
مطار القليعات.. التلزيم نهاية 2025 والإقلاع خلال سنة
أن يأتي البيان الوزاري لحكومة العهد الأولى برئاسة نواف سلام على ذكر مطار القليعات في شمال لبنان (حاليا هو قاعدة عسكرية للجيش اللبناني) من باب الالتزام بتشغيله لأغراض مدنية نظرا إلى أهميته الإستراتيجية والإنمائية، وأن يبدأ مجلس الوزراء قبل أيام قليلة بدراسة مشروع تأهيل المطار، ويعلن عن تشكيل لجنة وزارية مصغرة مكلفة بدراسة الإطار القانوني الأنسب والأسرع الذي سيتم اعتماده لتطوير المطار، فهذه كلها مؤشرات إلى أن الملف يحظى بأولوية في المرحلة الحالية، فأي أشواط قطعها حتى اليوم هذا المشروع لكي «يقلع» عمليا إن جاز التعبير؟ الشوط الأول كان إنجاز شركة «دار الهندسة» اللبنانية وضع مخطط توجيهي أولي لمطار القليعات (معروف أيضا باسم مطار الرئيس رينيه معوض) مع دراسة تمهيدية لكل المشروع من مبنى الركاب إلى برج المراقبة، إلى مبنى الشحن والإطفاء وأوضاع المدارج.
ومع وصول هذه الدراسة إلى الحكومة، سيكون الشوط الثاني المنتظر إقرار مجلس الوزراء لمشروع قانون تأهيل المطار تمهيدا لإحالته إلى مجلس النواب لإقراره، وهذا يتضمن بطبيعة الحال آلية دفتر الشروط وفق مناقصة، والتلزيم إما على طريقة نظام الـ B.O.T لشركة خاصة تستثمره لسنوات قبل أن تعود ملكيته إلى الدولة، وإما على طريقة الـ P.P.P القائمة على شراكة بين القطاعين العام والخاص.
رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النيابية النائب سجيع عطية قال في حديث إلى «الأنباء»: «مطار القليعات هو حاجة وطنية واقتصادية وإنمائية، وهو يعود بالفائدة على اقتصاد لبنان عامة، كما سينعش منطقة الشمال والهرمل ويساعد في تنشيط مرفأ طرابلس».
وأضاف «المطار قادر على استيعاب مليوني مسافر سنويا وتوفير ألفي وظيفة، ويمكن استخدامه كمطار ثان لحالات الطوارئ وللرحلات المنخفضة التكلفة من رحلات سياحية ودينية، وأيضا للشحن لكونه يقع في منطقة زراعية. وبحكم قرب المطار من الحدود اللبنانية ـ السورية، يمكن للسوريين أن يستخدموه للسفر أو لنقل البضائع لدى البدء بعملية إعادة الإعمار في سورية».
وعما إذا كان تأخير إقرار هذا المشروع حتى اليوم من قبل الحكومة يعود إلى اعتراض شيعي عليه أو إلى حسابات لها علاقة بالتوازن الطائفي، قال عطية «ما من اعتراض في الظاهر والكل يريد المطار، أما الجدل فيتعلق بالناحية القانونية ومسألة التلزيم لأن ثمة من يريدها وفق الـ P.P.P، وهي آلية تأخذ وقتا طويلا وتتطلب تشكيل الهيئة العامة للمجلس الأعلى للخصخصة، في مقابل من يريدها وفق الطريقة الأسهل والأسرع وهي الـ B.O.T.
أما إذا كان هناك في الباطن أسباب أخرى للتأخير، فلا أعرف، ومن يطالب بمطار رياق ومرفأ الزهراني أو ما شابه، فلا مانع من ذلك، لأن كل المرافق العامة تحتاج إلى خصخصة واستثمارات جديدة، ولكن الخوف برأيي إذا كبرنا الحجر ألا نعود نصيب الهدف».
وأكد نائب عكار أن «مشوار مشروع مطار القليعات بعد إقراره في مجلس الوزراء سيكون سهلا في مجلس النواب بعدما جرى تسويقه جيدا بين النواب الذين زار بعضهم المطار وجال في إرجائه»، لافتا إلى «أهمية إنجاز هذه التجربة، فإن نجحت وتم استثمار المطار كما يجب وأتت الإدارة سليمة والجدوى الاقتصادية جيدة، يمكن حينها تكرارها في مرافق أخرى».
وإذا كانت شركة الهندسة معنية في الفترة المقبلة بوضع جدوى اقتصادية للمشروع تتحدد في ضوئها كلفته التي قد تتراوح بين 100 و150 مليون دولار، فإنه وبحسب معلومات «الأنباء»، أظهرت الدراسات الأولية للأرضية الخرسانية في المطار أنها تحتاج لتأهيل جذري وليس لعمليات صيانة محدودة نظرا لأن مدارج المطار مضى على انشائها أكثر من ستين عاما وباتت تعاني من تشققات.
كما علمت «الأنباء» أن من أكثر المهتمين بإعادة تأهيل وتشغيل مطار القليعات لأغراض مدنية، شركة إماراتية متخصصة في الطيران المنخفض التكلفة تدرس تشغيله في مجالي نقل الركاب بتكاليف منخفضة والشحن، وكذلك إنشاء مدرسة للتدريب على الطيران بالاشتراك مع شركة لبنانية محلية.
وتصب كل المعطيات في خانة ترجيح انطلاق العمل بتأهيل مطار القليعات نهاية السنة الجارية، مع ترجيح حاجة ورشة التأهيل والأشغال إلى سنة واحدة لافتتاحه كمطار مدني يكون مكملا لمطار بيروت وليس بديلا عنه.
وبالتوازي مع وضع هذا المشروع على سكة التنفيذ، حتما ستعلو أصوات للمطالبة بحذو حذو مطار القليعات وتحويل قاعدة رياق العسكرية في البقاع وقاعدة حامات العسكرية في الشمال إلى مطارين مدنيين،. ومن يدري ربما يأتي من يعيد إلى الضوء مطار بعدران في الشوف الذي بناه الفرنسيون في فترة حكمهم للبنان قبل أن يتحول مع انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية إلى مقصد سياحي جميل!