تلقّى تحذيرات خارجية من مغبة التورط في «حرب الفيلة» لبنان حذّر «الحزب» فـ «نجا»… حتى إشعارٍ آخَر

تلقّى تحذيرات خارجية من مغبة التورط في «حرب الفيلة» لبنان حذّر «الحزب» فـ «نجا»… حتى إشعارٍ آخَر

المصدر: الراي الكويتية
15 حزيران 2025

… «متى» تُفتَح جبهةُ لبنان؟ «هل» تُفتح؟ هل «يَفتتحها» حزب الله حين يتم الضغطُ من إيران على زرِّ تفعيل «حلقة النار» الشاملة من حول اسرائيل، أم تبادر الأخيرة إلى عمليةٍ استباقيةٍ تكمل معها «المَهمة غير المنْتهية» مع الذراع الأقوى لـ «الجمهورية الإسلامية»؟

وهل يَعْني إعلانُ الدولة العبرية الانتقالَ من مرحلةِ استهدافِ الأذرع إلى ضَرْبِ «رأس الأخطبوط» في إيران، وتَحَوُّلُ كلٍّ من تل أبيب وطهران «الجبهة الأمامية» في الحرب التي انفجرتْ فجر الجمعة أن إسرائيل لن تعتمد «تَعَدُّد الجبهات» وستُبْقي «بركان النار» مُرَكَّزاً على «مَرْكزِ» محور الممانعة و… عاصمته؟

أسئلةٌ داهِمَةٌ تَطايَرَتْ في لبنان فيما كانت الصواريخ الإيرانية تمرّ «من فوق رأسه» وفي سمائه، في طريقها إلى إسرائيل التي استحضرتْ «الأسدَ الصاعِد» من التوراة لتطلقَ حملة عسكرية متعدّدة الهدف ضد طهران وبدت أقرب إلى «إنزالٍ» خلْف كل خطوط الدفاع الإيرانية تمت «حياكته» بمزيجٍ من تمويهٍ وخداعٍ إسرائيلي «غَطَّتْه» واشنطن وأتاح تنفيذ سيناريو عسكري – مخابراتي – أمني أشبه بـ «حصان طروادة» القرن 21.

وفيما كانت المنطقةُ برمّتها تَحبس أنفاسَها مع تَدَحْرُجِ مواجهةِ الـ «وجهاً لوجه» بين إسرائيل وإيران والتي كانت كل الاستعدادات لها جاهزةً من تل أبيب – مع تَرْكِ «فراغٍ» في ما خص التوقيت وتمّ ملؤه بحبر انقضاء مهلة الستين يوماً التي مَنَحها الرئيس دونالد ترامب لإبرام اتفاق نووي مع إيران «وإلا» – فإنّ لبنان بدا الأكثر انشداداً في الإقليم إلى الجولة الأكثر دراماتيكية من استيلادِ «الشرق الجديد» وهذه المَرة من «فم الأسد» الإيراني، وسط «أعصاب مشدودة» حيال إمكان زجّ «بلاد الأرز» مجدداً في «حرب الآخرين» أو إلحاقه بها.

وعلى وقع ما يَشي بأنه «حرب الفيلة» في المنطقة، والأسئلة الكبرى حول إمكان انضمام الولايات المتحدة إليها، بقرار كبير تتخذه أو خطأ كبير يَستدرجها إلى الميدان اللاهب، وفي الوقت الذي كانت تل أبيب تفاخر بأن «السماء الى طهران باتت معبّدة» وتتوعّدها بأن «تَحترق» بحال استمرّ إطلاق الصواريخ البالستية على إسرائيل، راوَحَ لبنان بين ارتياحٍ إلى مرور نحو 40 ساعةٍ بدا معها بمنأى عن «طوفان النار» الأخطر في المنطقة وبين ارتيابٍ من احتمالاتِ انزلاقه إلى ما تعتقد إسرائيل أنه سيكون آخِر «بوابات جهنم» التي تُفتح في الإقليم قبل تَشَكُّل الشرق الأوسط الجديد.

