إيجابية في غزة تنتقل عدواها إلى لبنان

إيجابية في غزة تنتقل عدواها إلى لبنان

الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار
5 تموز 2024
تبلغ كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الساعات الماضية أجواء إيجابية حول إمكان النوصل الى اتفاق في غزة، سرعان ما عكستها التصريحات الصادرة عن كل من المسؤولين الإسرائيليين ومسؤولي حركة “حماس”. فقد أعلنت إسرائيل استعدادها للبحث في مقترحات الحركة بخصوص اتفاق محتمل لوقف النار في غزة على خلفية أن التعديلات التي اقترحتها الحركة غير جوهرية ولا تمس بالاتفاق. فيما أعلن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية أنها تعاملت بروح إيجابية مع فحوى المداولات الجارية لوقف النار، وتم تداول التعديلات التي طالبت بها.
يجد الاجتماع الذي عقده مستشار الرئيس الاميركي آموس هوكشتاين في باريس قبل يومين مع المسؤولين الفرنسيين بغية التنسيق حول خفض التصعيد على الحدود بين لبنان وإسرائيل، معنى أكبر له في هذا السياق على خلفية المعلومات المسبقة عن اتجاه الامور في غزة الى التهدئة، وتاليا مواكبة الحدود الجنوبية لها. وتستمر المبادرتان الديبلوماسيتان اللتان قامت بها كل من فرنسا والولايات المتحدة وتركزان على وقف التصعيد والإتيان بالأطراف المتصارعة إلى عملية التفاوض. وبات معروفا ان هذه المقترحات تدور حول إعادة وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل و”حزب الله” على الاقل وفق ما كان سائدا قبل 7 تشرين الاول 2023، بحيث ينسحب “حزب الله” والجماعات المسلحة الأخرى على بعد كيلومترات شمال الخط الأزرق، مع حضور متزامن وموسع في المنطقة الحدودية للقوات المسلحة اللبنانية، بالإضافة الى إطلاق عملية تفاوض بشأن المناطق او النقاط المتنازع عليها على طول الخط الأزرق، من دون مزارع شبعا.
وما يعوق المبادرتان الفرنسية والاميركية هو تكرار “حزب الله” في مناسبات عدة انه لن يشارك في أي مفاوضات، والجبهة اللبنانية “ستبقى نشطة” حتى انتهاء حرب غزة. وهذه النقطة الاخيرة في حال تأكد احتمالها قريبا، فإن الجنوب سيكون امام تهدئة فعلية وفق متابعة ديبلوماسية لما اعلنه قبل يومين نائب الامين العام للحزب نعيم قاسم من استعداد لوقف القتال فورا كما قال ومن دون نقاش، ومن هنا يبلغ الخارج بضرورة الضغط على اسرائيل من اجل ان تقوم بالمثل، قياسا بما نقل سابقا ان وقف النار في غزة قد لا يعني بالنسبة اليه وقفا للنار في الجنوب. وهذه رسالة لم تأت من فراغ بل على خلفية الاستعدادات في غزة التي يتم التمهيد لها منذ ايام، بحيث تعيد اطلاق عملية ترتيبات امنية يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري بالنيابة عن “حزب الله” وبالغطاء الرسمي الذي يوفره له من اجل التفاوض وان على نحو غير مباشر مع اسرائيل، من دون اي تغطية رسمية اخرى، كما جرى بالنسبة الى ترسيم الحدود البحرية التي شكل الرئيس ميشال عون الواجهة لها قبل عامين ومعه حكومة كاملة المواصفات.
وقد يبدو الامر مستغربا على وقع العدد الكبير من الصواريخ التي اعلن “حزب الله” انه اطلقها على اسرائيل في اليومين الاخيرين، محددا انها كانت اكثر من 200 صاروخ ردا على اغتيال مسؤول ميداني كبير لدى الحزب، فيما ترفع هذه الكثافة في القصف المخاوف من انزلاق ما في الساعات الاخيرة قبل هدوء غزة. ولكن مصادر مراقبة تسجل رد الفعل الاسرائيلي الذي لم يفد عن وقوع اي خسائر في الارواح نتيجة هذا القصف الكثيف، انما بتأن كبير يتجنب الانزلاق الى حرب واسعة سبق ان قالت ايران وقال الحزب انهما لا يريدانها، وأكدا ذلك اكثر من مرة اخيرا.
والواقع ان ان تبادل اسرائيل والحزب القصف كل من جهته انما يهدف الى توجيه رسالة ان التهدئة المحتملة جنوبا على وقع التهدئة في غزة، تحصل من موقع قوة بالنسبة الى كل منهما وليس من موقع ضعف، بحيث يستطيع اي منهما ان يفرض شروطه في ضوء ذلك وان يعلن انتصاره انطلاقا من ان هذه النقطة مهمة جدا لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو كما ل”حزب الله”، وكلاهما لن يرغب في الظهور مظهر الخاسر في هذه الحرب.