
مجلس النواب ينصف نايا حنا وضحايا الرصاص العشوائي: بند التعويضات يفجر الجلسة وتساؤلات عن «الإيد والإجر»
بعدما تكدّست اقتراحات القوانين المعجّلة المقدّمة من النوّاب، باتت الحاجة إلى جلسة لإسقاط صفة العجلة عنها، لتحال إلى اللجان النيابية المختصة، فتدرس وتناقش بحسب الأصول، لتحال مجدداً مع الملاحظات عليها إلى الهيئة العامة.
باختصار، هذه هي الأسباب الموجبة لانعقاد الجلسة التشريعية أمس، والتي لم تتعدّ مدّة انعقادها الساعة ونصف الساعة، على الرغم من أن جدول الأعمال يتألّف من 83 بنداً، كانت تستغرق مناقشته عادة يومين، بجلسات صباحية ومسائية.
وهو ما أشار إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في بداية الجلسة بقوله «هي جلسة استثنائية بعدما تراكمت الاقتراحات نتيجة الأوضاع التي كانت سائدة في ظلّ الشغور الرئاسي».
أما النائب جميل السيد، فغمز من قناة عدم انطباق صفة العجلة على اقتراحات مقدّمة من النوّاب بقوله «إن مفهوم العجلة مرتبط بالسرعة المتعلّقة بمسألة محدّدة، وإلّا فلا حاجة إلى ورود الاقتراح بصفة العجلة للقوطبة على اللجان النيابية».
بينما ذهب النائب جورج عدوان أبعد من ذلك، فطالب بالتصويت على اقتراح إحالة كل جدول أعمال الجلسة إلى اللجان المختصة، ليُدرس في مهلة شهرين، وهو ما يتطلّبه التشريع السوي والمدروس، طالما أننا نعلم جميعاً أن غالبية الاقتراحات ستحال في نهاية الأمر إلى اللجان».
وهو ما أيّده به النائب سامي الجميل، وعارضه النائبان حسن فضل اللّه وعلي حسن خليل. الأوّل اعتبر أن «جدول الأعمال وضع وفق الأصول، ولمجلس النواب أن يوافق على العجلة أم لا، أما إحالته رزمة واحدة إلى اللجان فلا تلتقي مع أصول التشريع». بينما اعتبر خليل أننا «لا نريد تجاوز الأصول، فلنصوّت على كل اقتراح».
وبينما اعتبر النائب أشرف ريفي أن مسألة السجون لا تحتمل التأجيل، كان جواب بري: «أنا مع المحاكم في السجون».
وعندما اقترح النائب جبران باسيل إعطاء كل مقدّم اقتراح دقيقة لشرحه أجابه بري «النظام الداخلي لمجلس النواب لا يقول ذلك».
سقوط العجلة بدقائق
وهكذا، بدأ سقوط صفة العجلة يتوالى على الاقتراحات، واحداً تلو الآخر، لتتم إحالتها إلى اللجان. وعند الوصول إلى البند 24 المقدّم من النائب عماد الحوت المتعلّق بإعفاء مالكي الأبنية الخاضعة لأحكام قوانين الإيجارات من المسؤولية القانونية مدنياً وجزائياً، قال بري «معقول هيدا اقتراح معجّل؟»، قاصداً بذلك أن الاقتراح كان يجب أن يقدّم وفق الأصول، ليناقش في لجنة الإدارة والعدل.
فجأة ارتفع صوت النائب أديب عبد المسيح عند الوصول إلى البندين 51 و 52، الأول مقدّم من النائب أغوب ترزيان، والثاني مقدّم منه، ويتعلّقان بتشديد العقوبات على مطلقي النار في الهواء. فقد اعتبر عبد المسيح أن الموضوع إنساني وله علاقة بأرواح الناس ولا يحتمل التأجيل. الأمر الذي شدّد عليه ترزيان أيضاً. بينما اعتبر عدد من النواب أن المشكلة ليست في النص بل في الملاحقة والتطبيق. فيما لفتت مداخلة النائب علي عمّار الذي شدّد على أن «الأساس يبقى في رفع الغطاء السياسي عن مطلقي النار».
