
فضيحة في “سيدروس بنك”: مديرة تختلس ملايين الدولارات والمصرف يردّ!
لم يكن ينقص القطاع المصرفي، أزمة جديدة تضاف إلى معاناته مع المودعين، إلا إكتشاف عمليات إختلاس في “سيدروس بنك” لمبالغ طائلة من حسابات طبيب اتخذ صفة الإدعاء الشخصي ضد البنك ومديريه التنفيذيين، والمديرة (ك.ف) “المتوارية عن الأنظار”، وكل من يظهره التحقيق بجرائم إساءة الأمانة، الاختلاس، الإحتيال، السرقة، التزوير، مطالبا بمعاقبتهم، وإلزامهم بتسديده، مبلغ 10 ملايين دولار، يمثل المبالغ المسلمة منه إلى المصرف، إضافة إلى التعويضات الشخصية.
الإتهام ذهب بداية نحو المديرة لتواريها ومواربتها في الأجوبة، لكن المستجدات أفضت وفق مصادر قانونية الى أن “المصرف هو المنتهك الاول كونه يحاول التلطي وراء الاداة المنفذة لتبرير تقاعسه، أو لإخفاء تواطئه، في حين لم يقدم أدنى واجبات الحماية والرقابة لمودع كبير لديه، بهدف تحقيق مكاسب، وإثراء غير شرعي على حساب العملاء”.
الارتكاب يتعدى، برأي المصادر “صلاحيات المديرة إلى المسؤولين في الإدارة العامة، والأقسام الرقابية، وخصوصا القسم الذي يقوم بعمليات التحويل والتدقيق بقانونيتها، وبتوافقها مع إجراءات الأمان والأمانة في المصرف.” إذ من المعروف ان عمليات الإيداع والسحب في المصارف، تخضع لإجراءات مراقبة وتدقيق، لا يمكن تخطيها او تجاوزها بسهولة، فيما التواقيت والتواريخ المدونة على كل إشعار، تكشف منفذي العمليات وحقائقها. أما محاولة “سيدروس بنك” ربط “الإختلاس” بعلاقة شخصية تربط عميل لمصرفه بمديرة أحد فروعه، فلا يعتد بها، طالما أن الإرتكابات غير القانونية، شملت عملاء آخرين لا تربطهم بالمديرة أي صلات. كما لا يمكن للمصرف إنكار الإختلاس، في حين إعترف بالإرتكابات من خلال إدعائه على المديرة أمام القضاء، بعدما أبقى عليها في صفوف إدارته حتى الآونة الأخيرة”.
بدأت القضية كما شرحتها مصادر معنية عام 2021، بعدما فتح طبيب التجميل ر.م. حسابات مصرفية عدة في فرع “سيدروس بنك” في جونية. ومع الوقت، توطدت علاقته مع (ك.ف)، وتوازيا كلف شقيقته متابعة شؤونه المصرفية مع المديرة المذكورة.
وكغيره من اللبنانيين، استفاد الطبيب من خدمة “صيرفة”، لكن حين توقفها، ونظرا لتوافر السيولة لديه، قدمت المديرة في “سيدروس بنك” ك.ف. عرضا بـ”إستثمار” من نوع آخر و”بسقوف أخرى” موهما إياه بالحصول على “عائدات” مرتفعة. وإذ أكدت له أن “الإستثمار” مرتبط بمصرف لبنان، اشترطت السرية، كون الإفادة محصورة فقط بالمصارف، وبكبار المودعين لديها لأن “مصرف لبنان بحاجة إلى سيولة بالدولار، ولذا كلف المصارف استقطابها ليتمكن من حل أزمة السيولة للمودعين تباعا”. وبناء عليه، قام الطبيب بتسليم المدعى عليها، مبلغ 3 ملايين دولار على دفعات نقدية، بعدما وعد بعائدات يمكن تكرارها وتمديدها مرات عدة”. وقد تم تسديد قسم من الاموال جرى إدخاله في حساب الطبيب دون أي توصيف له. وأخيرا، ولدى إصراره على استعادة كامل أمواله، جرى إيهامه أن لمصرف لبنان وحده الحق بتحرير تلك العائدات والمبالغ. وظهر لاحقا انتهاك جديد أقدم عليه المصرف بشخص مديرته (ك.ف) تجاه إبنة شقيقة الطبيب والتي هي من زبائن المصرف. إذ بعدما طلبت الأخيرة من إدارة فرع جونيه بتحويل مبلغ 100 الف دولار إلى الخارج خلال شهر تشرين الأول من العام 2024 بعد أن سلمت المبلغ دفعة واحدة إلى مديرة الفرع خلال آذار من العام 2024، والتي قامت بعد مراجعة إدارتها العامة، كما إدعت، إلى قيده على 6 دفعات نقدية في الحساب. إلى أن تبين، ولدى مساءلتها إدارة المصرف عن أسباب التأخير في تنفيذ التحويل، أن لا أثر للمبلغ في قيود حسابها، وأنه لم يتم إيداع إلا 1000 دولار فقط، فيما تم سحب 8850 دولار من الحساب عينه بتاريخ 18/3/2024 دون علم هذه الأخيرة.
