على هامش مؤتمر باريس: مصير وطننا على المحك ولم تعد الأمور تتحمل التسويات
صدر عن الرائاسة العامة – مكتب باريس ، للدكتور جيلبير المجبر الموقف التالي على هامش مؤتمر باريس :
أولاً – كنتْ أربىء بعدم التطرق لمندرجات مؤتمر باريس ، وألاّ أتكلم أو أكتب أو حتى أصرِّح عن خصائص الساسة المدعويين لهذا المؤتمر ولسياساتهم المتخلفة ، لكن الأمر المؤسف أنّ كتاباتنا وتصاريحنا لم تلق أي صدى لدى معظم هؤلاء الساسة ولا إلى السادة الداعين لهذا المؤتمر ، والسبب أنّ المدعوين هم مجموعة ناهبي خزينة الدولة وتصرفاتهم أرهقت السيادة الوطنية ولعل ما نصرحه يقرأه الرئيس الفرنسي والبعثة العاملة في لبنان وتتعظ من المضمون . المطلوب دعوة ساسة شرفاء يعتمدون على التفكير المنطقي العميق القائم على دراسة المشكلات وتحليلها ومعرفة أسبابها والتوصل إلى نتائج ، ولكن الدعوات والتجربة في هذا المؤتمر بأغلب الظن هي “التخمين الخاطىء “.
ثانيًا – هل تعلم الإدارة الفرنسية أنها ليستْ اللاعب الوحيد على المسرح السياسي اللبناني ولن تكون ، إنما هناك أكثر من طرف لاعب وحتى فاعل على المسرح السياسي اللبناني ، وهذا يعني أنّ الدول التي تُشارك في هذا المؤتمر لا يمكنها إقرار أي خطة سوى هدر أموالها كي يكسبها شخصيًا وحصريًا من هم في النظام السياسي القائم خلافا للنظام الديمقراطي ، وهذا يعني أن كل الهبات ستتبخّرْ في جيوب هؤلاء المسؤولين كما تبخرّت في السابق ، والدليل على ما نقوله ما أرْسِلَ في السابق من هبات ومساعدات بيعتْ بالجملة في شوارع الاوطان المجاورة ، وهذا فيض من غيض يا أيها الداعون .
ثالثًا – ليس بإستطاعة الجمهورية الفرنسية إرساء أمن وإستقرار في لبنان طالما هناك دولة تتدخل في شؤون لبنان وترسل المال والسلاح وتنشأ الميليشيات وتسيطر على مراكز القرار كالمجلس النيابي ومجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية ، في لبنان هناك تعدد الولاءات وهناك سياسة زبائنية وطائفية وحزبية وفئوية ، وهناك تجربة الدولة الفاشلة وصاحبة السيادة المجيّرة . إن ما يسعى إليه النظام في فرنسا لم يأخذ بعين الإعتبار كل هذه العوامل لا بل تنّكر لها ظنا منه أنه بإستطاعته تخطيها لتمرير مصلحته الخاصة ألا وهي أن يُبقي لبنان بابًا له في هذا الشرق المغلوب على أمره والذي يُعاني من التدخلات في شؤونه الجيوسياسية والجيوغرافية . إنّ هذا المؤتمر يأخذ عنوان واحد ألا وهو : ” تجارب وإستغلال ” أي بما معناه تأثير المصالح المتعارضة في تكوين سياسة القضم والمصالح الخاصة .
رابعًا – إنّ النظام الفرنسي تناسى أنّ الأرض اللبنانية محتلة لا بل مجيّرة للغريب ، والظاهر أنه يسعى لإيقاف الحرب ولكن هذه الحرب لن تتوقف لأنّ هناك إرادات إقليمية ودولية بأن تكون قائمة على الأرض اللبنانية وباتت هذه الأرض ساحة للتسويات وللدمار ، وإنْ أرادت السلطة الفرنسية العمل لأجل لبنان عليها في البداية أن تعتمد الخطوات التالية :
• العمل على إصدار قرار دولي يمنع أي تدخل في شؤون لبنان وخصوصا التدخل الإيراني في شؤون لبنان .
• العمل مع المجتمع الدولي على تسويق فكرة قيام “نظام إنتقالي ” لفترة محددة يُعيد إنتظام المؤسسات .
• على النظام الفرنسي العمل بضمير مهني وعدم التعاطي مع من كانوا السبب في الأزمات اللبنانية ، وإلا تكون فرنسا مشاركة في الجرائم التي تُرتكب على أرض لبنان .
خامسًا – أتمنى على الإدارة الفرنسية أخذ هذه الملاحظات بالجدية لأنّ مصير وطننا على المحك ولم تعد الأمور تتحمل التسويات ولا يمكن السكوت عن الجرائم التي ترتكبها السلطة القائمة وجرائمها باتت معروفة لدى الجميع ، وفي حالة تكيّف النظام الفرنسي مع هؤلاء الساسة العملاء ستُصبح الأمور أكثر تعقيدًا ولن تستفيد هذه الإدارة من أي أمر ولا حاجة لنا لتذكيرها بجريمة مرفأ بيروت والخطر الذي أحدثه .
الدكتور جيلبير المجبِّرْ