
رايان كروكر: خامنئي لن يستسلم ولن يتراجع عن “النّوويّ”
أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب تفاؤله بأنّ الهجوم الإسرائيلي سيجبر المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، على العودة إلى طاولة المفاوضات بعد أسابيع رفض فيها الأخير مطلب الرئيس الأميركي وقف طهران جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم. لكنّ السفير السابق رايان كروكر، أحد أكثر الدبلوماسيين الأميركيين خبرة في المنطقة، يعتقد أنّ ذلك يشكّل “إهانةً واستسلاماً لا يُمكن تصوّره” لخامنئي، وهو ما يعني أنّ الصراع من المرجّح أن يستمرّ ويزداد خطورة.
يقول كروكر: “أظهرت المخابرات الإسرائيلية مرّة أخرى قدراتها بشكل مذهل حين اخترقت البنية التحتيّة للأمن القومي الإيراني بشكل كامل. لذا يفترض أنّها، إن أرادت، مُستعدّة لاستهداف القيادة السياسية أيضاً. إذا فعلت إسرائيل ذلك، فقد يؤدّي ذلك إلى ردّ فعلٍ من إيران أشبه بيوم القيامة سيشمل استهداف دول المنطقة والولايات المتّحدة في المنطقة والبنية التحتية للطاقة في الخليج”.
كروكر الذي بدأ حياته الدبلوماسية بالعمل في القنصلية الأميركية في مدينة خورمشهر، بالقرب من حقول النفط الإيرانية، في عام 1972 في عهد الشاه، قبل أن يشغل منصب سفير الولايات المتّحدة في كلّ من سوريا ولبنان وأفغانستان وباكستان والكويت والعراق، يعتبر أنّ المستوى مختلف تماماً في ما يتعلّق بالقضيّة النووية الإيرانية، ولذا لن تتراجع إسرائيل إلّا بعد أن تحقّق هدفها المتمثّل في القضاء على القدرة النووية العسكرية الإيرانية.
يقرّ بأنّ الولايات المتّحدة كانت على علم بخطّة الهجوم، فقد كان قرار تقليص طاقم السفارة في بغداد، ومغادرة العسكريين الأميركيين المنطقة، من الإشارات التي أوضحت ذلك لاحقاً. لكنّه يريد الافتراض أنّه لم يصدر ضوء أحمر من ترامب الذي قد يتوقّع عودة إيران إلى طاولة المفاوضات.
يستبعد كروكر تماماً أن يستسلم خامنئي. ويعتبر أنّ أيّ افتراض إسرائيلي أنّ قتله سيؤدّي إلى تغيير النظام هو بمنزلة تفاؤل كبير من جانب الإسرائيليين. فالأنظمة الاستبدادية قويّة جدّاً إلى أن تفقد قوّتها، كما في سوريا. لكنّ إمكان تحديد ذلك أو حتّى التأثير عليه بشكل حاسم من الخارج، أمر مشكوك فيه. فهل يمكن أن يُشعل هذا ثورة؟ فلنتذكّر الثورة الخضراء عام 2009. لا تزال الديناميكية نفسها قائمة. يوجد استياء واسع النطاق من النظام داخل إيران، لكنّ المشكلة هي نفسها: لا توجد قيادة واضحة لمعارضة فاعلة قابلة للحياة.
اتّفاق 2015 كان أفضل فرصة
يعتقد كروكر أنّ خطّة العمل الشاملة المشتركة (الاتّفاق النووي لعام 2015 الذي تفاوضت عليه إدارة أوباما) كانت على الأرجح أفضل فرصة. وعندما مزّقها ترامب، لم يكن من خطّة بديلة دبلوماسية قابلة للتطبيق كانت ستنجح أو حتّى تستحقّ المحاولة.
يستبعد أن تتراجع إيران وتتخلّى عن طموحاتها النووية، ويعتقد أنّها على المدى البعيد ستتشبّث بموقفها وتواصل البحث عن سبل لتطوير برنامجها. فمع فشل عناصر إيران الأخرى، أوّلاً وكلائها ثمّ برنامجها الصاروخي، في استعراض القوّة، لا يبقى أمامها سوى هذا الخيار. لا يمكن القضاء على جميع علمائها النوويّين. القدرة على امتلاك الأسلحة النووية موجودة فكريّاً، ولن يتمّ القضاء عليها كلّها.
يقول: لقد شهدنا براعة تكتيكية من جانب إسرائيل، مدعومة ببعض الحظّ الجيّد في سوريا. لم يكن للإسرائيليين أيّ علاقة بالثورة السورية، لكنّهم بالتأكيد استفادوا منها بإزاحة بشّار الأسد، حليف إيران، وفي القضاء على تهديد “الحزب”. أمّا هل يُترجم ذلك إلى نجاح استراتيجي، فهذا سؤال مطروح. لا نعرف حقّاً ما ستؤول إليه هذه المجازفة للقضاء الحاسم على قدرة إيران النووية.
يضيف: لست متأكّداً أنّه يمكن للإسرائيليين تحقيق ذلك، ولستُ متأكّداً حتّى من قدرتنا (الولايات المتّحدة وإسرائيل) على تحقيقه معاً. بل أكاد أجزم أنّ النتيجة الأكثر ترجيحاً هي أنّه مهما كان حجم الدمار الذي سيلحق بإيران والمنطقة، فستظلّ إيران مصمّمة على السعي إلى امتلاك القدرة النووية، مهما كلّف الأمر. وهذا العزم لن يتغيّر، بل سيتعزّز على الأرجح.