خاص- واشنطن تتدخل مباشرة في إدارة الملف اللبناني

خاص- واشنطن تتدخل مباشرة في إدارة الملف اللبناني

الكاتب: إيلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
8 ايار 2025

مع الدخول في الشهر الرابع من عهد الرئيس دونالد ترامب، بدأت تظهر انطباعات مختلفة عن الانطباعات الأولى التي رافقت تسلّمه الرئاسة. فلم يعد ترامب ذاك الرئيس الحازم، الذي يتّخذ قراراته ويطبّقها في سرعة، بل تبيّن أن الكثير من قراراته لم يكن واقعيا، وأنه تراجع عن بعضها أو خفّت حماسته لها.

فهو لم ينجح حتى الآن في إنهاء الحرب في أوكرانيا، وبدأ يغيّر نظرته إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما أنه تراجع عن بعض التعرفات الجمركية التي فرضها على بلدان العالم، والتي أعطت نتائج عكسية على الاقتصاد الأميركي. وفي اليمن، قرر ترامب وقف العمليات العسكرية، تحت عنوان “استسلام الحوثيين”، لأنه ملّ الانتظار، ويريد الحصول على نتائج سريعة. أما في ملف المفاوضات مع إيران، فيبدو أيضا، أنها قد تدخل مدار التأرجح، خصوصا إذا لم يكن اللجوء إلى الخيار العسكري جديّا لدى ترامب.

وطالما أن اتجاه الملف الإيراني لم يحسم، فإن موضوع سلاح “حزب الله” في لبنان لن يحسم أيضا. ولا يبدو أن هناك في الأفق القريب أي موعد للحوار الذي حكي عنه بين رئيس الجمهورية و”الحزب” حول السلاح.

ولكن، هذا لا يعني أن الإدارة الأميركية أزاحت اهتمامها عن هذا الموضوع. لا بل على العكس، فإن ملف سلاح “الحزب” ما يزال أولوية بالنسبة إليها، وإن مؤجلة موقّتا. ولكن البديل من إعطاء مزيد من الوقت، للوصول إلى تفاهم حول السلاح، هو العمل على إدارة الملف اللبناني في شكل مباشر، والإشراف على التفاصيل، حرصا من الإدارة الأميركية على عدم حصول أي خطأ، وعلى مدّ يد المساعدة للدولة اللبنانية في تخطي العثرات التي تواجهها.

وتقول مصادر في العاصمة الأميركية إن إدارة ترامب والفريق المكلف متابعة الملف اللبناني، صارا أكثر تفهما لحساسية الوضع الداخلي في لبنان، ولحرص رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة على عدم حصول ما يعكّر الاستقرار على الساحة اللبنانية، بالتزامن مع وضع نزع السلاح على الطاولة. لذا، فهما يعطيان الحكومة اللبنانية فرصة للتعامل مع الموضوع، ولكن بالتزامن مع مراقبة الأمور عن كثب.

وفي هذا الإطار، يبدو أن القرارات الأخيرة التي أصدرها مجلس الوزراء حول “حماس”، ورفض أن تكون عنصرا في تعكير استقرار لبنان، أتت كنتيجة مباشرة لتوصية أميركية في هذا المجال. وقد سبق ذلك تحديد السلطات اللبنانية مسؤولية عناصر في الحركة عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل من الأراضي اللبنانية، ما أدى إلى رد فعل إسرائيلي شمل الإغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت. وهذه الصرامة في الموقف جعلت الحركة تسلّم المطلوبين إلى السلطات اللبنانية من دون أي تلكؤ.

وتتابع الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس التطورات في لبنان بوتيرة يوميّة. وقد تعزّز عمل لجنة المراقبة الدولية بتعيين مسؤول أميركي إضافي يشرف مباشرة على التطورات في الجنوب. وستزخّم اللجنة عملها للحيلولة دون احتمال انفجار الوضع في سكل واسع.

فهناك اليوم تباين يكبر بين طريقة عمل إدارة ترامب والطريقة التي يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتمادها تجاه ملفات المنطقة، ومنها بالطبع لبنان. وتبدو الحكومة الإسرائيلية مستاءة من إدارة ترامب للملف الإيراني، وتخشى تقديم تنازلات أميركية. لذا أخذت المبادرة بتنفيذ غارات واسعة على االيمن ردا على إطلاق صاروخ أصاب مطار بن غوريون، فدمرت مطار صنعاء الذي لم يعد صالحا للعمل. وتبدو إسرائيل مستعدة لتوجيه ضربة إلى إيران، في حال شعرت أن الاتفاق الأميركي الإيراني لا يناسبها.

وفي لبنان أيضا، تحرص الإدارة الأميركية على إبقاء التصعيد في حدّه الأدنى، وهي لا ترغب في عودة إسرائيل إلى توسيع الحرب تحت ذريعة عدم نزع السلاح. لذا، انخرطت في شكل أكبر في إدارة عملية وقف النار، وأبدت تفهما للأسلوب الذي تتبعه الحكومة اللبنانية في مقاربة ملف السلاح، ريثما يجري حسم الملفات الكبرى المؤثرة، وعلى رأسها موضوع إيران.