
سقوط ذرائع بقاء النازحين بعد رفع العقوبات عن سوريا
تلقى لبنان بترحيب كبير قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا “بعد حديثي مع الأمير محمد بن سلمان”، لما لهذا الإجراء من انعكاس على عودة النازحين إلى ديارهم.
لطالما تصدى المجتمع الدولي للحكومات اللبنانية المتعاقبة في ملف عودة النازحين، وخرج أكثر من مسؤول أوروبي في بروكسل ليواجه المسؤولين اللبنانيين عند طرح العودة، بحجة أن الظروف غير مؤاتية لها. وكان من بينها المبررات أن سوريا ليست آمنة بسبب نظام بشار الأسد.
وبعد سقوط وفتح لبنان صفحة جديدة مع دمشق، خرج رئيس الحكومة نواف سلام أكثر من مرة ليطالب برفع العقوبات عن سوريا نظرا إلى انعكاس الأمر على لبنان. وإثر موافقة ترامب بتدخل مباشر من ولي العهد السعودي، تلقى السوريون في الداخل والخارج هذه الهدية التي انتظروها طويلا للتخلص من أغلال “قانون قيصر”.
يبقى على الحكومة أن تستفيد من هذا التطور إذا أحسنت التعامل مع الملف الذي يجب أن يُقارَب بحسب وزير الشؤون الاجتماعية سابقا رشيد درباس وفق جملة من الخطوات التي سبق أن اتبعها إبان وجوده في الوزارة.
بالنسبة إليه، لا مانع اليوم من إجراء مسح شامل ومدروس لتحديد انتشار النزوح السوري في مختلف المناطق اللبنانية والعمل وفق الدراسات التي تحدد من هو اللاجئ وما تفسيره الذي لم يعد ينطبق على السوريين في لبنان، بعدما سقط هذا المفهوم. وسبق لدرباس أن ناقش الموضوع بإسهاب مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس الذي وافقه الرأي، من دون أن ينفذ المجتمع الدولي رؤية لبنان حيال الملف. واليوم بعد رفع العقوبات، يمكن متابعة مفوضية اللاجئين الأمر وإقامة مخيمات ومراكز إيواء في سوريا. ولا حاجة إلى التذكير بعدم اكتراث المفوضية لتحذيرات لبنان مرارا.
يبقى أن الأفرقاء في لبنان، نتيجة انقساماتهم، لم يقدموا رؤية واحدة متماسكة، فيما المطلوب من الوزيرة المعنية بالملف حنين السيد البدء بخطوات إجرائية حيال النازحين، في وقت لم تصدر أي اشارة من الشرع وحكومته بالإعلان عن الاستعداد لعودة مواطنيه إلى بلدهم.
في غضون ذلك، كان وزير الشؤون الاجتماعية السابق هكتور حجار “يقاتل” على مدار ثلاث سنوات في المحافل الأوروبية وهو يسلط الضوء على الأخطار والأثقال الناتجة من وجود هذه الأعداد من النازحين في لبنان، والأعباء التي يخلفونها على أهل البلد في أكثر من حقل.
ويقول لـ”النهار” إن “الأسباب والذرائع التي كان يتلطى خلفها المجتمع الدولي سقطت بعد وقف الأعمال الحربية ورحيل النظام السابق. ومن غير المسموح تحويل لبنان ممرا للجوء السوريين إلى الخارج، في وقت بدأت البلدان الأوروبية ترحل السوريين غير الشرعيين الذين دخلوا أراضيها خلسة”.
ويدعو حجار إلى عدم المماطلة، وإلى “مغادرة هؤلاء لبنان وفق برنامج زمني واضح وسريع، وعلى الاتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي ومفوضية اللاجئين تحمل مسؤولياتهم، ومن غير المقبول أن يبقى النازحون في لبنان بعد كل التغييرات التي حصلت في سوريا”. ويبقى على الحكومة بحسب حجار “مباشرة جدولة العودة السريعة”. ويحذر من أي تراخ لبناني في هذا الملف، وإلا “سيتم تأكيد المؤكد” عند البعض، وهو إبقاء النازحين السوريين في لبنان على غرار ما حصل مع اللاجئين الفلسطينيين طوال كل هذه العقود.