
الذكرى الخمسون للحرب الأهلية تحمل الأمل باستعادة الدولة سيادتها وقرارها دون شريك
يتوقف اللبنانيون اليوم أمام ذكرى انطلاق شرارة الحرب الأهلية في 13 أبريل عام 1975، والتي حملت على مدى نصف قرن غيابا للأمن والاستقرار على مختلف الصعد، وسط حروب متنقلة تعنف حينا وتتراجع أحيانا.
اليوم وفي هذه الذكرى، دعوات من المسؤولين إلى وقفة للتأمل، وان تبدأ مسيرة قيام الدولة من جديد وطي صفحات الحرب وما بين سطورها من آلام ومرارات.
وفيما يتطلع اللبنانيون إلى الخلاص من بوابة نزع السلاح كمدخل لسيادة الدولة، وتحقيق الإصلاحات المنشودة لبنانيا ودوليا، يبقى موضوع السلاح، وخصوصا لدى «حزب الله» هو الطبق الدائم على طاولة البحث والنقاش لبنانيا على مختلف المستويات.
رئيس الجمهورية العماد جوزف عون اختار مخاطبة اللبنانيين للمرة الثانية بعد خطاب القسم الأول الذي أعقب انتخابه رئيسا للبلاد في 9 يناير 2025. اختار الرئيس التوجه إلى اللبنانيين بكلمة أولى رسمية من القصر الجمهوري عشية ذكرى الحرب.
وفي كلمات الرئيس جوزف عون جرعة ثقة بطي تداعيات الحرب التي انتهت رسميا في 13 أكتوبر 1990 بإطاحة رئيس الحكومة العسكرية العماد ميشال عون من قصر بعبدا (قبل أن يعود لاحقا رئيسا للجمهورية في 31 أكتوبر 2016). وفي ذلك اليوم كان الرئيس جوزف عون ملازما أول في الجيش اللبناني على محور قرطاضة – المونتيفردي بالمتن الشمالي.
جرعة الثقة تأتي في استكمال تنفيذ أحد البنود الأساسية في وثيقة الوفاق الوطني الموقعة في مدينة الطائف السعودية خريف العام 1989، بنزع سلاح كل الميليشيات، والتي بدأ القسم الأول منها في 1992 بنزع سلاح حزب «القوات اللبنانية» والميليشيات المسيحية وكذلك الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة الوزير السابق وليد جنبلاط. فيما احتفظت الميليشيات وسائر القوى الموالية لإيران والنظام السوري السابق بسلاحها، تحت شعار مقاومة إسرائيل قبل التحرير الشامل للجنوب والبقاع الغربي في 25 مايو العام 2000.
اليوم تقف البلاد على مشارف تنفيذ البند الأبرز من وثيقة الوفق الوطني، بدعوة «حزب الله» تحديدا إلى الاقتداء بتجربة «القوات اللبنانية»، التي نزعت سلاحها طوعا، وباتت اليوم الحزب المسيحي الأكبر وصاحبة الكتلة النيابية الأكبر في المجلس النيابي اللبناني، رغم ما واجهته من اضطهاد أيام الوصاية السورية، وليس أقله سجن رئيسها د.سمير جعجع 11 سنة قبل إطلاق سراحه بعفو من المجلس النيابي بعد خروج الجيش السوري من لبنان في 26 أبريل 2005.
في موضوع سلاح «حزب الله»، قالت مصادر نيابية بارزة لـ «الأنباء»: «في حين يبدي الحزب ليونة واضحة في الحوار حول آلية تسليم سلاحه وتحديد فترة زمنية ذلك، تتم متابعة بعض المواقف المتناقضة التي تصدر عن بعض المسؤولين في الحزب».
وعزت المصادر الأمر «إلى تداعيات الحرب المدمرة التي تعرض لها الحزب وتاليا لبنان، وغياب قيادة الحزب التي كانت موضع إجماع ويلتف حولها جميع المنضوين في الحزب والأنصار، وقد خسر الحزب قيادته على مستوى الصف الأول (بعد توسيع إسرائيل حربها اعتبارا من 20 سبتمبر 2024)، ما أحدث شرخا كبيرا في بيئته، خصوصا أن الكثير من كوادره لم يكن مقتنعا بجدوى الدخول في «حرب الإسناد»، والتي استمرت نحو سنة استطاعت خلالها إسرائيل تتبع كل مراكز الحزب وكشفها أمام آلتها الحربية، فجاءت نتائجها قاسية ومدمرة.. ي
ضاف إلى ذلك وقوف قيادة الحزب مكتوفة الأيدي أمام أبناء البلدات والقرى الحدودية المدمرة، في ضوء العجز عن تأمين عودتهم إلى منازلهم أو المساهمة في إعادة إعمارها».