وقد حَضَرَ لبنان في المَشهد المتفجِّر المستجد، وذلك منذ «الموجةِ الافتتاحية» من الهجوم الإسرائيلي:

– فوقائع هجوم الفجر يوم الجمعة جاءت مدجّجة بـ «بصماتٍ» من عمليتيْ البيجر والآيكوم ضدّ «حزب الله» في 17 و18 سبتمبر الماضي وما عبّرتا عنه لجهة التَفَوُّق الاسرائيلي الاستخباراتي والتقني الهائل، ومن حجم الاختراقاتِ المميتة للحزب التي تسبّبت بالقضاء على قيادته على مراحل وعلى رأسها أمينه العام السيد حسن نصر الله، وإن كانت تصفيةُ منظومة «القيادة والسيطرة» في إيران تمت «دفعة واحدة» وأنّ العملية ضدّ طهران جاءت شبه «انغماسية» ومتعددة الطبقة ومتزامنة وتحمل ملامح من هجوم «شبكة العنكبوت» الذي شنّته اوكرانيا في العمق الروسي مطلع الشهر الجاري.

– كما أن انتقالَ تل أبيب لِما يشي بأنه حربٌ لأسابيع لـ «نزْع السلاح» البالستي من إيران ونزْع «أنيابها النووية» بالكامل، يأتي في الوقت الذي مازال ملف سحْب سلاح «حزب الله» في لبنان يراوح مكانه رغم التعهُّدِ الرسمي بذلك، التزاماً بخطاب القسَم للرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام وجوهر اتفاق وقف النار بين الحزب وإسرائيل (27 نوفمبر)، وهو ما يَضع بيروت أمام خطرين.

أوّلهما أنّ تَعمد إسرائيل خلال الحرب مع إيران إلى «توحيد الجبهات»بالنار فتهاجم حزب الله لضمان إنهاء ملف سلاحه «لمرة واحدة وأخيرة» بيدها مستفيدة من أن حرب لبنان الثالثة لم تُطوَ بعد ومن مزاعمها بأن بيروت لم تنفّذ الشق المتعلق بها في ما خص سلاح الحزب.

وثانيهما أن يبادر «حزب الله» إلى رفد إيران بـ «إسنادٍ ناري» لتخفيف الضغط عنها خصوصاً متى استشعرت طهران بأن إسرائيل ماضية نحو ضرب نظامها في ذاته، ما يستوجب اعتماد إستراتيجية… وبعدي الطوفان.

وترى مصادر مطلعة في بيروت أنه أياً يكن المنحى الذي تتجه إليه المكاسرة الإسرائيلية – الإيرانية، فإنّ ما يحصل حتى الآن كافٍ ليشكّل رسالة للبنان بأن تل أبيب التي اندفعت، وبغطاء أميركي، نحو إيران لدرء الخطر الوجودي عنها كما تقول، لن تتورّع عن القيام بما يلزم ضدّ الحزب حين تقرّر ذلك وما لم تحزم الدولة اللبنانية أمرها وتسرع في مسار سحب سلاح الحزب قبل فوات الأوان.

وحاول لبنان الرسمي منذ اندلاع حرب 13 يونيو التي دانها توفير «منطقة آمنة» تجنّب البلاد ويلاتٍ لم يعد يحتملها، وهو وإذ تلقّى تحذيرات من دول عدة من مغبة أي توريط له في المواجهة الكبرى، أبلغ الحزب أن «زمن تجاوز الدولة في إعلان الحرب انتهى»وأنه «لن يسمح بإدخال البلاد في أي رد، ومَن سيجر لبنان لأي مواجهة لا دخل له بها سيتحمل المسؤولية».