وفاضت الشكوك حين باشر فرع “سيدروس بنك” الطلب من الطبيب وشقيقته وإبنتها، التوقيع على كشوفات حساب بصورة عشوائية، دون السماح لهم بمراجعتها وتدقيقها، ما اوحى بمحاولة التعتيم على التجاوزات الحاصلة”.
وبالاطلاع على بعض المستندات التي تضمنت تواقيع مزورة منسوبة لشقيقة المدعي، يتبين سحب مبالغ من الحساب بالدولار الفريش قدرها الطبيب بمليون و700 ألف دولار، علما أن السحوبات امتدت على مدى 3 سنوات، ولم يلحظها أي تدقيق أو رقابة في المصرف.
وحين إستشفت مديرة المصرف أن “إبنة شقيقة المدعي ستلجأ إلى إتخاذ الإجراءات القضائية لمعرفة مصير مبلغ الـمئة ألف دولار، سارعت بالتواصل معها لتسليمها المبلغ في موقف السيارات التابع له في الدوره، خارج المصرف، دون قيد هذه المعاملة بصورة نظامية ودون طلب أي تواقيع بصددها، الأمر الذي تم رفضه تماما من قبلها”.
رئيس مجلس ادارة
رئيس مجلس ادارة “سيدروس بنك” رائد خوري، أوضح لـ”النهار” أن “لدى المودعين أصحاب الشكوى علاقات شخصية قوية مع المدعى عليها، التي كانت تغريهم بتشغيل أموالهم في دول افريقية من دون أوراق ومستندات تثبت انهم سلموها الاموال التي يقال أنها بنحو 4 او 5 ملايين دولار، ومن دون أن تودع في المصرف، وهي امور مثبتة بتسجيلات صوتية وفيديوهات”.
وأضاف أن “ما يعنينا كمصرف فهو مبلغ يقدر بنحو 800 ألف دولار، وفي حال ثبت تورط اي من مسؤولينا بضياعها، فنحن على استعداد لتحمل المسؤولية وتسديد المبلغ، علما أن هذه الحالات مغطاة ببوالص التأمين”.
بيد أن المستندات التي اطلعت عليها “النهار” التي هي بحوزة الطبيب المودع، تبين أن ثمة تزويرا بالتواقيع، الامر الذي نفاه خوري، مؤكدا “أن القضاء هو الذي سيثبت صحة هذا الادعاء من عدمه، علما أن التوقيع عينه الذي يقال أنه مزور، حول الطبيب بموجبه مبالغ الى حسابه في الخارج””.
وأكد خوري أن “أسباب نقل الموظفة من فرع الى آخر لا يتعلق بالقضية، بل لاعتبارات تتعلق بعدم التزامها بنظام المصرف، اضافة الى لباسها الذي لا يتناسب مع أدبيات موظفة بنك، وتاليا قمنا بسحب كل التواقيع منها وكلفناها بمهمات أخرى، ولكن عند اكتشافنا تلاعبها إدعينا عليها، حتى قبل أن يرفع المودع دعواه ضدها”.