ووسط استمرار الأخذ والردّ، خرج عضو كتلة «التنمية والتحرير» أشرف بيضون بحلّ سار به الجميع بعد الأخذ برأي وزير العدل عادل نصار وهو «مضاعفة العقوبة من سنة إلى 6 سنوات، بعدما كانت من 6 أشهر إلى 3 سنوات». فطالب النائب عبد المسيح بتسمية القانون «بقانون نايا حنا»، وهي الطفلة التي توفيت في بلدة الحدت، في آب 2023، بعد 23 يوماً على إصابتها بالرصاص الطائش الذي أطلقه محتفلون بصدور نتائج الإمتحانات الرسمية.
البند 70 وتشنّج الجلسة
بعدها تكرّر المشهد، فأحيلت البنود 53 إلى 69 إلى اللجان بعد سقوط صفة العجلة عنها، لترتفع «حماوة الجلسة» عند الوصول إلى البند 70 المقدم من نوّاب من «حزب اللّه» ومن النائبين جهاد الصمد والياس جرادة والرامي إلى «منح إعفاءات من بعض الضرائب والرسوم للمتضررين من الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان».
بعجلة، أقرّ الاقتراح برفع الأيدي، فاعترض العديد من النواب على كيفية الإقرار. فقد وصفت النائبة بولا يعقوبيان ما حصل «بالتزوير»، فطلب بري شطب عبارتها من محضر الجلسة. ارتفع صوت عضو كتلة «التنمية والتحرير» قبلان قبلان، فردّت عليه سينتيا زرازير بالقول «كنتوا ما تبقوا تعمله حرب»، فردّ عليها قبلان غاضباً «نحنا انعمل علينا حرب». فحصل «هرج ومرج» وارتفع صوت أكثر من نائب. فأصرّ بري على أن البند أقرّ. ليعترض النائب سامي الجميل على ذلك بالقول :»دولة الرئيس، بهل طريقة رح يصير في طعن أمام المجلس الدستوري».
وبعدما هدأت الأمور، طالب النائب بيار بو عاصي بمعرفة الأثر المالي للإعفاءات على الخزينة. فأجابه وزير المال ياسين جابر «كيف يمكن قبض فاتورة كهرباء من مواطن تهدّم بيته ولم يعد لديه أي عدّاد للكهرباء؟».
وبعد مشاورات سريعة، وإعلان رئيس الحكومة نواف سلام عن مشروع قانون شامل أعدّته الحكومة، أبدى بري استعداده لتأجيل الموضوع لمدة شهر، فوافق سلام. وعلّق نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بالقول «حسناً فعلت دولة الرئيس بسحب الموضوع من السجال السياسي. فالاقتراح محق، لكنه يحتاج إلى تعديلات وبعض التروي في النقاش».
هذا البند فتح النقاش في مسألة التعويضات «والإيد والإجر»، وجواز اقتصارها على المناطق الحدودية، بينما هناك بلدات متضررة في البقاع مثلاً، وهناك مصالح تضرّرت وتعطّلت في مختلف المناطق اللبنانية من شركات ومطاعم ومؤسسات وفنادق. وهو ما أثاره النائبان رازي الحاج وسيمون أبي رميا.
بعدها استكمل النقاش بالبنود الواردة على الجدول، فسقطت صفة العجلة عنها، ورفعت الجلسة. لتطرح مجدداً قضية «الخط العسكري التشريعي» الذي يعتمده بعض النواب، الذين خضعوا لانتقاد زملاء آخرين قالوا أمام الإعلاميين في باحة مجلس النواب «التشريع لا يجب أن يحصل في ظل أهداف انتخابية، وإلّا تحوّل إلى زبائنية».