«حزب الله»

ورغم أن هذا الموقف نُقل عن مَصادر حكومية (قناة العربية / الحدث) ولم يُعلن رسمياً، فإنّه بدا مُعمَّماً ما عكس جدية لبنان الرسمي في مساعيه لتجنيب البلاد «كأس السم»، في الوقت الذي نُقل عن مسؤول في «حزب الله» أن الأخير «لن يبادر» لمهاجمة إسرائيل رداً على الضربات على إيران.

وقد بلور نائب الحزب حسن فضل الله، هذا الموقف بتوجُّهه «لأصحاب الذاكرة المثقوبة وتزوير الحقائق» بأن «إيران لم تكلَّف يوماً أحداً بالقتال عنها، فعندما يُعتدى عليها لا تسمح لها كرامتها الوطنية وسيادتها أن تتكل على غير قوتها الذاتية، وإرادة شعبها وقرار قيادتها، وهذا ما فعلتْه على مدى ثماني سنوات في التصدي للحرب الدولية التي فُرضت عليها في الثمانينيات، وهو ما كرَّرته عندما ردَّت على اغتيال قاسم سليماني، وعلى العدوان على قنصليتها في دمشق، وعلى اغتيال إسماعيل هنية على أرضها».

وكان الأمين العام الشيخ نعيم قاسم‏ دان في بيان «العدوان الإسرائيلي الخطير والمجرم المدعوم من الإدارة الأميركية ضد ‏الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، معتبراً أنه «سيترك آثاره ‏الكبيرة على استقرار المنطقة فهو لن يمر من دون رد وعقاب (…)».

في موازاة ذلك ترأس رئيس الجمهورية الذي قطع زيارته للفاتيكان، اجتماعاً أمس حضره وزراء الدفاع والداخلية والأشغال العامة، وقائد الجيش العماد رودولف هيكل، وقادة الأجهزة الأمنية «تم خلاله عرْض الأوضاع في ضوء التطورات الأمنية التي نتجت عن المواجهات العسكرية، والإجراءات الواجب اتخاذها لمواكبة تداعيات هذه المواجهات على الصعيد الامني، وكذلك ما يتصل بحركة الملاحة الجوية عبر مطار رفيق الحريري الدولي».

وفي ضوء التقارير المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية «تم اتخاذ عدد من الإجراءات للمحافظة على الاستقرار وتأمين سلامة الطيران المدني والحركة الجوية».

وشدد عون على «أهمية الجهوزية الأمنية والإدارية لمتابعة الموقف من جوانبه كافة، لاسيما لجهة المحافظة على الاستقرار والأمن في البلاد. وتقرر إبقاء الاجتماعات مفتوحة لتقييم التطورات تباعاً».

استنفار إسرائيلي

وفي هذا الوقت، أفادت تقارير إسرائيلية أن «الجيش اتخذ قراراً برفع الجاهزية عند الحدود مع لبنان من خلال تعبئة واسعة لوحدات الاحتياط».

وذكرت صحيفة «معاريف» أنه «تم حشد الفرقة الاحتياطية 146 لتوفير قوة احتياطية في قطاع الحدود مع لبنان». وأضافت «جاء هذا التحرك بناءً على تقييم الأوضاع الذي أجرته هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، فيما جرى أيضاً تعبئة لواءي الاحتياط (القبضة الحديدية 205) وعتصيوني (6) خلال الـ24 ساعة الماضية».

وأوضحت أنَّ هذه القوات ستُستخدم كقوات احتياطية لمواجهة سيناريوهات مُختلفة في الساحة الشمالية، مشيرة إلى أنَّ الجيش الإسرائيلي أكد تعبئة ونشر عدد من كتائب الاحتياط وبعض إدارات الدفاع المحلية على طول الحدود اللبنانية – السورية لتعزيز الدفاع، على حدِّ تعبيرها.

وفي السياق نفسه أبلغت مصادر في الجيش الإسرائيلي لصحيفة «هآرتس»، أن «حزب الله لا يتصرف بطريقة تشير إلى أنه ينوي مهاجمتنا».