الإخوان المسلمون: مشروع تخريبي لضرب الدول والمجتمعات… ولبنان في دائرة الخطر

الإخوان المسلمون: مشروع تخريبي لضرب الدول والمجتمعات… ولبنان في دائرة الخطر

الكاتب: د.هادي مراد | المصدر: نداء الوطن
20 نيسان 2025

ما من جماعة سياسية في العالم العربي أظهرت هذا القدر من الازدواجية والتخريب المنهجي كما فعلت جماعة الإخوان المسلمين. فعبر عقود من العمل تحت غطاء الدعوة الدينية والعمل الخيري، تمكّنت هذه الجماعة من اختراق المجتمعات، والتسلّل إلى مفاصل الدولة، والعمل على إضعاف الأنظمة من الداخل، تارة باسم “المقاومة” وتارة باسم “الشرعية”. لكن الحقيقة الجلية أن مشروع الإخوان ليس سوى آلة تفكيك للدول والمجتمعات واقتصاداتها، تمهيدًا لإسقاطها وتشكيل نظام جديد على مقاسهم العقائدي المتشدد.

الإخوان لا يسعون للإصلاح كما يزعمون، بل يعملون على إضعاف بنية الدولة الوطنية عبر نشر الفوضى، وتأليب الشعوب على مؤسساتها، وضرب الاقتصاد الوطني عبر أذرع اقتصادية وإعلامية ودعوية مموّلة من الخارج. وقد أثبتت التجارب المتكررة، في مصر وتونس وسوريا، أن وجودهم في أي سلطة أو مؤسسة هو بداية انحدار نحو الانقسام والانهيار.

الأردن نموذجًا… والإخوان يتسلّحون

الكشف الأخير عن خلية مكوّنة من ١٦ شخصًا في الأردن تعمل على تصنيع صواريخ وطائرات مسيّرة، ليس تفصيلاً أمنياً عابراً. هذه الخلية التي ترتبط فكريًا بجماعة الإخوان، تُعدّ دليلًا صارخًا على أن الجماعة تجاوزت مرحلة النشاط السياسي والدعوي، ودخلت في العمل العسكري المنظّم. الأسوأ من ذلك، أن اعترافات المتورطين تشير إلى تلقيهم تدريبات في لبنان، ما يربط بين مسرح العمليات الأردني وساحة تدريب لبنانية مشبوهة.

لبنان ليس حديقة خلفية للتطرف

لبنان، الذي يكاد ينهار من أزماته الاقتصادية والسياسية، لا يملك القدرة ولا الشرعية ليتحوّل إلى منصة لتدريب الجماعات المتطرفة. إن ما ورد في التحقيقات الأردنية يضع الدولة اللبنانية أمام مسؤولية واضحة: كشف أي نشاط إرهابي على أراضيها، ومنع استغلالها من قبل تنظيمات عابرة للحدود. فالسماح بتسلّل الإخوان إلى الداخل اللبناني تحت أي غطاء، هو تهديد مباشر للسيادة، وفتحٌ لباب الانزلاق إلى مواجهات أمنية لا قدرة للبلد على تحمّلها.

الإخوان والمقاومة… ازدواجية مفضوحة

لطالما استغل الإخوان قضية فلسطين كمنصة للتجنيد والدعاية، في الوقت الذي كانوا فيه يعملون بصمت على إقامة بديل سلطوي للنظام الوطني. دعمهم لحركات المقاومة لم يكن يومًا صادقًا، بل كان وسيلة للتوسّع والتغلغل وتبرير السلاح والتنظيم العسكري تحت شعارات شعبوية. وها هم اليوم، من الأردن إلى غزة، مرورًا بلبنان، يحاولون إعادة إنتاج أنفسهم في ظل الفوضى الإقليمية، بتحالفات خفية مع أطراف إقليمية كإيران، وتمويل مشبوه يخترق السيادة العربية.

لا مواجهة للإخوان دون خطاب اعتدال

لن يُجدي الردّ الأمني وحده. المعركة اليوم مع الإخوان المسلمين يجب أن تكون معركة وعي وعقيدة وهوية وطنية. المطلوب أن تنهض النخب والمؤسسات الدينية والثقافية العربية، لتحصين المجتمعات، ونزع الشرعية الأخلاقية والفكرية عن هذا المشروع المدمر. الاعتدال هو السبيل الوحيد لحماية الدين من التسييس، والدولة من التفكك، والمجتمع من الانقسام.

فالإخوان ليسوا حزبًا سياسيًا تقليديًا. إنهم مشروع انقلابي ناعم، ينمو في الظل، ويتحين الفرصة لينقض على الدولة، كما فعلوا مرارًا. من هنا، فإن ما جرى في الأردن، وما كُشف من دور لبناني في تدريب هذه الخلية، لا يمكن التعامل معه بتجاهل، بل يستوجب تحركًا عربيًا شاملاً لكبح خطر هذا التنظيم، وكشف أذرعه الأمنية والمالية والإعلامية حيثما وُجدت.