خاص- شيخ نعيم.. يسلم تمّك

خاص- شيخ نعيم.. يسلم تمّك

الكاتب: نبيل موسى | المصدر: beirut24
29 نيسان 2025

صدَق أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم عندما خاطب الدولة اللبنانية قائلًا: “شدّي ركابك.. وقفي على اجريكي منيح”.

للمرة الأولى كان الحزب قريبًا من المنطق، لأن الدولة اللبنانية إذا لم تقف على رجليها منيح قد تعرّض نفسها ومعها الشعب اللبناني كله لمصير مشابه لما تعرّض له “حزب الله” ومعه الطائفة الشيعية كلها.

ولكن ما لم يقله قاسم للدولة اللبنانية هو كيف يمكنها أن تقف على رجليها منيح.

الدولة اللبنانية تقف على رجليها منيح عندما تحتكر أولًا السلاح بيدها فتمتلك بالتالي قرار الحرب والسلم.

الدولة اللبنانية تقف على رجليها منيح عندما تعود الى تطبيق دستورها ومن ضمنه اتفاق الطائف الذي نص على حل جميع الميليشيات وعلى حصرية السلاح بيد الدولة.

الدولة اللبنانية تقف على رجليها منيح عندما تتصالح مع المجتمع الدولي وتطبق القرارات الدولية وأهمها الـ1559 والـ1701 والـ1680، والتي تنص كلها على حصرية السلاح بيدها وسيطرتها على الحدود مع اسرائيل كما مع سوريا.

الدولة اللبنانية تقف على رجليها منيح عندما تحترم تعهداتها والتزاماتها تجاه الدول الصديقة التي سارعت لإخراجها من مغامرة حرب “إسناد غزة” التي ورطها الحزب فيها، وكانت نتيجتها تدمير الحزب والبلد. ولعل أولى الالتزامات التي عليها احترامها وتنفيذها، عاجلًا غير آجل، البند المتعلق بنزع أوتسليم سلاح “حزب الله” وكل سلاح آخر غير شرعي على الأراضي اللبنانية.

ثم تطرق الشيخ نعيم الى الخروقات الاسرائيلية المستمرة والتي كان آخرها استهداف هنغار للحزب في حي الجاموس في الضاحية الجنوبية الاحد الماضي، ليستنتج ان الدولة تتعاطى بوسائل ناعمة مع هذه الخروقات.

وفي هذا السياق أيضًا صدَق الشيخ نعيم لأنه لم يبق للدولة في التعاطي إلا الطرق الدبلوماسية، وهي غالبًا ما تكون طرقًا ناعمة. أما إذا أحب الحزب العودة الى الطرق “الخشنة” التي كان يعتمدها، فما عليه الا ان ينقلب على جميع الاتفاقات والقرارات ويعود الى إطلاق ما تبقى لديه من صواريخ باتجاه اسرائيل.. والنتيجة ستكون معروفة سلفًا لأنك إذا أعدت نفس التجربة بنفس الشروط والظروف فلن تحصل إلا على النتيجة نفسها.

ثم ينتقل قاسم الى معاتبة الدولة بسبب تأخرها في إعادة إعمار ما دمّرته رهاناته، قافزًا الى استنتاج أقل ما يقال فيه بأنه غير مفهوم: “شو بدنا بالخارج.. فلتبدأ الدولة بإعادة الإعمار”. مفهوم أن الشيخ نعيم، لظروفه الأمنية، لا يعيش بين الناس ولا يعرف الكثير عن معاناتهم المعيشية في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة. إلا أن الغريب الا يكون أمين عام “حزب الله” متابعًا للأخبار عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل، او حتى عبر التقارير التي تصله، ليعلم بالتالي أن الدولة شبه مفلسة، وان الاحتياطي الموجود في مصرف لبنان هو جزء من ودائع المودعين وبالتالي لا يمكن ولا يحق للدولة أن تتصرف بدولار واحد منه. أما اذا كان الشيخ نعيم يعرف هذه الحقائق ويتجاهلها فهو بالتالي يطالب الدولة بإطلاق رصاصة الرحمة على نفسها ودفعها الى  انهيار اقتصادي كامل يطال الشعب اللبناني كله، ثمنًا لإرضاء بيئته الناقمة عليه وعلى حروبه العبثية.

أما بعد، فيطالعنا الشيخ نعيم بنظرية “نقاط القوة” لدى الدولة اللبنانية، ومن بينها “أبدية” السلاح بيد الحزب.

وفي هذه النقطة أيضًا صدَق أمين عام “حزب الله”، لأن وظيفة هذا السلاح باتت محصورة بإطلاق النار في الهواء لتحذير المدنيين من الغارات الإسرائيلية بعد كل تحذير من تل أبيب، تمامًا كما حصل الأحد الماضي عندما لم تسجل خسائر بشرية في الغارة الإسرائيلية على الضاحية، فيما سقط ستة جرحى برصاص الحزب الطائش.