السلاح الفلسطيني داخل مخيمات لبنان في… غرفة الانتظار

السلاح الفلسطيني داخل مخيمات لبنان في… غرفة الانتظار

المصدر: الراي الكويتية
2 تموز 2025

عاود سلاحُ «حزب الله» احتلالَ صدارة الملفات اللبنانية الشائكة في ضوء ورقة «الحضّ» الأميركية على الإسراع في تسليمه للدولة والتهيّب من استئناف إسرائيل حربها على نحو أوسع للتخلص منه، بعدما كان هذا الملف تنحّى جانباً عن الشاشة السياسية لبعض الوقت مع صعود نجم السلاح الفلسطيني في المخيمات وتحديد مواعيد مبدئية لمباشرة سحْبه قبل أن «تطير» بحجّة الحاجة إلى مزيد من المشاورات.

ورغم البُعْد الإستراتيجي لملف سلاح «حزب الله»، فإن المداولات الجارية بين بيروت وعواصم القرار العربي والدولي تتناول أيَّ سلاحٍ وكلَّ سلاحٍ خارج الشرعية اللبنانية، الأمر الذي يُبْقي مصيرَ السلاح في المخيمات الفلسطينية قيدَ التداول ربْطاً بإعداد الجانب اللبناني ورقته رداً على خريطة الطريق الأميركية التي تسلّمتْها بيروت من سفير الولايات المتحدة في تركيا وموفدها إلى سوريا توماس برّاك.
ولم يطرأ أي جديد على ملف سحْب السلاح الفلسطيني في لبنان الذي بدا كأنه يراوح مكانه بين الإصرار اللبناني الحاسم على قرار سحبه دون تَراجُعٍ عنه، وبين إسقاط المهل الزمنية التي أُعلن عنها سابقاً، بعد تأجيلِ تنفيذ المرحلة الأولى التي كانت مقرَّرة منتصف يونيو الماضي من ثلاثة مخيمات في بيروت، هي: شاتيلا، برج البراجنة ومار الياس.

والسلاح الفلسطيني كان عاد إلى واجهة الاهتمام بعد زيارة الرئيس محمود عباس للبنان في 21 مايو الماضي، حيث اتَّفق مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، على بدء العملية ضمن خطةٍ متدرّجة تُنفَّذ على مراحل، وتهدف إلى بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، بما فيها المخيمات، وعلى حصر السلاح بيد الدولة.

وأوضحت مصادر فلسطينية لـ «الراي» أن جملةً من الأسباب تضافرت ليدخل هذا الملف الشائك والمعقّد في مرحلةٍ من الانتظار حتى إشعارٍ آخَر، ومنها:

– الحربُ الإسرائيلية – إيرانية، والتي كادت أن تمتدّ إلى حرب إقليمية، وانتظار وضوح نتائجها وقراءة تداعياتها على المنطقة بعدما وضعت أوزارها قبل أيام، وسط تساؤلاتٍ عما إذا كانت ستؤثر على قرار تسليم السلاح الفلسطيني سلباً أو إيجاباً.

– عدم وجود مهل زمنية رسمية مُتَّفَقٍ عليها، وإنما تسريبات حاولتْ أن تضع كل القوى الفلسطينية أمام مسؤولياتها في محاكاة هذا الاستحقاق المهمّ، قبل أن يتبيّن أن المهلَ أو جدولةَ التنفيذ مرهون بالتفاهمات، وخصوصاً بعدما برز تَضارُب في المواعيد، حيث تَبَلَّغَ تَحالُفُ القوى الفلسطينية أن المرحلة الأولى ستنطلق في 16 يونيو، بينما أكّد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمشرف على «الساحة اللبنانية» عزام الأحمد، أن لا مهل محدَّدة.

– ظهور عقبات ووجود تفاصيل كثيرة تحتاج إلى إجابات رسمية لبنانية وإلى تَوافُقٍ على «كل صغيرة وكبيرة»، وإلى المزيد من التشاور وعلى المستويين الفلسطيني واللبناني والمشترك، لتذليل الهواجس، وهو ما يُعمل عليه وفقاً لمسارين:

– الأول: مع السلطة الفلسطينية عبر اللجان المشتركة التي تم تشكيلها خصيصاً لهذا الملف. وكان من المقرَّر أن يعود عزام الأحمد إلى بيروت على رأس الوفد الرسمي الأمني والعسكري الفلسطيني، لمتابعة مشاوراته ولقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين بهدف التوصّل إلى تفاهمات مشتركة والحصول على أجوبة حول أسئلة أساسية.

– أما المسار الثاني، فهو بالتنسيق بين «لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني» و«هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان» التي تضم جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها «فتح»، «حماس» و«الجهاد الإسلامي».

ويُتوقع في هذا السياق أن ينعقد اجتماع للجنة في القريب العاجل، بعدما تَأَجَّلَ سابقاً بسبب سفر رئيس اللجنة السفير رامز دمشقية.

«الجبهة الديمقراطية»

وقد نفى مسؤول «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» في لبنان، يوسف أحمد لـ «الراي» وجود أي رابطٍ بين الحرب الإيرانية – الإسرائيلية وتأجيل البتّ بسحب السلاح الفلسطيني، مؤكداً أن السبب الحقيقي يكمن في غياب الرؤية الشاملة لمعالجة هذا الملف. وقال «إن التعاطي مع قضية السلاح الفلسطيني وكأنها مسألة تقنية أو أمنية بحتة، خطأ سياسي»، مشدداً على أن «اختزالَ الوجود الفلسطيني في لبنان بهذه الزاوية الضيقة يتجاهل أبعاداً أوسع تتصل بالجوانب القانونية والسياسية والاجتماعية».

ودعا أحمد إلى «فتح حوار لبناني – فلسطيني شامل، بعيداً عن الانتقائية، لمقاربة الملف برؤيةٍ متكاملة تشمل مختلف الجوانب المرتبطة بواقع اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم»، معتبراً أن «الحوارَ الجدّي مع القيادة الفلسطينية في لبنان، التي تضم مختلف الفصائل ضمن إطار لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، هو المدخل الصحيح للوصول إلى حلول ومعالجات هادئة ومسؤولة».

وختم بتأكيد أن «الفلسطينيين في لبنان حريصون على استقرار المخيمات وأمنها، وعلى تعزيز العلاقة الإيجابية مع الجوار اللبناني»، مشيراً إلى «الاستعداد الكامل للتعاون من أجل التوصل إلى مقاربات تضمن المصالح المشتركة وتحفظ الكرامة الوطنية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين».

«حماس»

وفي المقابل، أوضحت مصادر قريبة من حركة «حماس» لـ «الراي»، أن الحركة «فضّلتْ التعاطي مع هذا الملف بمسؤولية كبيرة، بعيداً عن الضجة الإعلامية، وموقفها واضح بضرورة مقاربة قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بشمولية، بعيداً عن حصْرها بالنظرة الأمنية فقط، ولذلك هي شاركت في إعداد الرؤية الفلسطينية المشتركة الخاصة كخريطة طريق، وسط تأكيدها ضرورة أن تكون هيئة العمل الفلسطيني المشترك الإطارَ المشترك للحوار مع الدولة اللبنانية».

وإذ اعتبرت المصادر أن «لا علاقة مباشرة لنتائج العدوان الإسرائيلي على إيران بملف السلاح الفلسطيني في لبنان»، أكدت أن وحدة الموقف الفلسطيني تشكل أساساً رئيسياً للتعامل مع قضايا اللاجئين، حيث تمثّله «هيئة العمل الفلسطيني المشترك» التي تضمّ جميع الفصائل والقوى، مشيرة إلى أنها تؤيد ضبْطَ السلاح الفلسطيني وتنظيمَه (كما جاء في الرؤية المشتركة)، وحفْظ الوضع الأمني داخل المخيمات من «القوة الأمنية المشتركة» بإشراف الهيئة، بالتعاون التام مع الجيش اللبناني ومخابراته.

ويشمل ملف سحب السلاح كل المخيمات وفق خطة متدحرجة، بدءاً من بيروت، لِما لها من رمزية في العاصمة لقربها من مطار رفيق الحريري الدولي، مروراً بـ «ويفل» – الجليل في البقاع، ثم البداوي في الشمال، باعتبار أن نهر البارد تحت سلطة الدولة.

ووفق الخطة اللبنانية، فإنها تشمل في مرحلتها الأخيرة مخيمات الجنوب، بدءاً بـ «البص»، «الرشيدية» و«البرج الشمالي» في صور، وهي تقع ضمن منطقة جنوب الليطاني، ثم مخيمي «المية ومية»، و«عين الحلوة» في صيدا، والأخير يُعتبر الأصعب والأكثر تعقيداً، نظراً للموزاييك السياسي والعقائدي فيه، إضافة إلى موازين القوى التي تَحْكمه وغيرها من الحسابات.

ويقيم أكثر من 235 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان في 12 مخيماً موزَّعين بين محافظات عدة، بالإضافة إلى 57 نقطة تَجَمُّع، بينما يبلغ تعدادهم على قيود الأونروا أكثر من 500 ألف.

وأظهر التحقق الرقمي الذي أجرتْه الأونروا في السنة الحالية أن لبنان يستضيف 222 ألف فلسطيني، بما في ذلك 27 ألفاً من فلسطينيي سوريا.