
رصاص عشوائي في الضاحية: رعب مضاعف وأضرار جسيمة
تتعالى أصوات الرصاص العشوائي في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت مراراً وتكراراً، محيلةً أفراحاً أو مناسباتٍ معينة إلى مآتم محتملة، ومسببةً حالة من الرعب والقلق الدائمين لدى ساكنيها وسكان المناطق المجاورة. هذه الظاهرة التي لطالما كانت مصدراً للخطر، باتت اليوم، وفي ظل الظروف الأمنية المتوترة، تثير خوفاً مضاعفاً، حيث يخشى الأهالي الموت برصاصة طائشة لا تعرف هدفاً، أو أن يكون هذا الرصاص نذير شؤم وتطوّرات أمنية قادمة.
زينب، وهي من سكان الضاحية الجنوبية وقد فضّلت عدم ذكر عائلتها، تتحدث عن واقعٍ مريرٍ ومشاعر متناقضة. “اعتدنا سماع صوت الرصاص في المناسبات، وكان ممكناً في وقتٍ مضى أن يكون دليلاً على “إنذار أدرعي” أو رسالة معينة. كنا نخاف، ولكن كان خوفاً مرتبطاً بسياقٍ نفهمه”. وتضيف: “أما اليوم، فالرعب رعبان. نخاف أن تخترق رصاصةٌ طائشةٌ نوافذ بيوتنا أو تصيب أحد أفراد عائلتنا ونحن في أمان منازلنا، ونخاف أيضاً أن يكون إطلاق النار بدايةً لتصعيدٍ أمني لا نعرف تداعياته. نعيش تحت تهديدين دائمين”.
ولا يقتصر الأثر المدمّر للرصاص الطائش على الأرواح وتهديد السلامة الجسدية، بل يمتدّ ليشمل الممتلكات الخاصة أيضاً. وليد سليم، وهو من سكان منطقة مجاورة للضاحية، يروي تجربته المريرة مع هذه الظاهرة المستهترة. “كنت قد ركّبت ألواحاً للطاقة الشمسية على سطح منزلي للتخفيف من أعباء انقطاع الكهرباء، ولأؤمّن مصدراً بديلاً للطاقة. لكنني فوجئت بأن الرصاص الطائش القادم من جهة الضاحية لم تسلَم منه لا سيارتي المركونة أسفل المبنى ولا حتى الألواح الشمسية”. ويشير إلى الأضرار المادية التي لحقت بمركبته وألواحه، معرباً عن غضبه واستيائه من هذا الاستهتار بأمن وممتلكات الآخرين. “دفعتُ مبلغاً كبيراً لتركيب هذه الألواح، وفي لحظة تهوّر وعدم مسؤولية، تحوّلت إلى أهداف لرصاصٍ عشوائي. من يعوّض علينا هذه الخسائر؟ وإلى متى سنبقى نعيش تحت رحمة هذه الظاهرة القاتلة؟”.
إن إطلاق النار العشوائي، سواء كان بداعي الاحتفال أم غيره، يمثل جريمةً يعاقب عليها القانون، ويتسبّب في بث الرعب والفزع بين المواطنين، بالإضافة إلى ما يخلّفه من إصابات وأحياناً وفيات مؤسفة، فضلاً عن الأضرار المادية التي تلحق بالممتلكات العامة والخاصة.
في الختام، يبقى السؤال معلقاً في سماء الضاحية الجنوبية وسماء لبنان ككل: متى يتوقف هذا النزيف العبثي للأرواح والممتلكات؟ ومتى يعمّ الأمن والأمان بشكل حقيقي، ليتمكن المواطنون من العيش بسلام دون الخوف من رصاصة طائشة قد تنهي حياتهم أو تدمّر ما بنوه بعرق جبينهم؟