خاص- غلاء المحروقات في لبنان: عبء متصاعد على كاهل الطبقة الكادحة وموظفي القطاع العام

خاص- غلاء المحروقات في لبنان: عبء متصاعد على كاهل الطبقة الكادحة وموظفي القطاع العام

الكاتب: اسعد نمور | المصدر: Beirut24
3 حزيران 2025

ارتفعت اسعار المحروقات في ليلةٍ مظلمة، فوجد اللبنانيون أنفسهم مرة جديدة في مواجهة أعباء معيشية متفاقمة، لا سيما الموظفين الذين لم يتخطَّ دخلهم الشهري الحد الأدنى للأجور، وسط غياب أي سياسة دعم فعلية أو بدائل فعالة للنقل العام.

ورغم أن الحد الأدنى للأجور رُفع رسميًا في عام ٢٠٢٤ إلى ١٨ مليون ليرة لبنانية، فإن هذا التعديل لم يعدّل واقع الأزمة. إذ ينتظر اللبنانيون اليوم إقرار زيادة جديدة ترفع الحد الأدنى إلى ٢٨ مليون ليرة، وسط تجاذب سياسي لا يعطي أولوية لمطالب الفئات الأضعف، وفي طليعتها موظفو القطاع العام.

زيادات جديدة في أسعار المحروقات

شهدت أسعار المحروقات هذا الأسبوع زيادات لافتة، أثارت قلق المواطنين في ظل غياب مداخيل تتناسب مع تكاليف الحياة اليومية:
• صفيحة البنزين 95 أوكتان: ارتفعت إلى ١،٤٨٩،٠٠٠ ليرة (+١٠١،٠٠٠ ليرة)
• صفيحة البنزين 98 أوكتان: أصبحت ١،٥٢٩،٠٠٠ ليرة (+١٠٠،٠٠٠ ليرة)
• صفيحة المازوت: بلغت ١،٣٩٣،٠٠٠ ليرة (+١٧٤،٠٠٠ ليرة)

تضع هذه الأرقام أصحاب الدخل المحدود أمام تحدٍّ يومي: كيف يؤمّنون الحد الأدنى من تنقلاتهم أو عملهم؟ ومع غياب الدعم الرسمي الكامل، باتت كلفة البنزين توازي ربع راتب الموظف على الأقل، في حال كان مضطرًا لاستخدام سيارته بشكل يومي.

المحروقات تُلهب الأسعار… من السوق إلى المائدة

لا يقتصر أثر ارتفاع أسعار المحروقات على كلفة النقل الفردي، بل يطال مباشرة أسعار السلع والمواد الغذائية، بدءًا من الخضار والخبز والحليب وصولًا إلى السلع الاستهلاكية المستوردة. السبب بسيط ومباشر:
كل سلعة في السوق تصل إلى المستهلك عبر وسائل نقل تعتمد على البنزين أو المازوت.

فكلما ارتفع سعر صفيحة المازوت، ترتفع كلفة تشغيل الشاحنات وبرادات التبريد في نقل الخضار والفواكه واللحوم، ما يدفع التجار إلى تحميل الكلفة الإضافية على المستهلك. حتى المخابز والمصانع الصغيرة التي لا تزال تعتمد على المازوت لتشغيل مولّداتها الكهربائية، تجد نفسها مرغمة على رفع الأسعار للحفاظ على الحد الأدنى من الاستمرارية.

وتنعكس هذه السلسلة تلقائيًا على سلة الاستهلاك اليومية للعائلة اللبنانية، فتتحوّل المائدة إلى مرآة للأزمة: أقل كمية، نوعية أضعف، وأسعار أعلى بكثير من القدرة الشرائية.

لا نقل عام… ولا خطة إنقاذ

في معظم الدول، تُعدّ وسائل النقل العام الملاذ الأساسي للطبقات الفقيرة عند ارتفاع أسعار الوقود. أما في لبنان، فالنقل العام شبه معدوم: لا قطارات، لا حافلات منتظمة، ولا بنية تحتية تسهّل حركة التنقل بتكلفة معقولة. النتيجة؟ المواطن مضطر إلى استخدام سيارته الخاصة أو التوقف عن العمل.

أزمة ممتدة… من المحطة إلى المعيشة اليومية

أزمة المحروقات لا تقتصر على كلفة النقل فقط. بل تشمل أيضًا سلسلة واسعة من الخدمات الأساسية من التبريد والإنتاج إلى التوزيع والتخزين. ما يجعل الغلاء نتيجة حتمية لأي زيادة في سعر الوقود، في غياب الرقابة والدعم.

هل من أفق للانفراج؟

في ظل هذا الواقع، يصرّ المواطن اللبناني على التحمّل، وسط وعود رسمية برفع الحد الأدنى إلى ٢٨ مليون ليرة، لكنها لا تزال حبرًا على ورق. وفي الوقت نفسه، يبقى السؤال:
هل يكفي رفع الحد الأدنى إذا لم تُرفَق الخطوة بسياسات دعم شاملة وضبط للأسعار؟

حتى اللحظة، الإجابة غير واضحة. لكن ما هو مؤكد أن الطبقة الكادحة في لبنان تدفع ثمن كل تأخير، وكل تسوية سياسية مؤجلة.

اسعد نمور