
عودة … “الأب الضال”
في إنجيل لوقا حديث عن عودة ” الإبن الضال”، لكن في الحالة العونية، الحديث بشكلٍ أدق يدور حول “الأب الضال”.
يجلس الرئيس المؤسس لـ “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون في فيللته في الرابية، وفي قرارة نفسه ندمٌ على التفريط بالإرث الذي يتحمَّل الوريث مسؤولية التفريط به.
على مرمى حجر من مكان إقامته، يقيم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، كما على مرمى حجر يقيم النائب ابراهيم كنعان، لم يعد الرجلان يعرِّجان على منزل المؤسِّس، في الصباحات، منذ أن استقالا أو أقيلا أو أبعِدا، وعدم استقبالهما من قِبَل الجنرال يأتي خشية من أن يمتعض جارٌ آخر في البياضة هو رئيس “التيار” جبران باسيل.
ينظر الجنرال إلى الأفق فيعزّ عليه أن يرى أفق “التيار” مقفلًا: “الفرسان الثلاثة” الذين تركوا “التيار”، لم يفلح اضطهادهم في تعريتهم حزبياً وسياسياً:
النائب آلان عون يهزم رئيس “التيار” في مسقط رأس مؤسس “التيار”، الذي منذ قرابة الشهر حاول “شد العصب” في بلدته حارة حريك، فحضر القداس وسوَّق جماعة “التيار” أن النائب آلان عون اضطُر إلى مغادرة الكنيسة، فيما الحقيقة أنه غادر باكراً لأنه كان مرتبطاً بواجب تعزية.
النائب ابراهيم كنعان يهزم رئيس “التيار” في الجديدة – البوشرية – السد، وفي بلدة ضهر الصوان، فيما النائب الياس بو صعب ينجح في هندسة بلدية ضهور الشوير.
يأخذ “الجنرال المؤسس” خبر الحريق في إذاعة “صوت المدى” في المطيلب، بسبب احتكاك كهربائي، والتي يملكها النائب بو صعب، فيرفع السمَّاعة ويتصل بالنائب بو صعب للاطمئنان بعد الحريق، ويطلع منه على حجم الأضرار التي لحقت بالإذاعة ( موقع “التيار” الإلكتروني أورد خبر الحريق لكنه تجاهل خبر اتصال العماد عون بالنائب بو صعب).
الإشارات التي يرسلها “الجنرال المؤسس” للتياريين الذين أبعدهم رئيس “التيار”، فيها شيء من “العودة عن الخطأ”، لكن المأزق أن رئيس “التيار” لا يعترف بأنه أخطأ في حق هؤلاء، فتكون محاولات “الجنرال المؤسس” أشبه بضربة سيف في الماء. لأن الأمور بلغت درجة من التعقيد لم تعد تُعالَج بلياقةٍ من هنا وتبويس لحى من هناك، فباسيل جهَّز بدائل النواب الأربعة: ماروني وأرثوذكسي في المتن الشمالي، من قيادات “التيار”، وماروني في المتن الجنوبي، بديلاً من آلان عون، وقد باشر هذا البديل جولاته الانتخابية، وماروني في جبيل بديلاً من النائب سيمون أبي رميا.
هل يُصلِح “عطَّار الرابية” ما أفسده “دهر ميرنا شالوحي”؟ المراقبون والخبراء يستبعدون ذلك، فلمُّ الشمل ليس “شربة ماء”، فالخارجون والممتعضون والناقمون والمبعَدون باتوا كثراً، من نعيم عون إلى رمزي كنج إلى زياد أسود إلى زياد عبس إلى ماريو عون إلى شامل روكز، وأخيراً وليس آخراً ربما، النواب بو صعب وكنعان وآلان عون وسيمون أبي رميا.
قريبون من رئيس “التيار” يلمِّحون إلى أنه مدرِكٌ لهذه الحقيقة، لكنه لا يستطيع التسليم بها ويفضِّل عليها استراتيجية “الهروب إلى الأمام” لأن التسليم بها ضربة معنوية لمَن هم في الداخل، بين استحقاقين كبيرين: البلدية والاختيارية هذا الشهر، والنيابية، السنة المقبلة.