خاص- أورتاغوس ستعطي لبنان مهلة قصيرة وأخيرة قبل سحب يدها

خاص- أورتاغوس ستعطي لبنان مهلة قصيرة وأخيرة قبل سحب يدها

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
4 نيسان 2025

على رغم توسّع نطاق الغارات الإسرائيلية التي طالت للمرّة الأولى منذ وقف النار، الضاحية الجنوبية لبيروت مرّتين، ثمّ مدينة صيدا الليلة الماضية، فإنّ الضغوط التي ما زالت واشنطن تمارسها على الحكومة الإسرائيلية تمنع حتّى الآن اتّساع الضربات، لتشمل غارات مكثّفة على الضاحية، كما كان يحصل خلال الحرب، أو ربّما لتطال هذه المرّة مرافق للدولة اللبنانية في العاصمة. ولكنّ التصعيد التدريجي الذي تمارسه إسرائيل لا يوحي بأنّ الأمور ستقف عند هذا الحدّ، في حال لم تحسم الحكومة اللبنانية أمرها، وتتولّى مسؤوليّاتها في نزع سلاح “حزب لله”، والدخول في مفاوضات نهائيّة حول الحدود.
وتقول مصادر من العاصمة الأميركية واشنطن إنّ الحديث في لبنان عن رفض التطبيع ليس في مكانه، لأن لا إسرائيل ولا الولايات المتّحدة تطرحان هذا الموضوع في الوقت الراهن. وتعرف الإدارة الأميركية أنّ لبنان ليس في وارد الدخول في هذا الملفّ اليوم. وهي لا تريد منه ذلك في أيّ حال. كما أنّ إسرائيل بحدّ ذاتها لا تستعجل هذا الموضوع. فالتطبيع هو مسار طويل يُراد منه أن يشمل دولاً خليجية كبرى قبل لبنان، ودونه حتّى الآن عقبات كثيرة.
ولكن ما يريده الأميركيّون الآن وبإلحاح، هو أن تقوم الدولة اللبنانية بالإمساك بالأرض في شكل حاسم وقويّ، وأن تنهي وجود أيّ سلاح خارج الشرعيّة في وقت قصير. وهم غير مقتنعين بسياسة التمهّل التي تتّبعها الحكومة والعهد. إذ تعتبر الإدارة الأميركية أنّ الحرب التي شنّتها إسرائيل على لبنان والضربات الموجعة التي وجّهتها لـ “الحزب”، كما لكامل المحور الإيراني، جعلت هذا الحزب في مرحلة هو الأضعف فيها على الإطلاق. وإذا لم تتجرّأ الدولة اللبنانية في هذه الظروف على أخذ مكانتها وبسط سلطتها، ولو بالقوّة، فلن تقوم لها قائمة في يوم من الأيّام، وستضيّع الفرصة التاريخية لبناء الدولة، المنهارة والمهترئة والمستباحة. فقد وصل إلى السلطة أفضل رئيس ممكن وأفضل حكومة ممكنة. وإذا لم تجرِ الاستفادة من فرصة كهذه، فعلى لبنان السلام.
في أيّ حال، تقول المعلومات إنّ الزيارة التي ستقوم بها الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس لبيروت في الساعات المقبلة ستكون زيارة حاسمة. فواشنطن لا تريد إفشال الحكومة اللبنانية الجديدة، وتسعى إلى مساعدتها، كما تريد مواكبة الجيش اللبناني. ولكن هذا الأمر يحتاج إلى عمل مقابل من جانب لبنان. وقد تعطي أورتاغوس مهلة قصيرة وأخيرة للحكومة اللبنانية، من أجل تسجيل خطوة كبيرة وملموسة على صعيد ملفّ السلاح. وإلّا، فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب غير الصبورة، ستسحب يدها من رعاية لبنان، ما يعني تركه عارياً أمام التصعيد الإسرائيلي الذي لن يعرف حدوداً حينذاك. وستتولّى إسرائيل بنفسها موضوع السلاح، ليصبح لبنان على غرار غزّة ساحة مستباحة.
وهذا الوضع يعرّض البلاد لمخاطر كبيرة، لا يُستثنى منها التقسيم أو التفتيت. وبالتأكيد، لن يحصل لبنان على أيّ مساعدة في طريق حلّ أزمته الاقتصادية، ما يعني العودة إلى المربّع الأوّل من الاهتراء وزوال المؤسّسات. وهذا يعني أيضاً إفشال عهد الرئيس جوزف عون الذي بُنيت عليه الآمال الكبيرة، وتعثّر حكومة نوّاف سلام، وهو رجل الإصلاح الذي لا بديل عنه في هذه المرحلة.
لذلك، فإنّ مستقبل لبنان يقف على قرار من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، اللذين يتحمّلان مسؤوليّة كبيرة وتاريخيّة تجاه لبنان وشعبه، لإيصاله إلى برّ الأمان أو لتركه يغرق من جديد. ولا بدّ لكلّ من عون وسلام أن يعرفا أنّ الأساليب الماضية، من نوع المماطلة واللعب على الوقت أو الدوران حول أساس المشكلة بدلاً من مواجهتها، باتت كلّها لا تنفع، ولا تقنع واشنطن ولا والمجتمع الدولي، وبالطبع ليس إسرائيل أيضاً. واستناداً إلى المصادر في واشنطن، فإنّ إدارة ترامب المستعجلة على الانتهاء من ملفّات المنطقة، للانتقال إلى ملفّات أكثر أهميّة، كالملفّ الصيني، ستضع موضوع لبنان في الأدراج، إذا لم يحلّ خلال فترة قصيرة. وعندها يصبح البلد مشرّعاً على الحرب والاضمحلال. وستكون الخشية من حرب أهلية أخفّ وطأة من الأذى الذي سيصيب لبنان في حال لم يماشِ المطالب الأميركية.
وتنتظر أورتاغوس خلال زيارتها لبيروت أن تسمع من رئيسي الجمهورية والحكومة تفاصيل خطّتهما لاستكمال تنفيذ اتّفاق وقف النار، وما سيقوم به لبنان عبر برنامج واضح ومحدّد بزمن. وقد تمنحهما فرصة أخيرة قصيرة الأمد. فإذا لم تقتنع بطروحاتهما، سنكون من جديد أمام معادلة تشبه “مخايل الضاهر أو الفوضى”، وهذه المرّة تحت عنوان “نزع السلاح أو الفوضى