خاص- نزع السلاح الفلسطيني ليس أسهل من نزع سلاح “الحزب”

خاص- نزع السلاح الفلسطيني ليس أسهل من نزع سلاح “الحزب”

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
2 حزيران 2025

أعطت الحكومة اللبنانية موعداً مفترضاً للمباشرة بتسليم السلاح في المخيّمات الفلسطينية منتصف حزيران الحاليّ. وقرّرت البدء من مخيّمات بيروت. ولكن، حتّى الآن، لا خطّة واضحة للطريقة التي ستُعتمد لتنفيذ هذه العمليّة، التي لا يُعرف ما إذا كانت ستُترك لأريحيّة الفلسطينيين، أم سيتدخّل الجيش بالقوّة، حيث تقضي الحاجة.
في الواقع، اتُّخذ القرار في مجلس الوزراء قبل فترة. وجاءت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبيروت، لتؤكّد في إعلان مشترك مع الرئيس اللبناني جوزف عون، إنهاء وجود السلاح داخل المخيّمات، ورفض الفلسطينيين أن تكون هذه المخيّمات بعد الآن ملاذاً آمناً للجماعات المتطرّفة.
ولكن، الرئيس محمود عبّاس لا يملك عمليّاً السلطة على الفصائل الفلسطينية المختلفة، وعلى رأسها “حماس”، وهي لا تأتمر بأوامره، بل تعمل باستقلالية عنه، حتّى أنّ الكثير منها على خلاف واضح ومستشرٍ مع السلطة الفلسطينية.
فالمخيّمات التي تنتشر على الأراضي اللبنانية من صور إلى صيدا وبيروت فالشمال والبقاع، تضمّ فصائل مسلّحة متعدّدة مختلفة الولاءات، وعلى رأسها حركة “حماس” التي تلقى الدعم من “حزب الله” وإيران، وتشكّل حليفاً أساسياً لهذا المحور، حتّى أنّهما ينسّقان العمليّات ضدّ إسرائيل، عندما لا يريد “الحزب” أن يكون في الواجهة، كما حدث عند إطلاق عناصر من الحركة الصواريخ على إسرائيل، في خرق لاتّفاق وقف النار. وقد سلّمت الحركة عدداً منهم إلى السلطات اللبنانية.
ويبدو أنّ الفصائل الفلسطينية الوحيدة التي تمكّنت الدولة اللبنانية من نزع أسلحتها هي الفصائل التي كانت موالية للنظام السوري. وقد تسلّم الجيش، بعد سقوط نظام الأسد، مواقع “فتح الانتفاضة” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامّة”، في الناعمة وقوسايا، فيما هناك فصائل أخرى عديدة، بعضها يعمل تحت قيادة “فتح”، فيما انشقّ عنها بعضهم الآخر. ويبدو أنّ “مونة” أبو مازن لا تطال سوى قسم صغير من المسلّحين الفلسطينيين في لبنان.
وإذا لم تقم “حماس”، وهي الفصيل الأساسي المسلّح حالياً والمعارض للسلطة الفلسطينية، بتسليم السلاح، فإنّ كلّ ما تقرّر وأُعلن يكون كلاماً بكلام. ولكن من البديهي، أنّ “الحزب” سيعمل كلّ ما في وسعه لكي تبقى “حماس” محتفظة بسلاحها لأسباب عديدة، أهمّها أنّ نجاح سحب السلاح الفلسطيني سيمهّد الطريق لسحب سلاح “حزب الله”. وترجّح مصادر أن تعمد الحركة إلى سياسة المماطلة والتسويف، وإن لم تجدِ هذه السياسة نفعاً، فإنّ احتمالات حصول مواجهات ليست ببعيدة عن الواقع، إذا ما أصرّ الجيش اللبناني على تنفيذ المهمّة بنزع سلاح المخيّمات.
ولا يمكن أن نُغفل واقع أنّ مخيّم عين الحلوة، وهو المخيّم الأكبر في لبنان، صارت فيه “حماس” تتمتّع بقوّة أكثر بكثير من “فتح” بعد الاشتباكات الأخيرة التي وقعت في أيلول 2023. ولن تكون مهمّة نزع السلاح منه بالسهلة أبداً، خصوصاً أن “الحزب” سيدعم حليفه، كي لا تصل الموسى إلى ذقنه.
وإذا كان لبنان سيعتمد سياسة المماطلة نفسها التي يعتمدها بالنسبة إلى سلاح “الحزب”، فإنّ معلومات تفيد بأنّ التدخّل الأميركي في هذه الحالة قد يكون ضروريّاً. فالجانب الأميركي سيمارس ضغوطاً كبيرة على الحكومة في بيروت، وسيوصل إليها رسالة مفادها، أنّه لن يكون في استطاعة واشنطن أن تمنع إسرائيل بعد الآن عن العودة إلى توسيع الحرب على لبنان، خصوصاً أنّ ثمّة تقارير تصل إلى العاصمة الأميركية، تفيد بأنّ “الحزب” لم يتعب من محاولات إعادة تسليح نفسه، وأنّ إيران تدفع في اتّجاه تقوية هذا الفصيل اللبناني، مستفيدة من بعض الليونة التي يبديها المفاوض الأميركي في ملفّ إيران النووي.