خاص – صندوق النقد يطالب لبنان بمعالجة الفجوة المالية

خاص – صندوق النقد يطالب لبنان بمعالجة الفجوة المالية

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
30 نيسان 2025

انتهت جولة المحادثات التي عقدها الوفد اللبناني برئاسة وزير المال ياسين جابر مع المسؤولين في صندوق النقد وفي هيئات مالية دولية في واشنطن، في إطار اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين. ولكن نتيجة هذه المداولات لن تكون ملموسة في المدى القريب، على رغم الانطباعات الجيدة التي سادت. فلبنان يحتاج إلى استكمال الإصلاحات قبل الدخول في مسار التعافي بمساعدة صندوق النقد.
ولكنها المرة الأولى منذ وقوع الأزمة الاقتصادية، يعقد اجتماع مع صندوق النقد، وصفه نائب المدير العام للصندوق ميغيل كلارك بالجيد جدا. فلبنان حمل الى الاجتماعات ما يظهر تقدما ملحوظا على صعيد إقرار الإصلاحات المطلوبة، مع أن الطريق لا تزال طويلة.
واستنادا الى مصدر اطلع على فحوى اللقاءات التي عقدت، فقد أبدى المسؤولون في الصندوق ارتياحا لإقرار لبنان بعض الخطوات الإصلاحية المطلوبة، مثل إقرار موازنة العام 2025، وقانون السرية المصرفية، وقانون إصلاح المصارف. وعبروا عن تفاؤلهم بالوصول إلى تفاهم على خطة عمل، تهدف إلى اعادة الانتظام إلى الدورة الاقتصادية والمالية. واعتبر كلارك أن هناك فرصة متاحة اليوم أمام لبنان، وعليه الإفادة منها. ولكن ما تحقق ليس كافيا، وهناك ضرورة لإقرار المزيد من الإصلاحات، على رأسها قانون معالجة الفجوة المالية، أي تحديد المسؤوليات عن هذه الفجوة التي تقارب 75 مليار دولار، وكيفية معالجتها.
ويعتبر صندوق النقد أن الأزمة المالية التي وقع فيها لبنان، ليست مجرد أزمة مالية او مصرفية، بل هي أزمة نظامية، بمعنى أن المسؤولية فيها تقع على عاتق النظام ككل، من الدولة، إلى مصرف لبنان، فالمصارف، إضافة إلى مجموعة من القوانين التي تحتاج إلى تعديل. ويريد صندوق النقد أن تشمل الخطة تهيئة الأرضية للاستثمار والإنفاق الاجتماعي الذي يعزز الاستقرار المالي والنقدي. فالإصلاحات المطلوبة يجب أن تخلق الأجواء المناسبة لنمو مستدام.
اذا، يؤكد صندوق النقد أنه مستعد للانخراط في حزمة إصلاحات شاملة، ويريد أن يرى نتائج ملموسة، قبل إطلاق خطة التعافي. وهو يقدر جهود الحكومة اللبنانية الجديدة، ويدعوها إلى استكمال المسار، لعدم تفويت الفرصة السانحة اليوم.
وفي إطار حزمة الإصلاحات المطلوبة، يبقى قانون معالجة الفجوة المالية هوالأهم، والأصعب في الوقت عينه، لأن هناك خلافات بين الجهات المعنية حول كيفية توزيع المسؤوليات، ومن يتحمل الجزء الأكبر من سد هذه الفجوة، بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف، وما هي الأصول والأموال التي سيتم اللجوء إليها لردم هذه الفجوة، وما المدى الزمني لذلك.
فهناك أولا خلاف حول ما إذا كان يجب اللجوء إلى استعمال أصول الدولة، أو تسييل جزء من احتياطي الذهب الذي ارتفعت أسعاره حاليا.
ولوحظ أن حاكم المصرف المركزي الجديد كريم سعيد قد شدد أخيرا على أولوية الحفاظ على أصول الدولة، مبددا إلى حد كبير المخاوف التي طرحها معارضو تعيينه حاكما للمصرف المركزي، وعلى رأسهم رئيس الحكومة نواف سلام. كما أن سعيد أقر في الوقت عينه أن الأزمة هي نتيجة فشل مؤسسي عميق، بمعنى الاعتراف الواضح بمسؤولية الدولة ثم مصرف لبنان.
أما المصارف فتعتبر أنها تقف في آخر سلم المسؤوليات. وتطالب بالتدرج في توزيع هذه المسؤوليات بين الدولة أولا، ومصرف لبنان ثانيا، والمصارف في الدرجة الثالثة، حيث يجري تمويل الفجوة من إمكانات مصرف لبنان وعائدات الدولة الحالية والمستقبلية ومساهمات المصارف. كما تريد جمعية المصارف معرفة مضمون قانون الفجوة المالية قبل قانون إعادة هيكلة المصارف، كي لا تدفع بعض البنوك الضعيفة والمودعون فيها الثمن.
وتبقى المعضلة الكبرى هنا
كيفية رد أموال المودعين. والقاسم المشترك بين كل الطروحات أن الودائع دون المئة ألف دولار سيجري ردها بالكامل، وإن على مراحل، بينما يبدو التوصل إلى حل شامل لقضية الودائع غير واقعي. وقد أشار حاكم المركزي إلى ذلك، حين أكد “وجوب حماية المودعين الى أقصى حد ممكن، ولكن ضمن استراتيجية واقعية وعادلة”.
الوقت في هذا المجال ليس لصالح لبنان. وعليه إقرار الإصلاحات بسرعة. فهناك مترتبات إضافية نتجت عن خسائر الحرب تقمدر ب 11 مليار دولار، كما هناك كلفة إعادة الإعمار.