وأضافت المصادر: «ربما يعود عدم وحدة الموقف داخل الحزب في أحد جوانبه إلى انتظار ما ستؤول اليه المحادثات الأميركية- الإيرانية في العاصمة العمانية (مسقط) والتي سيكون لها تأثير على المنطقة عموما ولبنان على وجه الخصوص».
في موضوع الإصلاح، تكثف الحكومة جهودها في الأيام الفاصلة عن موعد الاجتماع مع صندوق النقد الدولي، بهدف تحقيق بعض الإصلاحات كورقة تكون بيد الوفد اللبناني في المفاوضات الصعبة.
وقد ناقشت الحكومة اللبنانية في اجتماع ثان أمس في السرايا بعد اجتماع أول يوم الجمعة برئاسة رئيسها نواف سلام، إصلاحات خاصة بإعادة هيكلة المصارف، سعيا إلى تعزيز الثقة والابتعاد عن الاقتصاد النقدي ومكافحة تبييض الأموال.
وأعلن وزير الإعلام بول مرقص «ان مجلس الوزراء استكمل في جلسة ثالثة له خلال أيام درس مشروع قانون إصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها مادة مادة، وعدل بعض أحكام هذا المشروع في اتجاه تعزيز مضمونه وفق الروحية التي صيغ بها وأقره».
وقال مرقص: «هذه هي المرة الأولى التي تقر فيها الحكومة -أي حكومة- مشروع قانون لإصلاح أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها، بحيث يكون بصيغة مشروع قانون يأتي من الحكومة حسب الأصول. ونكون بذلك قد حققنا في غضون أسابيع قليلة، أي بعد إقرار مشروع قانون رفع السرية المصرفية رزمة إصلاحية يحتاجها لبنان واقتصاده وقطاعه المصرفي وخصوصا المودعين، ولاسيما صغار المودعين، كما تقاطع مع متطلبات الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ومنها رفع السرية المصرفية، هذه الخطوة تسد فراغا تشريعيا قديما، حيث كانت الأحكام القانونية مجتزأة منذ تعثر بنك انترا عام 1967″.
«هذا النص يأتي بالآلية الضرورية للتصدي لأي تعثر مصرفي، وبالضمانات اللازمة لحقوق المودعين ويوضح كيفية تحمل الخسائر ويعيد بناء القطاع المصرفي ويعيد إليه دوره الائتماني في إنعاش الاقتصاد وبعث الثقة».
وتابع: ستنكب الحكومة راهنا، وبعد هذه الخطوة الأساسية وكمدخل رئيسي، على إعداد مشروع قانون معالجة الفجوة المالية الذي يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي، وكما كنا أشرنا في الأسباب الموجبة، فإن التصدي للأزمات الاقتصادية والمالية والمصرفية التي يعاني منها لبنان، بالإضافة إلى الحفاظ على حقوق المودعين، يستوجبان خطوات تشريعية مرتبطة بثلاث إصلاحات رئيسية تتعلق بسرية المصارف وإعادة هيكلتها ومعالجة الفجوة المالية بما يسمح بإعادة التوازن الانتظام المالي.
وبذلك تكون الحكومة، كخطوة أولى قد سبق أن أقرت مشروع قانون يرمي إلى إجراء تعديلات على قانون سرية المصارف كشرط ضروري للمحاسبة، ولمعرفة دقيقة للفجوة المالية.
وتمهيدا لوضع مشروع قانون لمعالجة الفجوة المالية الذي يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي، يأتي هذا المشروع المتعلق بإصلاح وضع المصارف في لبنان، كخطوة ثانية، ليضع إطارا قانونيا حديثا وفق أفضل المعايير الدولية المتبعة، كان يفتقده التشريع المصرفي في لبنان وتحتاجه الحكومة، فضلا عن مصرف لبنان، للتعامل مع الأزمات المالية كافة، وفي مقدمها الأزمة الحالية البالغة الضرر على المواطنين اللبنانيين وعلى اقتصاد لبنان.
وإضافة إلى استجابته لهذه الحاجة الملحة، فإن مشروع القانون المقترح كان ولايزال، محل مطالبة من أهل القانون اللبنانيين ومن المؤسسات الدولية المهتمة بمساعدة لبنان.
