خاص – المظلة الأميركية على لبنان لم تعد تحمي

خاص – المظلة الأميركية على لبنان لم تعد تحمي

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
11 حزيران 2025

لم تكن التعهّدات الأميركية تجاه لبنان ثابتة في أيّ مرحلة من المراحل. وكان الأميركيون يتدخّلون مرّات بحزم لا مثيل له، كما فعلوا عند إصدار القرار 1559، ثمّ عند إخراج الجيش السوري من لبنان. وكانوا هم أنفسهم من سلّموا الملفّ اللبناني لسوريا التي تحكّمت بالبلاد على مدى ثلاثين عاما. وهم أنفسهم أيضا من تركوا الإيرانيين يسرحون ويمرحون ويسلّحون، إلى أن خرب البلد.

وإذا كان الأمر كذلك في عهود رؤساء أميركيين سابقين، لديهم سياسة ثابتة إلى حدّ ما، فكيف سيكون الوضع في عهد رئيس كدونالد ترامب، يبدّل رأيه من النقيض إلى النقيض في يوم واحد، فيصبح على خصومة مع إيلون ماسك الذي كان صديقه ومستشاره المفضّل، كما يغيّر نظرته إلى فلاديمير بوتين، بعدما اكتشف أنّه لا يتجاوب مع مبادرته في شأن الحرب مع أوكرانيا، إلى أمثلة أخرى كثيرة.

في الواقع، ما يهمّ الإدارة الأميركية اليوم في الملفّ اللبناني، هو موضوع “حزب الله” وسلاحه، بسبب الضغوط الإسرائيلية أوّلا، ولكسر أحد أهمّ أجنحة إيران، في الوقت الذي تحصل فيه عمليّة شدّ حبال في المفاوضات النووية الجارية بين واشنطن وطهران. لذلك، تفيد المعلومات أنّ أيّ تغيير على السياسة الأميركية تجاه هذا الموضوع لم يحدث، وإنّ ما يجري تسريبه عن ذلك ليس صحيحا أو دقيقا. ولا علاقة للأمر بأي تبديل للمسؤولين الأميركيين عن الشأن اللبناني كمورغان أورتاغوس، أو بولس مسعد وسواهما.

ولكن، هذا لا يعني في الوقت عينه أنّ هذه السياسة لن تتبدّل أو يجري تعديلها، في ضوء التطوّرات التي قد تحصل، كما في ضوء التوصّل إلى اتّفاق في الملفّ النووي الإيراني أو عدم التوصّل إلى ذلك.
وتقول المعلومات إنّ الإدارة الأميركية ماضية حتّى الساعة في النهج ذاته مع لبنان. وسيعتمد الموفد الجديد الطريق الذي اعتمدته أورتاغوس، عبر ممارسة الضغوط على المسؤولين اللبنانيين من أجل تجريد “حزب الله” من سلاحه. وسيوصل رسالة إلى الحكومة اللبنانية، مفادها أن واشنطن لن تمنع إسرائيل من مواصلة عمليّاتها في لبنان، وتوسيعها كما حصل في الغارات الأخيرة على الضاحية. وربّما تتوسّع الحرب في شكل أكبر في المستقبل.

ويعوّل رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام في أيّ حال، على التطوّرات التي يمكن أن تطرأ في المفاوضات النووية. ولكن هذه المفاوضات يبدو وكأنّها دخلت عصر المماطلة والمراوغة، لأنّها طالت، قياسا إلى الوقت الذي كان ترامب يريد لها أن تصل فيه إلى نتيجة، وكذلك بالنسبة إلى السرعة التي تتقدّم فيها عملية تخصيب اليورانيوم في اتّجاه إنتاج القنبلة النووية.

لذلك، كلّ شيء في لبنان يتوقّف على ما سيتضمّنه الاتّفاق مع إيران، في حال تمّ، وأيضا في حال فشل المفاوضات واحتمال اندلاع صراع عسكري. وهذه الصورة من المفترض أن تتّضح خلال أسابيع لا أكثر.

وفي الخلاصة، لن يكون لبنان الرسمي مستعدّا للخوض في موضوع السلاح، طالما أن لا حسم في الموضوع الإيراني. وها هو ” الحزب” قد عاد إلى رفع لهجته، وإبداء التشدّد في موضوع سلاحه، ما دام يشعر بالتمييع في المفاوضات مع إيران. وربّما تصله أجواء مفادها أن الاتفاق سيفضي فقط إلى خفض مستوى التخصيب، على غرار الاتّفاق السابق الذي انسحب منه ترامب نفسه. وقد طلب الرئيس الأميركي من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مباشرة عدم توجيه أيّ ضربة عسكرية لإيران في الوقت الراهن.

ويرى محلّلون أنّ لبنان فوّت عمليا الفرصة التي أتيحت أمامه لسحب أيّ سلاح خارج سلاح الشرعية. وقد تأخّر كثيرا في بتّ الموضوع، الذي كان يجب أن يُبتّ على الحامي. أمّا اليوم، فلم يعد من مجال لمعالجة ملفّ السلاح، إلّا عبر سبيل واحد، هو القضاء على قدرات إيران نهائيا. وهذا يبدو الآن أمرا مستبعدا.

لذا، وفي ضوء تلكؤ السلطة اللبنانية وخوفها من حسم موضوع السلاح سريعا، فإنّ لبنان سيكون أحد البنود التي سيتمّ إيرادها في الاتفاق الأميركي الإيراني. وقد بدت ملامح هذا التحوّل وكأنّها تلوح في الأفق.