
خاص – سلاح المخيمات أولا؟
بعدما وضع ملف سلاح “حزب الله” جانبا، عاد التركيز بقوة، وبشكل مفاجئ، على سلاح حركة “حماس” في لبنان. ويعقد مجلس الدفاع الأعلى اجتماعا اليوم الجمعة، ستصدر عنه قرارات تتعلق بسلاح الحركة. فهل إثارة هذا الاستحقاق هو بهدف التغطية على التباطؤ في فتح ملف سلاح “الحزب”، أم هو رسالة بوجوب تسليم “الحزب” سلاحه، عندما ينتهي الموضوع مع “حماس”؟
في الواقع، يشكل السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وداخلها معضلة لم تجد لها حلا، على رغم القرارات التي اتخذت في طاولة الحوار. وقد تمكن الجيش أخيرا من مصادرة المواقع التابعة للجبهة الشعبية في الناعمة وعلى الحدود الشرقية. لكن مشكلة المخيمات بقيت عالقة، خصوصا ان “حماس” صارت هي القوة الأكبر، وتحديدا في مخيم عين الحلوة في صيدا.
وإذا كانت حركة “فتح” مستعدة لتسليم السلاح إلى الدولة اللبنانية، فإن موقف “حماس” مختلف. وسيزور لبنان قريبا الرئيس الفلسطيني محمود عباس للبحث في هذا الموضوع. ولكن، ليس في مقدوره بالطبع أن يمون على “حماس”.
فالحركة ليست في وارد تسليم السلاح، فيما هي تخوض حربا ضد إسرائيل في غزة. وهي تستند إلى دعم “حزب الله” على الساحة اللبنانية. فهل سيكون “الحزب” مسهلا لعملية نزع سلاح المخيمات، أم سيرفض ذلك؟
إن نزع سلاح المخيمات، إن نجح، سيزيل الحاجز الأول الذي يقف وراءه “الحزب”. لذا، ليس من مصلحته حصول ذلك، حتى لا يصبح هو في الواجهة. لكن في الوقت عينه، يبدو أن التركيز حاليا على السلاح الفلسطيني يبعد الأضواء عن “الحزب”. ولن يكون من السهولة، كما تتوقع مصادر مطلعة، أن يصار إلى الاتفاق سريعا على تسليم السلاح الفلسطيني.
لكن مجلس الوزراء الذي سينعقد بعد ظهر اليوم الجمعة، سيتخذ قرارات مهمة، بناء على توصيات ستصدر عن مجلس الدفاع الأعلى. ومن هذه المقررات الطلب إلى الحركة تسليم عناصر ثبت أنها أطلقت الصواريخ على إسرائيل، ما أدى إلى رد إسرائيلي شمل الجنوب والضاحية.
ولا يعلم ما إذا كانت الحكومة ستطالب بسحب السلاح الفلسطيني، علما أن هذا الموضوع منصوص عنه في الدستور، أسوة بأي سلاح خارج إطار الشرعية اللبنانية.
وتقول المعلومات إن بعض المطلوب تسليمهم إلى السلطات اللبنانية يختبئ في مخيم عين الحلوة، الذي تحول في الفترة الأخيرة إلى ملجأ للهاربين من القانون. وقد يعطي الجيش مهلة لتسليمهم، وإلا قد يكون أمام احتمال استعمال القوة. فهل يفتح ملف عين الحلوة عسكريا، على غرار ما جرى في نهر البارد؟
ثمة معلومات تشير إلى أن لبنان يتعرض لضغوط أميركية كبيرة من أجل نزع سلاح “الحزب”، وتصله أجواء بأن إسرائيل لن تسكت طويلا على الموضوع، وأنها ترى أن الدولة اللبنانية تماطل. لذا، هناك مخاوف حقيقية من أن تعود تل أبيب إلى توسيع الحرب، بهدف القضاء على “الحزب”، كما تعتقد.
وربما يكون تصويب لبنان على موضوع “حماس”، محاولة للقول للولايات المتحدة إن الدولة تقوم بواجباتها، وكذلك يفعل الجيش، وأن “الحزب” ليس هو الطرف الذي خرق وقف النار، بل من أطلق الصواريخ هم عناصر في الحركة. وتحرص السلطات على أن تقوم بدورها في ملاحقتهم ومنعهم من اللعب بالساحة اللبنانية.
ولكن، إذا راقبنا المشهد الإقليمي، يمكن استشفاف عوامل قلق كبير. فإسرائيل غير الراضية على مجريات المفاوضات الأميركية الإيرانية، لم تتأخر في التدخل على محاور مختلفة. ومن هنا يفهم التوتر الشديد مع دروز سوريا، وتدخل إسرائيل للدفاع عنهم، بهدف زعزعة الوضع السوري. كذلك، يمكنها أن تعمل على عرقلة الوضع اللبناني عبر العودة إلى الحرب. وهذا يهدد مسار الاستقرار والإصلاح، الذي بدأ مع العهد الجديد.
فرئيس الجمهورية والحكومة ليسا في وضع يحسدان عليه. فللانتظار ثمن، وللاستعجال ثمن أيضا، بينما ما زال “الحزب” يلعب لعبة إيران، غير آبه بأن مصير لبنان على المحك.