إنجازٌ علميٌ هائل: علماء يحولون الهواء إلى ماء

إنجازٌ علميٌ هائل: علماء يحولون الهواء إلى ماء

الكاتب: سامي خليفة | المصدر: المدن
4 ايار 2025

ماذا لو قلنا لكم أنه بات بإمكان العلماء تحويل هواء الصحراء الجاف إلى مياه شرب نظيفة، هل ستصدقون ذلك أم ستعتبرونه ضرباً من الخيال؟

في الحقيقة ما نتحدث عنه هنا أصبح واقعاً ملموساً بفضل إنجازٍ حققه باحثون في جامعة “نيفادا” الأميركية، ومع تقلص إمدادات المياه في العالم بسبب الجفاف وتغير المناخ، اتخذ هؤلاء العلماء خطوةً كبيرة نحو إيجاد مصدر مياه مستدام من مصدرٍ غير متوقع وهو الهواء.

كيف يعمل النظام؟
يقوم النظام الذي ابتكره علماء الجامعة الأميركية بتجميع الماء مباشرةً باستخدام محلول ملحي سائل، ما يسمح بتجميع أسرع من الطرق السابقة. ويمكن بعد ذلك معالجة هذا السائل وتحويله إلى مياه شرب آمنة أو لاستخدامه في توليد الطاقة. ولأنه يستخدم غشاءً قائماً على الهيدروجيل، ينتقل الماء بسرعة من الهواء إلى المحلول، محاكياً طريقة تخزين الطبيعة للماء ونقله.

من أكثر جوانب البحث إثارةً للاهتمام هو أن هذه العملية تعمل مع ضوء الشمس. ولأنها تعتمد على الطاقة الشمسية، فقد تكون مفيدة بشكلٍ خاص في الأماكن الصحراوية حيث تشرق الشمس حوالي 300 يوم سنوياً، وهذا يعني أنها لا تتطلب كهرباء من الشبكة، فتقلل بذلك التكاليف وهذا ما يجعلها متاحة بسهولة أكبر في المناطق النائية أو غير المتصلة بالشبكة.

من مختبر البحوث إلى الحلول الواقعية
يشارك أستاذ الهندسة الميكانيكية، هـ. جيريمي تشو، الذي يقود فريق البحث في جامعة “نيفادا”، في تأسيس شركة ناشئة تُدعى “WAVR Technologies Inc”، لطرح تقنية حصاد المياه هذه للعامة، لا سيما أن الشركة ذاتها تعمل على تطوير أجهزة شخصية وتجارية قادرة على سحب المياه مباشرةً من الهواء.

وتعدّ هذه الشركة أول مشروع جامعي منبثق من برنامج محركات الابتكار الإقليمية التابع للمؤسسة الوطنية للعلوم الأميركية، الذي يدعم مشاريع تعالج مشاكل المناخ والاستدامة بحلول متطورة. وهذا ما يضع الشركة في موقعٍ قوي لريادة جهود حل مشكلة نقص المياه في العالم الحقيقي.

وستُبنى هذه التقنية على نطاقٍ واسع في وادي لاس فيغاس، وهي واحدة من أكثر مناطق الولايات المتحدة جفافاً، ما يجعل نجاحها أكثر أهمية. فمع تغير المناخ الذي يجعل التنبؤ بتدفق المياه أكثر صعوبة، فإن وجود أدوات تُنتج المياه من الهواء الجاف قد يُحدث تغييراً جذرياً في حياتنا، وخصوصاً في المناطق التي تعاني من جفافٍ شديد.

ما أهمية هذا الإنجاز العلمي اليوم؟
يزداد العثور على مياه الشرب صعوبةً في المناطق القاحلة حول العالم، وبينما يطول الجفاف، وتتقلص البحيرات والأنهار، تتنافس المدن والمزارع على ما تبقى، ويُطلب من الناس الحفاظ على كمياتٍ أكبر من المياه أكثر من أي وقتٍ مضى.

وبما أن مواردنا المائية آخذة في النضوب، ومناخ كوكبنا يتغير، ولتحقيق الاستدامة علينا حتماً تغيير عاداتنا، فيمكن أن تساعد هذه الطريقة الجديدة “لحصاد المياه” في تقليل الاعتماد على مصادر المياه التقليدية. وقد تسمح للناس بالبقاء في الأماكن التي تتفاقم فيها ندرة المياه، وربما تساعد في تلبية احتياجات الزراعة، والاستجابة للطوارئ، والاستخدام اليومي في المناطق الجافة حول العالم.

والأهم من ذلك، أن هذا الاختراع الجديد يفتح الباب أمام إنتاج المياه في الأماكن التي تشتد الحاجة إليها من دون حفرٍ ولا أنابيب ولا بنية تحتية ضخمة، إنما بالشمس والهواء والعلم الذكي وحسب.

ماذا عن المستقبل؟
مع تزايد الاختبارات والتوسع، يجزم العلماء أنه يمكن استخدام هذا الاختراع الجديد في المنازل، والمزارع، أو من قِبل مجتمعاتٍ بأكملها. ولأنه يعمل بالطاقة الشمسية، فهو مفيدٌ في المناطق النائية أو المناطق ذات الطاقة غير المستقرة. كما أنه يعمل دون الاعتماد على البنية التحتية المائية القائمة، ما يجعله خياراً مثالياً لجهود الإغاثة في حالات الطوارئ.

وبذلك مع تطور التكنولوجيا وانخفاض التكاليف، قد يحصل المزيد من الناس على مياه نظيفة في أماكن بدت في السابق جافة جداً ولا تدعم الحياة. وهذا النوع من التحول قد يعيد صياغة نظرتنا إلى الأمن المائي في عالمٍ يزداد دفئاً.