خاص – ملف السلاح عالق على كوع المفاوضات مع ايران

خاص – ملف السلاح عالق على كوع المفاوضات مع ايران

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
28 نيسان 2025

صار واضحا أن رئيس الجمهورية جوزف عون، الذي سيدير شخصيا الحوار مع “الحزب” حول ملف سلاحه، لا يريد مقاربة هذا الملف بطريقة قسرية. كما أن مجلس الوزراء تناول الموضوع في إحدى جلساته، من ناحية تطبيق القرار 1701، من دون التطرق مباشرة إلى السلاح، تاركا للرئيس عون ايجاد طريقة المعالجة المناسبة. فهناك وجهات نظر عدة، تفضل التروي وتحاشي أي مواجهة قد تشعل فتيل فتنة أهلية، وترى أن استعمال القوة قد يؤتي نتائج عكسية لأسباب كثيرة.
وثمة من يفضل ألا تواجه الدولة المكون الشيعي بصدر عار، لأن التجارب في لبنان أثبتت أن المتغيرات تأتي دائما كنتيجة لتوازنات القوى الخارجية. فهناك رأي سائد يقول بانتظار ما ستؤول إليه نتائج المفاوضات الإيرانية الأميركية، ليبنى على الشيء مقتضاه.
فالغموض يسود المسار الذي تجري فيه هذه المفاوضات. وهناك لغط حول ما إذا كان الجانب الأميركي سيكتفي باتفاق على منع التخصيب الذي يسمح بإنتاج السلاح الذري، أو ما إذا كانت الشروط تشمل تدمير كامل البرنامج النووي الإيراني. وتطرح أسئلة كثيرة حول ما إذا كان الاتفاق سيتناول موضوع الأذرع، وعلى رأسها “الحزب”. وفي المقابل، يبقى احتمال فشل المفاوضات قائما، وبالتالي قد يصبح توجيه ضربة عسكرية لإيران أمرا أكثر ترجيحا. وفي كل من هذه الحالات، ستكون الانعكاسات مختلفة على وضع “الحزب” وموضوع السلاح.
وشاعت أجواء في الأيام الماضية، أشارت إلى أن الاتفاق المزمع سيكون شبيها باتفاق العام 2015، مع رفع العقوبات تدريجا. وهذه الأخبار، إن صحت، لا يعرف مدى النفوذ الذي سيسمح به لإيران، وما إذا كانت ستستخدمه لدعم أذرعها من جديد. كما أن اتفاقا كهذا لا يثير ارتياح إسرائيل، التي تريد تدمير كامل البرنامج النووي الإيراني. وليس من قبيل الصدفة تزامن انطلاق جولة مفاوضات جديدة السبت مع التفجير الكبير الذي حصل في مرفأ في بندر عباس الإيرانية، ومع معاودة الطيران الإسرائيلي استهداف أحد المواقع في ضاحية بيروت الجنوبية. ويبقى احتمال أن تشن إسرائيل بمفردها ضربة على منشآت نووية إيرانية أمرا واردا، لخربطة أي اتفاق محتمل لا تعتبره مرضيا، فتضع واشنطن أمام الأمر الواقع.
وما دامت كل الاحتمالات واردة، لا يمكن التنبؤ من الآن بمسار الأمور بين واشنطن وطهران. فلماذا على الحكومة اللبنانية أن تستبق التطورات، وتخطو خطوة ناقصة؟ ولم لا تترك الحل يأتي من الخارج بدلا من أن تضع نفسها على الخطوط الأمامية؟
وفي الوقت عينه، هناك عامل إضافي يأخذه الحكم الجديد في لبنان في عين الاعتبار. إذ إن هناك خشية من السياسات الأميركية، التي تتبدل وفق تبدل المصالح. فمن يضمن مثلا الا يعقد الرئيس دونالد ترامب صفقة ما مع إيران، أو أن تخفف إدارته من اهتمامها بالملف اللبناني بعد فترة من الآن؟ فكيف يمكن عندها التعامل مع “الحزب”؟
لم تكن تجربة لبنان مع الولايات المتحدة جيدة في مجال التزام التعهدات. فواشنطن مثلا، التي تنتقد لبنان على عدم الحزم في موضوع السلاح، هي نفسها التي كانت قد أعطت النظام السوري السابق وكالة لإدارة لبنان في التسعينيات. وهي التي كانت مستعدة قبل الحرب الأخيرة، عندما كان آموس هوكشتاين هو الوسيط، لإبرام اتفاق مع “الحزب” من أجل ترسيم الحدود البرية بعد البحرية، ومنحه امتيازات اقتصادية عبر الإفراج عن عمليات التنقيب عن الغاز. لكن الحرب التي شنتها إسرائيل غيرت المعادلة.
لا شيء يمنع واشنطن من أن تبرم الصفقات وفق مصالحها. ولا شيء يمنعها كذلك من إهمال الملف اللبناني من جديد وترك اللبنانيين يتدبرون أمورهم. لذا، لن يكون هناك حل ثابت للمعضلة اللبنانية إلا من خلال توافق لبناني داخلي، يبعد التدخلات الخارجية وتأثيراتها، ويحفظ لكل طائفة حضورها المتوازن، حتى لو اضطر اللبنانيون الى تعديل النظام بالطريقة التي يجدونها مناسبة لمنع انفجار الحروب كل بضع سنوات.