لبنان: الحرب الواسعة ستنشب

لبنان: الحرب الواسعة ستنشب

الكاتب: علي حمادة | المصدر: النهار
16 تموز 2024
يخطئ “حزب الله” كثيراً إذا ما توهم أن إسرائيل لن تشن حرباً واسعة ضده في لبنان وسوريا. فحرب المساندة والمشاغلة التي يخوضها منذ الثامن من تشرين الأول ٢٠٢٣ ضد إسرائيل بمبادرة منه، لن تنتهي كما يريد، أي أن يفرض شروطه على جميع الأطراف المعنية بالساحة اللبنانية والعودة الى مرحلة ما قبل ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣ من دون دفع ثمن عسكري، ميداني وسياسي، بعدما تبيّن بالملموس أنه كذراع إيرانية تعمل انطلاقاً من الساحة اللبنانية بات يشكل خطراً وجودياً على إسرائيل، وخطراً عملياً على مصالح الغرب برمته في منطقة الشرق الأوسط. بمعنى آخر إن مظاهر القوة التي يبرزها “حزب الله” في المواجهة المنضبطة الإيقاع مع إسرائيل لن تنتهي من دون أن توضع على الطاولة مسألة مصير “حزب الله” كتنظيم عسكري لا يمكن أن يبقى على حاله، حتى لو كان يتمتع بمظلة استراتيجية إيرانية.
فتطور “حزب الله” من الناحية العسكرية والأمنية الى الحد الذي انكشف بالملموس في الأشهر التسعة الماضية، مؤدّاه نشوء تقاطع مصالح إقليمي – دولي واسع النطاق لمواجهته ومحاولة القضاء عليه على المستوى العسكري. كلما أبرز “حزب الله” أنيابه العسكرية والتنظيمية عجّل في قيام تحالف عريض إقليمي – دولي مهمته القضاء على التنظيم العسكري والأمني الإيراني التبعية الأكثر خطورة في المنطقة. وتقديرنا أن الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” واقعة لا محالة، إن لم يكن تزامناً مع حرب غزة التي ستطول في أقل تقدير حتى نهاية العام الحالي، فعلى الأرجح ستعقب حرب غزة، حتى لو بادر “حزب الله” الى وقف إطلاق النار توازياً مع انتهاء الحرب الاسرائيلية على غزة.
فورقة الحرب لم تعد بيد الحزب المذكور، ولا حتى بيد طهران التي لا تزال تدفع يومياً ثمن إطلاق أكثر من ٣٠٠ صاروخ ومسيّرة على إسرائيل قبل ثلاثة أشهر. فمسلسل الأحداث والتفجيرات وأعمال التخريب الغامضة في الداخل الإيراني تكثفت بعد الهجوم الإيراني في ١٤ نيسان الفائت. ولعل أبرز الأحداث الغامضة، سقوط مروحية الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي الذي ختم التحقيق فيه على زغل، فضلاً عن العديد من الاستهدافات التي شكلت رسائل مباشرة متصلة بالبرنامج النووي العسكري السري الإيراني الذي وصل الى نقطة خطيرة للغاية مع ارتفاع مخزون طهران من اليورانيوم العالي التخصيب (فوق ٦٠ في المئة) وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي المتطورة بشكل يناقض تماماً الادعاء بأن البرنامج مدني وسلمي.
كلما اقتربت إيران من تصنيع القنبلة النووية الأولى، وكلما زاد انكشاف قدرات “حزب الله” العسكرية على تخوم الحدود مع إسرائيل، اقترب موعد الحرب الواسعة ضد الذراع الإيرانية المتمركزة في لبنان التي تعتبر “درة التاج” الإيراني في المنطقة وأهم الاستثمارات الخارجية منذ ولادة الجمهورية الإسلامية عام ١٩٧٩.
تقديرنا أن الوساطات الدولية لا سيما الأميركية والفرنسية باتت معلقة، وستُرحَّل الى ما بعد الحرب الإسرائيلية ضد “حزب الله”. أما الكوابح الأميركية فقد تراجعت فعاليتها مع تراجع زخم حملة الرئيس جو بايدن، بداية إثر المناظرة الكارثية مع الرئيس السابق دونالد ترامب، وثانياً وخصوصاً بعد محاولة اغتيال ترامب في لحظة حرجة من الحملة الانتخابية. وفي هذا الإطار سيحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التباطؤ في التفاوض حول صفقة في غزة، وأكثر من ذلك سيرفع من سقف مطالبه في لبنان، كل ذلك في انتظار موعد الخامس من تشرين الثاني بعدما ارتفعت حظوظ دونالد ترامب بالفوز. من هنا خطورة الموقف بالنسبة الى لبنان الواقع تحت هيمنة “حزب الله”.