خاص- سوريا لا تمانع التطبيع مع إسرائيل

خاص- سوريا لا تمانع التطبيع مع إسرائيل

الكاتب: إيلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
15 ايار 2025

دشّن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زيارته الخليجية عهداً يريد من خلاله استئناف عمليّات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، والتي عُرفت باسم الاتّفاقات الإبراهيمية. ومع أنّ التوقيت لا يبدو مناسباً، خصوصاً بالنسبة إلى السعودية، التي تريد أوّلاً إنهاء الحرب في غزّة وإقرار الحقّ في قيام دولة فلسطينية، فإنّ من مصلحة دول أخرى، وعلى رأسها سوريا، حصول اتّفاق ما مع إسرائيل، يضمن أوّلاً وحدة أراضيها، ويؤمّن ثانياً الدعم الأميركي، الذي يؤهّلها لاستعادة دورها في المنطقة.

وبالفعل، فقد أعلن ترامب رفع العقوبات عن سوريا، تلبية لتوصية من وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان. وأهمّ هذه العقوبات كانت تشمل حظر ممتلكات الدولة السورية، ومنع الأمريكيين من الاستثمار في سوريا، إضافة إلى حظر استيراد أو بيع المشتقاّت النفطية والاستثمار في هذا القطاع. وأتى أخيراً “قانون قيصر” الذي منع الدول أو الكيانات أو الأفراد من التعامل الاقتصادي مع دمشق، ما أدّى إلى انهيار الاقتصاد وتراجع العملة السورية في شكل كبير.

وشدد ترامب على أنه “يسعى لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة، وأنه سيعمل على إضافة المزيد من الدول إلى الاتفاقات الإبراهيمية”. كما أبدى الاستعداد “لمساعدة لبنان في بناء مستقبل من التنمية الاقتصادية والسلام مع جيرانه”. وبالنسبة إلى السعودية، قال إنّ حلمه هو انضمام المملكة إلى اتفاقيات إبراهيم للسلام، لكنّه بدا متفهّماً لكون أنّ الرياض لن تُطبّع العلاقات مع إسرائيل إلّا عندما تكون مستعدّة لذلك.

في أيّ حال، يرى محلّلون في العاصمة الأميركية أنّ الساحة السوريّة قد تكون الآن الأكثر استعداداً لعقد اتّفاق مع إسرائيل، لأسباب عدّة.

فهناك أوّلاً الاحتلال الإسرائيلي لجنوب سوريا، والذي أعقب سقوط نظام الأسد. إذ تعتبر إسرائيل أنّ اتّفاق فصل القوّات للعام 1974 لم يعد قائماً، وهو ما جعلها تسيطر على أراض سورية من أجل حفظ أمنها. ومن مصلحة النظام الحاليّ في دمشق في المقابل، التوصّل إلى اتّفاق بديل عن اتّفاق فصل القوّات بإشراف الأمم المتّحدة أو الولايات المتّحدة، يؤدّي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي المستجدّ في جنوب البلاد. ولاحظت تقارير لمراكز دراسات أميركية أنّ  حكومة أحمد الشرع تعاملت مع هذه الوقائع على الأرض بهدوء ملحوظ. وكانت ردود فعل الرئيس السوري الجديد قليلة وهادئة، وأكّد في كل مرّة أنه لا يرغب في التصعيد مع إسرائيل، التي لديها مصلحة واضحة أيضاً في استقرار جبهتها الشمالية.

وهناك أيضاً الملف الدرزيّ، الذي يريد الشرع التوصّل إلى صيغة في شأنه، ترضي الدروز، بما لا يدفعهم إلى التفكير في الانفصال أواللجوء إلى الحماية الإسرائيلية. وقد يتضمّن هذا الاتّفاق حدّاً معيّناً من الامتيازات للمناطق الدرزية.

وفي المقابل، من مصلحة إسرائيل التعاون مع الحكم في سوريا لمنع عودة النفوذ الإيراني. إذ إنّ المحاولات مستمرّة لإعادة تموضع “حزب الله” و”الحرس الثوري” في سوريا. وهذا ما حصل خلال الأحداث الدامية الأخيرة التي جرت في الساحل ذي الأكثرية العلويّة، والتي تمّ قمعها.

أمّا الإفادة الأكبر لسوريا فستكون في الجانب الاقتصادي. وقد فتح قرار الرئيس الأميركي برفع العقوبات عن دمشق الباب واسعاً أمام الانتعاش وعودة الاستثمارات، وهو مكسب لا يريد الشرع خسارته بأيّ ثمن.

واستناداً إلى مقال في “معهد واشنطن”، يمكن إعادة تفعيل خطة المبعوث الأميركي السابق آموس هوكشتاين، التي تقترح ضخّ الغاز الإسرائيلي إلى سوريا عبر خطّ الغاز العربي الذي يمرّ بالأردن. ويمكن للدول الخليجية والغربية أن تتولّى تغطية تكاليف هذا المشروع، كوسيلة لتعزيز فرص تحقيق السلام في المستقبل.

لقد فتح قرار رفع العقوبات عن دمشق، والدعم السعودي للشرع، وكذلك الرعاية الأميركية، وإشراك تركيا، الباب واسعاً أمام الحكومة السورية لوضع البلاد على سكّة التعافي والازدهار ونسج العلاقات المتينة مع دول الجوار والعالم.

صحيح أنّ الظروف الحالية غير ناضجة بعد لعقد اتّفاق سلام مع إسرائيل، ولكن المسار بدأ، وسيؤدّي في النهاية إلى شكل من أشكال التطبيع، الذي قد تطلق شرارته من جديد المملكة العربية السعودية.