وستتبع هاتين الخطوتين، وفي المستقبل القريب، خطوة ثالثة تتمثل في وضع مشروع قانون حول معالجة الفجوة المالية بما يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي، وبما يسهم في انتشال لبنان من عمق الأزمة التي عرفها منذ عام 2019.
تبقى الإشارة إلى أن مشروع القانون هذا، وفي سياق تنفيذ الخطوات الثلاث المترابطة على الوجه المبين آنفا، يعلق تنفيذه إلى حين إقرار قانون معالجة الفجوة المالية، على اعتبار أن هذا القانون الأخير يعتبر شرطا ضروريا لإعادة التوازن للانتظام المالي».
وتابع مرقص: «حرص دولة رئيس مجلس وزراء على ضرورة إيضاح الحمايات الاجتماعية التي جاء عليها مشروع القانون الذي أقريناه اليوم، لاسيما فيما يتعلق بالجدول المتعلق بتثبيت الأموال الخاصة والدائنين. تجدر الإشارة إلى أن أموال المودعين لاسيما صغار المودعين تتمتع في مشروع القانون الذي اقر اليوم بالأولوية في حماية الودائع.
وأضاف: ما أقررناه أمس (الجمعة) حول مرسوم المساعدات للهيئات التعليمية، تجدر الإشارة إلى أن ما صدر هو تصحيح لأوضاع في داخل الأزمة المالية، يشمل:
٭ أولا: استيعاب المساعدات التي كانت مقررة سابقا وتم نقلها في إطار السلف وضمن موازنة 2025.
٭ ثانيا: تنفيذ مساعدات اجتماعية لديها أموال مرصودة أصلا في موازنة 2025 تحقق المساواة للقطاع التربوي مع باقي قطاعات مؤسسات القطاعات العامة.
٭ ثالثا: تنظيم طريقة الدفع للمستحقات في القطاع التربوي، إذن هذا الموضوع ليس أمرا خارجا عن القوانين الإطار التشريعي والتنظيمي الحاضر، هو فقط ما أشرت إليه لكي تعرف الناس أننا نطبق القوانين ولا نستحدث أمورا جديدة، بل نحقق هذه المساواة وننفذ ما كنا أساسا أقررناه في الموازنة فقط للتوضيح والتأكيد.
وردا على سؤال حول التعديلات التي أدخلت على المشروع، ولماذا أخذ النقاش بعدا طائفيا حول مسألة الصلاحيات، أجاب: لم يتم نقاش بهذا الأمر نهائيا، لقد تم النقاش في كل مادة من الناحية التقنية المحض، وهاجسنا كان دائما حماية حقوق المودعين والانصاف والعدالة في كيفية ترتيب وتوزيع الخسائر، وتفادي أي تعثرات مالية أو مصرفية يمكن ان تطرأ لا سمح الله. فلو كان لدينا هذا النص عام 2019 لكنا على الأقل حدينا الكثير من آثار الأزمة المالية والمصرفية، ونحن منذ عام1967 ليس لدينا هذا النص المتكامل، الذي لن يكون مكتملا قبل الانتهاء من قانون ترميم الفجوة المالية لاعادة الانتظام المالي، ونحن سننكب فورا على دراسة ما تبقى من هذه الجزئية التشريعية الأخيرة.
وعن نواب الحاكم الأربعة، قال: لم نتطرق لهذا الأمر، لقد أقررنا النص مع بعض التعديلات لكن مناصب نواب الحاكم مازالت قائمة.
وعن الجلسة المقبلة، أعلن أننا سنعمل على مشروع قانون معالجة الفجوة المالية من أجل معالجة الانتظام المالي الذي يلزمه بعض الوقت، ولن يعرض في الجلسة المقبلة، لكن سنعمل عليه بالتوازي مع عقد الجلسة الحكومية.
وردا على سؤال، قال: لم يتم التصويت على المشروع، حصل تفاهم وتوافق بين كل الأفرقاء لكن أبدى بعض الوزراء الملاحظات عليه.
وأضاف ردا على سؤال: تمنينا على المجلس النيابي الكريم، في كل ما أرسلناه له من تعديل للسرية المصرفية والمشروع الحالي، الإسراع بإقرار هذه النصوص لكننا لسنا في موقع أن نملي وأن نفرض على مجلس النواب ما سيفعل، هناك فصل للسلطات ومجلس النواب سيد نفسه، وفي ما يتعلق بالسلطة التنفيذية لقد قمنا بواجبنا كاملا وبأسرع وقت ممكن.