غضب ليبي واسع بعد حديث عن سجن هانيبال القذافي «تحت الأرض»

غضب ليبي واسع بعد حديث عن سجن هانيبال القذافي «تحت الأرض»

المصدر: الشرق الاوسط
29 نيسان 2024

تصاعدت حدة الغضب في ليبيا إثر تداول تصريح لهانيبال، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، يشتكي فيه احتجازه في لبنان بسجن «تحت الأرض» ويعاني «وضعاً سيئاً أهدر سنوات عديدة من عمره دون ارتكاب جريمة». وهانيبال موقوف في لبنان منذ ما يزيد عن 8 سنوات، بداعي «إخفاء معلومات تتعلق باختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الإمام موسى الصدر، أثناء زيارته إلى ليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب».

وأظهرت صور لهانيبال منسوبة إلى تلفزيون لبناني، تواجده في مكان ضيق، كما نقلت عنه أن «وضعه غير جيد، حيث يحتجز في غرفة تحت الأرض تتسع لبعض الاحتياجات والأدوية، وتتضمن حماماً بكرسي أرضي، ويفتقد للأكسجين». وطالب ليبيون السلطات التنفيذية والقضائية في بلدهم بـ«التحرك العاجل»، والعمل على إطلاق سراحه، مشيرين إلى أن السلطات اللبنانية «لم تخضعه للمحاكمة، أو تُصدر بحقه حكماً، لذا من الظلم تجاهله، وإبقاؤه رهن الاعتقال».

 

جانب من زنزانة هانيبال القذافي وفق ما نشرته قناة «الجديد» اللبنانية

 

«رهينة سياسية»

وفي غمرة الغضب الليبي مما ظهر عليه نجل القذافي، دعا رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد عبد الحكيم حمزة، سلطات بلاده إلى «اللجوء للآليات الدولية في محاسبة لبنان على ما يقوم به في حق هانيبال القذافي» الذي عدّه «رهينة سياسية»، متسائلاً في تصريحات صحافية: «إلى متى تستمر السلطات الليبية في تجاهل قضية المواطن هانيبال»؟

ومن بين ما نسبته قناة «الجديد» لنجل القذافي قوله «إنه يعيش بهدلة، ومعتقل سياسي، وقضيته مرتبطة بملف لا يعرف عنه شيئاً»، وقال «كل ما أذكره أن والدي كان يحب الإمام موسى الصدر، وأنا أحببته عن طريقه، وكان يخبرنا بأنه خرج من ليبيا إلى روما، وهناك اختفى أثره».

ويستغرب ليبيون موالون لنظام القذافي من ارتهان نجله هانيبال في لبنان بتهمة معرفته معلومات عن اختفاء الصدر، وسبق لمستشار اتحاد القبائل الليبية للعلاقات الخارجية، خالد الغويل، القول لـ«الشرق الأوسط» إن الاستمرار في اعتقال هانيبال «يعد إجراءً تعسفياً، لأنه لا توجد أي أدلة أو تهم توجه له، بالنظر إلى أن عمره في ذاك الوقت كان عامين، ومن ثم فإن الاستمرار في اعتقاله يعد أمراً سياسياً، وليس قانونياً».

«معاملة خاصة»

وراجت معلومات مؤخراً حول أن هانيبال يلقى «معاملة خاصة في محبسه الانفرادي»، وأنه «خضع لعملية تجميل، ويحظى بمتابعة طبية دائمة»، لكنه رد عبر ما هو منسوب له بأنه يعيش «وضعاً سيئاً»، متسائلاً: «أين المعاملة الخاصة؟ وما هو مفهومكم عن الـVIP»؟ وقال «فليأخذوا شعري وأسناني التي يتحدثون عنها، ويعطونني حريتي».

ورأى الحقوقي ناصر الهواري، في إدراج له عبر حسابه على «فيسبوك» أنه «لو كانت ليبيا دولة ذات سيادة، وتملك قرارها، لما ظل هانيبال القذافي معتقلاً في لبنان».

