ترامب في أوروبا الجديدة

ترامب في أوروبا الجديدة

الكاتب: اسعد بشارة | المصدر: نداء الوطن
16 ايار 2025

المشهد في الرياض بالغ الأهمية. الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على رأس وفد من كبار مدراء الشركات الأميركية العملاقة، في زيارة تعكس تحولاً جوهرياً في العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم العربي. الزيارة لم تكن بروتوكولية فحسب، بل بدت كافتتاح رسمي لعصر جديد من التحالف الاستراتيجي بين أميركا ومنطقة قررت أن تسلك طريق الحداثة بعيداً من شعارات الماضي.

في الرياض، حيث انعقدت القمم السياسية والاقتصادية، لم يكن المشهد عادياً. العاصمة السعودية ظهرت كأنها إحدى عواصم القرار في العالم الجديد. عالم لم يعد يحفل بالشعارات الأيديولوجية المتهالكة، بل يضع تكنولوجيا المعرفة والذكاء الاصطناعي في صدارة الأولويات.

إنه سباق عالمي على امتلاك أدوات القوة الناعمة والذكية، سباق لا مكان فيه للأفكار المتحجرة ولا للسرديات التي سادت القرن العشرين.

في هذا السياق، بدت رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كأنها تتحول من حلم طموح إلى واقع يتشكل أمام أعين العالم. عبر مشاريع ضخمة كـ “نيوم” والتحولات الاجتماعية الجريئة، تمضي المملكة ومعها دول الخليج في مسار تحديثي غير مسبوق. لم تعد المنطقة تنتظر التغيير من الخارج، بل تصنعه بنفسها، وتعيد تموضعها على خريطة القوى الصاعدة.

ترامب، من جهته، لم يكن مجرد ضيف رسمي. بدا كأنه الرجل الذي قصّ شريط افتتاح هذا التحول الكبير. بخطابه الذي جمع بين لغة المصالح والواقعية السياسية، أعلن أن أميركا تعوّل على هذا “العالم العربي الجديد”، كحليف وشريك في مواجهة التحديات الكبرى، من مكافحة الإرهاب إلى احتواء التوسع الإيراني، وصولاً إلى سباق التقدم التكنولوجي.

زيارة ترامب للرياض كانت إعلاناً صريحاً عن تحول استراتيجي: لم تعد أوروبا وحدها مرجعية التقدم.

هناك “أوروبا جديدة” تولد في الخليج، بطموحات عصرية، واقتصادات مرنة، ومجتمعات في طور الانفتاح والتجدد. هذه المنطقة، التي طالما كانت مسرحاً لصراعات الآخرين، تسعى اليوم لتكون صانعة للقرار، لا مجرد تابع له. والولايات المتحدة، على لسان ترامب، قالت بوضوح إنها تجد في هذا التحول فرصة لتجديد التحالف على أسس براغماتية وحديثة.