خاص – فرصة جديدة لنزع سلاح “الحزب”

خاص – فرصة جديدة لنزع سلاح “الحزب”

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
15 حزيران 2025

استجاب “حزب الله” لطلب الحكومة اللبنانيّة عدم التدخّل في الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، أوّلاً لأنّ قدراته لم تعد تسمح له بذلك، وثانياً لأنّه تبيّن أنّ أيّ ردّ من “الحزب” سيورّط لبنان في مأزق كبير، وسيؤدّي إلى مزيد من الدمار والقتل. فهل يستوعب “الحزب” من تلقاء نفسه أنّ سلاحه لا يجدي في ردع العدوّ، لأنّ هناك هوّة كبيرة في ميزان القوى بين الجانبين، من النواحي العسكرية والماديّة والتكنولوجيّة والاستخباراتيّة والدعم الذي تحظى به تلّ أبيب من أكبر قوّة في العالم؟ وهل يقرّر نتيجة لذلك التخلّي عن سلاحه وتسليمه إلى الدولة اللبنانية، أم أنّه سيتابع بلا طائل تحيّن الفرص، ليعيد تقوية نفسه إذا سمحت له الظروف، وليكرّر المسلسل عينه من الاستقواء بإيران، إذا ما بقي شيء من القوّة لدى النظام الإيراني أساساً بعد الضربات التي يتلقّاها؟

وفي المقابل، السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تعي الحكومة اللبنانية والقوى السياديّة لمرّة، أنّ الحديد يُضرب وهو حامٍ، وأنّ الفرص لا تتكرّر طويلاً، وأنّ التردّد يوقع في الفشل؟

فالعهد الحاليّ بقيادة الرئيس جوزف عون، والحكومة برئاسة نوّاف سلام، فوّتا اللحظة المفصليّة التي سنحت لهما، بعد إضعاف “حزب الله” والمحور الذي ينضوي تحته، كي يحسما موضوع السلاح بسرعة، ويطالبا بتسليمه إلى الجيش. وكان واضحاً  أنّهما، وعلى رغم مواقفهما المبدئية من حصرية السلاح، لن يقدما على طرح الموضوع في المدى القريب، وأنّهما ينتظران التطوّرات في الملفّ الإيراني. وها هي التطوّرات تقع. فالمفاوضات فشلت، وإسرائيل توجّه ضربات قاسية لطهران، والحرب إلى تصاعد. فهل حانت فرصة جديدة الآن تحت وطأة الأحداث الإقليمية الضخمة، لإنهاء موضوع السلاح؟

ولكن، سواء أقدمت الحكومة اللبنانية بنفسها على طرح ملفّ السلاح بهدف سحبه، أو لم تفعل، فإنّ إسرائيل لن تقبل، خصوصاً بعد الضربات التي توجّهها الآن لرأس المحور، وبعد الخسائر الكبيرة نسبيّاً التي تكبّدتها بسبب الصواريخ الإيرانية، أن يبقى أيّ سلاح في يد “الحزب”. وهي استبقت ضربتها لإيران، بتوجيه رسائل إلى لبنان و”الحزب”، مفادها أنّ أيّ إطلاق لصواريخ أو مسيّرات سيؤدّي إلى قصف إسرائيلي غير مسبوق ومدمّر للضاحية ومناطق الجنوب والبقاع. ورُصد عشية الضربة تحليق مكثّف للطيران الإسرائيلي المسيّر فوق ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق لبنانية أخرى.

في أيّ حال، كل شيء سيكون مرتبطاً بانتهاء الحرب ونتائجها المتوقّعة. ولن يحصل أيّ طرح لأيّ موضوع في لبنان، ما لم تنتهِ الحملة الحاليّة. ولكن، قد لا تكون هذه الحرب خاطفة وسريعة، نظراً إلى صعوبة تدمير كلّ الأهداف التي تضعها إسرائيل، ونظراً أيضاً إلى احتمال دخول عناصر جديدة على الصراع، وانخراط دول أخرى فيه. وسيحرص لبنان في هذه المرحلة الصعبة على عدم إقحام نفسه طرفاً في الحرب. وقد تكثّفت الاتّصالات الدبلوماسية من جانب دول غربية وعربية بالحكومة اللبنانيّة، من أجل إبلاغها بوجوب ممارسة أقصى الضغوط على “الحزب” لمنعه من جرّ لبنان إلى عواقب غير محسوبة. فالوضع دقيق، ولا يتحمّل أيّ خطأ قد يكون قاتلاً.

وفي انتظار ما ستنتهي إليه الحرب القائمة، فإنّ الواضح أنّ إيران ستصبح في وضع صعب، وستفقد أكثر فأكثر من نفوذها وسطوتها في المنطقة. وهي حاليّاً أمام خيارين: إمّا أن “تستسلم”، وتقبل بتدمير برنامجها النووي، ونقل المخزونات من اليورانيوم العالي التخصيب إلى الخارج، أو أن تستمرّ في الحرب، وتتلقّى المزيد من الضربات، والتي ستؤدّي في نهاية المطاف إلى القضاء على البرنامج النووي. وربّما تصل الأمور أيضاً إلى إطاحة النظام. وفي هذه الحال، يصبح من البديهي أن يسلّم “الحزب” سلاحه بكلّ سلاسة، بعد أن يكون قد فقد فعليّاً داعمه الأساسي بالمال والسلاح.

ولكن، ثمّة من يرى أنّ الحرب قد لا تنتهي إلى خاسر ورابح في شكل حاسم وواضح، وأنّه يمكن لإيران أن تتراجع أمام الريح، وتنتظر لسنوات قبل أن تحاول من جديد التعافي. وفي هذه الحالة، سيحاول “الحزب” أن يراوغ بدوره، في انتظار ظروف مختلفة.

أمّا دور العهد والحكومة هذه المرّة، فيجب أن يكون عدم السماح بتفويت الفرصة الثانية المتاحة، من أجل استعادة الدولة قرار الحرب والسلم، وفرض سلطتها بلا شريك، علّ لبنان يحظى بعد مئة عام على قيامه بسنوات من الراحة والازدهار والاستقرار.