«الحزب» يلوّح بالقتال مجدداً… رسالة تفتقد القدرة على التنفيذ

«الحزب» يلوّح بالقتال مجدداً… رسالة تفتقد القدرة على التنفيذ

الكاتب: كارولين عاكوم | المصدر: الشرق الاوسط
18 حزيران 2025

عاد «حزب الله» للتلويح بالقتال مرة جديدة في خضم المواجهات الدائرة بين إسرائيل وإيران، والترقب الذي يعيشه اللبنانيون خوفاً من أي تداعيات لهذه الحرب على بلدهم.

وفي وقت لا يزال فيه الحديث متواصلاً عن نزع سلاح «الحزب» والإجراءات التي يجب العمل عليها في هذا الإطار، أتى تصريح نائب رئيس المجلس السياسي في «حزب الله»، محمود قماطي، الاثنين، ليقول إن «(الحزب) مستعد للعودة إلى القتال ضد العدو الإسرائيلي في حال يئس من قدرة الدولة اللبنانية على الإيفاء بوعودها والتزاماتها في مواجهة العدوان»، وهو ما رأت فيه مصادر وزارية أن «موقفه ينطوي على رسالة؛ إنما لا نعرف وجهتها»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الأهم أن (الحزب) لا يزال حتى الآن يلتزم قرار الحكومة بالبقاء على الحياد، وسبق أن تعهّد بأنه لن يفتح حرب إسناد جديدة».

وقال قماطي في حديث تلفزيوني إن «المقاومة لن تتخلى عن واجبها الوطني إذا ثبت أن الدولة لم تعد قادرة أو راغبة في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، و(الحزب) لا يزال يعدّ المواجهة مع إسرائيل قضية سيادية ووطنية».

ورغم أن قماطي ربط العودة إلى القتال بـ«اليأس من الدولة»، فإن تصريحه هذا يطرح علامة استفهام في هذا التوقيت بالتحديد، علماً بأن «الحزب» كان قد سرّب، نقلاً عن مصادره، أنه لن يتدخّل في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، وهو ما أشار إليه النائب حسين فضل الله قبل يومين بالقول: «إيران تثبت معادلتها التاريخية أنها عندما يتم الاعتداء عليها فهي تدافع عن نفسها، وهي لا تطلب من أحد الدفاع عنها… هي تقاتل عن نفسها، وتعرف كيف تحمي شعبها وكيف تواجه»، مضيفاً: «لا يوجد شيء اسمه أذرع إيران؛ بل حركات مقاومة».

تهديدات «حزب الله» غير قابلة للتنفيذ

وفي هذا الإطار، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية – الأميركية، الدكتور عماد سلامة، أن «تصريحات مسؤولي (حزب الله) التي تلوّح بالقتال، لا تعبّر سوى عن محاولة يائسة لإظهار (الحزب) كجهة لا تزال ذات صلة، في وقت وصل فيه فعلياً إلى حافة الانهيار التام».

بينما يلفت المحلل السياسي المقرب من «حزب الله»، الدكتور قاسم قصير، إلى أن قماطي كان يتحدث عن الاحتلال الإسرائيلي للبنان وكيفية مواجهته، وليس عن مساندة إيران، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الأمور مرتبطة بالتطورات الميدانية. وهذه التصريحات هي تحضير لأي سيناريو قد يحصل».

ويرى سلامة أن «(حزب الله) فقدَ الغالبية الساحقة من قدراته العسكرية: ترسانته من الأسلحة تآكلت بفعل الضربات الإسرائيلية المركّزة، خطوط إمداده من سوريا تفككت، وقياداته الميدانية تعرّضت لتصفية منهجية. أما الدعم الإيراني، فهو على الأرجح تراجع بشكل كبير نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية على طهران، وآخرها الهجمات الإسرائيلية عليها؛ مما جعل (الحزب) في عزلة استراتيجية غير مسبوقة».

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في الواقع، (حزب الله) لم يعد قادراً على تشكيل أي تهديد فعلي لإسرائيل. ومع تراجع مكانته الشعبية، يتجه (الحزب) على الأرجح إلى استخدام أدوات التهديد الداخلي، وتحديداً ضمن البيئة الشيعية، لقمع أي محاولة للانشقاق أو العصيان». من هنا، يرى سلامة أن «ما نسمعه اليوم من تهديدات ليس إلا نوعاً من البروباغندا الإعلامية، تهدف إلى تغطية واقع (الحزب) وإعادة إنتاج صورة لم تَعُدْ لها مقومات عملية».

ولا يختلف رأي مسؤول الإعلام والتواصل في «القوات»، شارل جبور، الذي يَعدّ أن تهديد قماطي وبعض المسؤولين في «حزب الله» بالعودة إلى القتال، يندرج في سياق «التعويض الكلامي عن عجزهم عن الدخول في حرب إسناد إيران، خصوصاً أن من ساند حركة (حماس) كان الأولى به أن يساند من أسسه وموّله وسلّحه». من هنا يقول جبور لـ«الشرق الأوسط»: «كل هذه التهديدات موجّهة إلى بيئة (الحزب) للقول لهم إنهم لا يزالون قادرين على القتال. لكن ذلك يبقى خارج السياق؛ لأنه لم يعد اليوم بمقدورهم فعل أي شيء إلا تسليم سلاحهم».

«الكتائب»: لإجراءات سيادية واضحة لتحييد لبنان

وفي ظل المواجهات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، ثمّن حزب «الكتائب اللبنانية» موقف الدولة المصمم والحاسم على تحييد لبنان عن أتون الحرب الإقليمية الدائرة، مجدداً دعوته إلى «تثبيت مبدأ حصرية قرارَي السلم والحرب بيد الدولة ومؤسساتها الشرعية، من خلال الإسراع في حصر السلاح بيد الشرعية وحدها».

ويرى «الكتائب» أن «ما تشهده المنطقة من تطورات يستوجب من (حزب الله) اتخاذ قرار واضح وفوري بملاقاة المطالب بتسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني، والانفكاك الكامل عن أي ارتباط خارجي، والعودة إلى الدولة التي تبقى الملاذ الوحيد والحامي الأوحد لجميع اللبنانيين».

ودعا «(الكتائبُ)، انطلاقاً من الحرص على حماية اللبنانيين من تداعيات أي تطورات أمنية خارجية، إلى وضع خطة طوارئ وطنية شاملة لتأمين سلامة المواطنين ورفع الأخطار المحتملة عنهم».