خاص- نهاد الشامي… المرأة التي مشت إلى القديس شربل بخطى من نور

خاص- نهاد الشامي… المرأة التي مشت إلى القديس شربل بخطى من نور

الكاتب: أسعد نمور | المصدر: Beirut24
15 ايار 2025

في لبنان، حيث تُخلط القداسة بالحجارة، وتتفجّر المعجزات من قلب الألم، عاشت امرأة استثنائية اسمها نهاد الشامي. لم تكن راهبة ولا متصوفة، بل امرأة بسيطة، واجهت الشلل الجسدي، ثم مشت على رجليها بقوة الإيمان، ووهبت بقيّة عمرها للرجاء.

نهاد الشامي لم تكن مجرد شاهدة على معجزة، بل تحوّلت إلى معجزة تمشي بين الناس، تتحدث، تبكي، وتصلي. اسمها التصق باسم القديس شربل حتى صار الاثنان في الذاكرة الروحية الشعبية وجهين لحكاية واحدة، حكاية بدأت في بيت بسيط، وانتهت في الأبدية.

في إحدى ليالي كانون الثاني من عام ١٩٩٣، دخلت نهاد نومها وهي مشلولة، وخرجت منه تمشي. لم تُجرَ لها عملية، لم تُستدعَ طواقم طبية، فقط صلاة من القلب، وزيارة باطنية قالت إنها من القديس شربل، غيّرت مصيرها الجسدي والروحي. ومنذ تلك اللحظة، لم تعد حياتها ملكًا لها، بل صارت مكرّسة لمن شفَاها، تنقل قصتها، وتفتح قلبها لكل من طرق بابها يسأل عن الرجاء.

لم تسعَ نهاد إلى الشهرة، بل هي التي لحقتها. عشرات السنوات أمضتها تسرد شهادتها، وترافق المرضى، وتزرع في القلوب الحائرة بذورًا من نور. لم تكن واعظة، بل كانت حضورًا صامتًا لقوة الله في الجسد والروح.

عيناها المحمرّتان من البكاء، يداها المضمومتان على المسبحة، وصوتها المرتجف حين تنطق باسم “مار شربل”، كلّها كانت كافية لتحرّك شيئًا في أعماق الناس.

لم تكن قصتها عن شفاء جسدي فقط، بل عن شفاء داخلي، عن امرأة أعطيت لها فرصة ثانية، فحوّلتها إلى دعوة كاملة لحمل الصليب مع الرجاء، لا بالوجع وحده.

واليوم، بعد عمرٍ من الشهادة، جاء الموعد المنتظر. نهاد الشامي رحلت إلى حيث طالما اشتاقت. لا كمن يُغادر، بل كمن يعود إلى بيتٍ يعرفه جيدًا.

في الإيمان الذي حملته سنوات، نهاد الآن تمشي مجددًا، لا على أرض هذه المرة، بل على دربٍ من نور، تمسك بيد القديس شربل، وتدخل معه إلى حياةٍ لا ألم فيها، ولا شلل، ولا وجع.

لقاؤها به لم يكن نهاية، بل تتويجًا لمسيرة روحية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود. ومن كانت شاهدة على المعجزة، باتت اليوم شريكة في سرّ السماء.

نهاد الشامي غابت بالجسد، لكنها بقيت بالمعنى. بقيت في كل مسبحة تُرفع باسم شربل، وفي كل مريض يُصلّي طلبًا للشفاء، وفي كل مؤمن يبحث عن إشارة وسط عتمة الطريق.

هي ليست فقط اسمًا في دفتر العجائب، بل صفحة كاملة من سفر الإيمان اللبناني.