وكان القاضي اللبناني، حسن الشامي، مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية اختفاء الصدر، أعاد الحديث في أغسطس 2023 عن «اعتراف» سابق منسوب لهانيبال، وقال في تصريحات تلفزيونية إنه «أدلى بمعلومات في عشرات الصفحات عن عملية إخفاء الصدر، من بينها تحديد إقامته في مكان سري بمدينة جنزور، ما بين عامي 1978 و1982؛ وتورّط عبد السلام جلود، رئيس وزراء ليبيا سابقاً عام 1978، والضابط الليبي محمد علي الرحيبي، في هذه الجريمة».

غير أن عدداً من المدافعين عن هانيبال، رفضوا هذه الرواية، وقالوا إن نجل القذافي «أُخضع للتعذيب، والصور ومقاطع الفيديو المسرّبة من لبنان تظهر مدى وحشية سجّانيه»، وكرروا تساؤلاتهم في استنكار: «كيف لطفل عمره عامان أن يُتهم في قضية لا يعلم عنها شيئاً»؟

 

صورة نشرتها قناة «الجديد» اللبنانية لهانيبال القذافي من محبسه

 

ملف القضية دون تقدم

وكانت السلطتان الليبية واللبنانية تواصلتا يناير (كانون الثاني) الماضي، بشأن هانيبال، حيث زار وفد مكون من ثلاثة موظفين كبار بوزارة العدل بحكومة «الوحدة» بيروت لمتابعة ملف نجل القذافي، واتفقوا على التعاون في قضتيه.

وكان مقرراً أن يعود الوفد الليبي إلى بيروت في فبراير (شباط) الماضي، لاستكمال التباحث حول في القضية، لكنه بحسب مصادر بالوزارة لم يحدد موعداً جديداً، وهو ما أبقى ملف القضية دون تقدم حتى الآن.

وقال الدكتور عقيلة دلهوم، رئيس اللجنة الحقوقية والإعلامية لهانيبال القذافي، إنه ينبغي أن «يخضع حبس هانيبال لضوابط القضاء، وأحكام إدارة وتنظيم السجون من حيث أسلوب المعاملة والمعيشة، وبالشكل الذي يضمن سلامة السجين الجسمية والنفسية»، داعياً كافة المنظمات الإنسانية والحقوقية المحلية والعربية والدولية، على رأسها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لضرورة التدخل السريع.

ويرى دلهوم في تصريحات لمجلة «الشراع» المحلية، أن هانيبال «مسجون لأسباب سياسية لا علاقة له بتبعاتها»، منوهاً إلى ضرورة «وجود تفتيش حقوقي يضمن سلامته، والعمل الجاد على إنقاذ حياته وتحريره، لأنه يتعرض للاعتقال القسري الظالم الشبيه بالإخفاء خارج حماية القانون».

عائشة القذافي

ونسبت بعض الصفحات الموالية للنظام السابق تصريحات لعائشة القذافي، التي تقيم خارج ليبيا، تعلق على صوره في زنزانته المزعومة، بقولها: «هذا بن الذي انتزع الاعتذار الإيطالي ورد كرامة كل الليبيين، هذا هانيبال القذافي أيتها القبائل الليبية الشريفة». ولم يثبت أن لعائشة القذافي صفحات موثوقة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان طاهر السني، مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، قال في يونيو (حزيران) إنه بحث قضية هانيبال القذافي مع كميهيرو إيشيكاني، مندوب اليابان لدى الأمم المتحدة، الذي يرأس «لجنة العقوبات» المنشأة بقرار عام 1970.

وأوضح السني حينها أنه نقل للسفير الياباني موقف حكومة «الوحدة الوطنية» من مسؤولية لجنة العقوبات عمّا سمّاه «الوضع غير الإنساني الذي يتعرض له المواطن هانيبال القذافي، المحتجز قسراً في لبنان دون أي حق أو سند قانوني».