال اتخاذه، “فسيكون بمثابة ضربة كبيرة أخرى لدولة تعاني تدهوراً مالياً منذ عام 2019 وتكافح للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”، مشيرة إلى أن “العملة الوطنية فقدت أكثر من 98 في المئة من قيمتها، مما أدى إلى إغراق معظم السكان في براثن الفقر”. وذكرت المصادر ذاتها أن “قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمجموعة العمل المالي، وهو هيئة مراقبة الجرائم المالية، أجرى تقييماً أولياً لاقتصاد لبنان”، لافتة إلى أن “الدول الأعضاء ستطلع عليه هذا الأسبوع في البحرين”. وبحسب ما أفادت به قناة “أل بي سي آي” اللبنانية، فإن “لبنان منح فترة سماح مدتها سنة لإتمام معالجات مالية ونقدية ومصرفية لتفادي وضع اسمه على اللائحة الرمادية بصفة دولة غير متعاونة”. وكانت هيئة التحقيق الخاصة، وحدة الإخبار المالي اللبنانية، أصدرت بياناً أمس الجمعة، قالت فيه إنه “بالإشارة إلى البيانات والتحليلات غير المبنية على وقائع التي صدرت أخيراً بأن لبنان ربما يدرج هذا الأسبوع على اللائحة الرمادية، نفيد بأنه تمت مناقشة واعتماد تقرير التقييم المتبادل للجمهورية اللبنانية خلال اجتماعات فرق العمل والاجتماع العام الـ36 لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF) التي اختتمت أعمالها أول من أمس الخميس في مملكة البحرين”. إن اعتماد هذا التقرير يأتي نتيجة عملية طويلة امتدت 16 شهراً، تم خلالها وفي ظل ظروف صعبة، تقييم نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب اللبناني وفقاً لمنهجية مجموعة العمل المالي (FATF)المعتمدة لتقييم كل البلدان. وسيحدد تقرير لبنان الثغرات التي يجب معالجتها. كذلك، سيبين الجوانب الإيجابية في نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في لبنان، والتقييم خطوة حاسمة في استعادة الثقة بالنظام المالي اللبناني الذي يمر بحال فوضى منذ عام 2019.
وتكافح السلطات اللبنانية من أجل تنفيذ إصلاحات لتأمين اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة إنقاذ. وقالت الهيئة إن التقرير المعتمد سينشر في يونيو (حزيران) المقبل من دون الإشارة إلى أي تعديلات على المسودة. وأظهرت مسودة اطلعت عليها “رويترز” أن لبنان حقق امتثالاً جزئياً فحسب في فئات عدة، من بينها تدابير مكافحة غسل الأموال والشفافية في شأن ملكية الشركات والمساعدة القانونية المشتركة في تجميد الأصول والمصادرات.
من جهته، أكد مصدر دبلوماسي اطلع على نسخة من التقرير الأولي أن “النتيجة التراكمية لهذا التقييم تضع لبنان علامة واحدة فوق عتبة القائمة الرمادية”. وأضاف البيان “سيتوجب على لبنان اتخاذ الإجراءات التصحيحية لمعالجة الثغرات المحددة على أن يقدم لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقرير متابعة خلال عام 2024”. وخلص “صندوق النقد الدولي” في بحث عام 2021 إلى أن “إدراج لبنان على اللائحة الرمادية سيعطل التدفقات الرأسمالية على البلاد، إذ من المحتمل أن تنهي البنوك علاقاتها مع العملاء في الدول عالية الأخطار لتقليل كلف الامتثال”، وتشمل الأخطار الأخرى الضرر على سمعة البلاد وتعديل التصنيف الائتماني ووجود عقبات في الحصول على التمويلات العالمية وارتفاع كلف المعاملات.