“الحزب” رفض تفتيش موقع قصفته إسرائيل

“الحزب” رفض تفتيش موقع قصفته إسرائيل

المصدر: الجريدة الكويتية
11 ايار 2025

تلقى لبنان رسائل دولية كثيرة منذ الاستهداف الإسرائيلي الكبير لموقع علي الطاهر العسكري، التابع لحزب الله في محيط مدينة النبطية يوم الخميس الفائت، تدور كلها حول ضرورة مواصلة العمل وتسريعه في سبيل حصر السلاح بيد الدولة، خصوصاً شمال نهر الليطاني.

وحملت الضربة الإسرائيلية رسالة واضحة، بأنه في حال لم تقدم الدولة اللبنانية على تفكيك بنية حزب الله العسكرية شمال نهر الليطاني، فإن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية وقد تصعّدها أكثر.

ووفق ما تشير مصادر متابعة، فإن جوهر الرسالة هو أنه لا جدوى من انتظار مسار التفاوض الإيراني – الأميركي، لأن إيران ستكون مجبرة على تقديم التنازلات الكاملة التي تطالب بها الولايات المتحدة، بما فيها التخلي عن حلفائها أو أذرعها في المنطقة، وبالتالي يمكن اختصار الوقت وتجنيب الدولة مزيداً من الضغوط، التي تربط بين سحب السلاح والمساعدات الخارجية المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد وإعادة الإعمار.

وتشير المصادر المتابعة إلى أنه قبل استهداف هذا الموقع، وهو عبارة عن أنفاق محصنة تحت الأرض بقنابل خارقة للتحصينات، كانت لجنة المراقبة قد أبلغت الجيش اللبناني بضرورة مداهمة هذا الموقع، لكنّ حزب الله رفض ذلك بشكل كامل، ومنع الجيش أو قوات «يونيفيل» التابعة للأمم المتحدة من الدخول اليه، بذريعة أنه يقع شمال نهر الليطاني، وبالتالي هو غير مشمول بوقف إطلاق النار حسب تأويل حزب الله للاتفاق. وتخشى المصادر أن يتكرر هذا الموقف في مواقع أخرى، حيث يتمسك الحزب برفض تفتيشها من قبل الدولة اللبنانية، فتأتي الضربة من إسرائيل.

ويتزامن هذا مع محاولات إسرائيلية لحشد دعم دولي لتوسيع صلاحيات قوات «يونيفيل»، ومنحها حق حرية الحركة من دون التنسيق مع الجيش اللبناني، وحق استخدام القوة، خصوصاً بعد تزايد الاعتداءات التي تتعرض لها هذه القوات أخيرا في مناطق مختلفة من الجنوب.

هذه العناوين ستكون في قلب زيارة ستجريها المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس الى بيروت أواخر الشهر الجاري، حيث ستواكب الإجراءات المتبعة من قبل الدولة اللبنانية لبسط سلطتها بشكل كامل على أراضيها، مذكّرة بأن الجهات الدولية لا تجد نفسها معنية بالتقسيم الذي يتحدث عنه اللبنانيون بين جنوب الليطاني وشماله، وذلك كنوع من الرد على بعض الكلام عن موافقة حزب الله على تسليم الجيش كل مواقعه جنوب النهر، ورفضه تسليم أي قطعة سلاح شماله.

وسوف تكون زيارة الموفدة الأميركية أكثر وضوحاً بعد ظهور نتائج زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، والتي ستتحدد فيها ملامح المرحلة المقبلة، من دون إغفال احتمال عقد قمة رباعية في السعودية تجمع ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيسين اللبناني جوزيف عون، والسوري أحمد الشرع.

على وقع هذه التطورات المتسارعة، تواصل قنوات التواصل بين رئيس الجمهورية وحزب الله البحث في مسألة سلاح الحزب وسبل الوصول إلى استراتيجية دفاعية. ولا يزال رئيس الجمهورية يؤكد أن العمل جارٍ لتحقيق هذا الهدف، معبّراً عن ثقته بإمكانية معالجة هذا الملف بهدوء ومن دون صدام، من خلال اعتماد الحوار الداخلي مع الحزب كخيار أساسي.

في سياق متصل، برز اللقاء الذي جمع قبل فترة رئيس الحكومة نواف سلام والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين الخليل، بناءً على طلب الأخير. ووفق المعلومات، فقد استفسر الخليل عن خطة الحكومة لإعادة الإعمار، فردّ رئيس الحكومة بأن هناك مبلغاً مقدّراً بـ 250 مليون دولار مخصّصاً من البنك الدولي لإعادة بناء البنى التحتية، وتسعى الحكومة إلى رفع هذا المبلغ إلى مليار دولار. حينها سأل الخليل عن المناطق التي ستشملها هذه المساعدات، وإذا ما كان صحيحاً أن البنك الدولي يشترط أن تُخصّص فقط للقرى التي لا يزال سكانها فيها.

ويُبدي حزب الله قلقاً كبيراً من هذا الشرط، إذ يرى فيه خطراً حقيقياً من احتمال تكريس منطقة عازلة، كما تسعى إسرائيل، من خلال عرقلة عودة دورة الحياة إلى القرى الحدودية الأمامية. فهذا الشرط يعني عملياً أن المساعدات ستتوجّه إلى قرى الخطّ الخلفي فقط، فيما تبقى القرى التي لم يعد إليها سكانها خارج دائرة الاهتمام.

غير أن رئيس الحكومة شدّد على أن الحكومة تواصل جهودها الدبلوماسية للضغط باتجاه انسحاب إسرائيلي كامل، ولضمان عودة الحياة إلى جميع القرى اللبنانية.

من جهته، دعا الخليل الحكومة إلى إنشاء صندوق مخصّص لإعادة الإعمار، تُجمع فيه كل الهبات والمساعدات الدولية، مشيراً إلى أن عدداً من الدول والجهات عبّر عن رغبته في تقديم الدعم للبنان، وعلى رأسها العراق الذي يعتزم تقديم ملياري دولار، إلى جانب جهات أخرى.

وقد وافق رئيس الحكومة على مبدأ إنشاء الصندوق، معتبراً أن العمل يجب أن يتركّز على بلورة الصيغة المناسبة لذلك، ومشدداً على ضرورة ربط هذه الخطوة بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتعزيز ثقة المجتمع الدولي بلبنان وبآلية إعادة الإعمار، إلى جانب أهمية الاستمرار في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب..