
الشمال يصوّت اليوم في الجولة البلدية الثانية «رضا» أميركي على تقويض نفوذ «الحزب»… وتفاؤل حذِر بقدرة الدولة على فرْض نفوذها
لو لم تكن الانتخابات البلدية والاختيارية التي يشهد لبنان اليوم جولتها الثانية في محافظة الشمال (وعكار) ركيزةَ في مسارِ استعادة الدولة تَوازُنها المؤسساتي، كواحدٍ من جناحيْن يشكّل استردادُ «الوزن السياديّ» عنوانه الثاني كاسمْ حَرَكي لسحْب سلاح «حزب الله»، لَبدا الاهتمام بهذا الاستحقاق المحلّي غير متناسِب مع حجم الأحداث الكبرى التي تَجْري في المنطقة والتوترات المترامية التي لـ«بلاد الأرز» حصة وازنة منها، من خلف ظهر اتفاق وقْف النار مع إسرائيل، ولا يمكن إسقاط احتمال أن تشهد فصولاً إضافية يُخشى أن تكون أقسى.
ففي وقت تتّجه الأنظارُ إلى زيارة الرئيس العماد جوزف عون للكويت اليوم وغداً في استكمالٍ لعملية هدم «الجدران» بين لبنان ودول الخليج العربي وترميم جسور الثقة، وينشدّ العالم إلى جولة الرئيس دونالد ترامب في المنطقة، بدءاً من الرياض ثم القمة العربية في بغداد، يعود الوطن الصغير اليوم «إلى الصندوقة» ليضع «رأسه» في أرقام النتائج التي ستتطاير من اقتراعٍ يختلط فيه حابل العائلي والإنمائي بنابل السياسي والحزبي، وأحياناً وفق تحالفات وتقاطعاتٍ «على القِطعة» وبين خصوم.
ولم يكن عابراً التوازي الذي ارتسم أمس، بين ترقّب ما ستفرزه انتخابات الشمال التي دُعي إليها نحو مليون ناخب والتي تتركّز العيونُ فيها على الأقضية ذات الغالبية المسيحية كما على بعض الاختبارات في مناطق الثقل السني، وبين استمرار «كاشفة الأضواء» الدولية على الواقع اللبناني في شقّه المتعلّق ببسط الدولة لوحدها سلطتها على كامل أراضيها ومرافقها البرية والبحرية والجوية كجزء من تنفيذ تعهداتها بسحب سلاح «حزب الله» ومن تقويض نفوذه ومنْع تمويله أو إعادة تكوين ترسانته العسكرية.
وفي الإطار، برز ما أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس، نقلاً عن مسؤولين أمنيين وعسكريين لبنانيين رفيع المستوى من أن إدارة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت عزلت موظفين مشتبه في انتمائهم إلى «حزب الله».
وإذ أشارت إلى أن طواقم التفتيش في المطار «لم تَعُد تتلقى توجيهات من رؤسائها لإعفاء بعض الطائرات والركاب من عمليات التفتيش» وسط استمرار تعليق الرحلات الجوية من إيران منذ فبراير الماضي، قال مسؤول أمني للصحيفة إنّ «الدولة اللبنانية تقوم بتركيب تقنيات مراقبة جديدة ستدمج الذكاء الاصطناعي».
ووفق المسؤول «فإن الأمن اللبناني أحبط أخيراً محاولة تهريب أكثر من 22 كيلوغراماً من الذهب إلى حزب الله عبر مطار بيروت، في وقت يُقر مسؤولو الحزب بأنّهم «يواجهون صعوبات جديدة في استخدام المطار لنقل الأموال وفي تمويل إعادة الإعمار».
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين أميركيين وإسرائيليين «رضاهم عن إجراءات الحكومة اللبنانية للحدّ من سيطرة حزب الله على الموانئ وعلى أسلحته في جنوب البلاد ومنعه من الحصول على الذخيرة».
وقال المسؤولون الأميركيون إنّهم «متفائلون بحذر في شأن سيطرة الدولة الأكثر مركزية تحت القيادة التكنوقراطية الجديدة في لبنان، في بيئة يضعف فيها حزب الله وتتزايد المعارضة العامة ضده».
وأعلن مسؤول أميركي رفيع المستوى عضو في اللجنة الدولية المشرفة على وقف إطلاق النار، أن «هناك ما يدعو للأمل هنا… لقد مرت ستة أو سبعة أشهر فقط، وقد وصلنا إلى مكان لم أكن أعتقد أنه يمكن تحقيقه في وقف إطلاق النار الذي أعلن في نوفمبر الماضي»·
وأكد رئيس الوزراء نواف سلام لـ«وول ستريت جورنال» أن لبنان يحقق «تقدماً في مكافحة التهريب للمرة الأولى في تاريخه ويمكنكم الشعور بالفرق».
أما نائب «حزب الله» إبراهيم الموسوي فصرّح للصحيفة نفسها بأن الحزب تكبّد خسائر، لكنه أشار إلى أن هناك طرقاً لإعادة تسليحه على قاعدة أنه «حيث توجد إرادة، توجد وسيلة»، موضحاً «أن مزاعم سيطرة حزب الله على المطار مبالغ فيها، فنحن جزء من النظام».