خاص- الردّ اللبناني على ورقة برّاك: الحزب ما زال يراوغ

خاص- الردّ اللبناني على ورقة برّاك: الحزب ما زال يراوغ

الكاتب: إيلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
3 تموز 2025

يبدو واضحاً من التصريحات التي يدلي بها المسؤولون في “حزب الله”، والتي ما زالت تتّبع نهج التشدّد في موضوع السلاح، أنّ محور إيران لم يقرّر بعد “الاستسلام”، أو على الأقلّ ما زال يحاول استعمال أوراقه المتبقّية في المفاوضات المقبلة مع الولايات المتّحدة.

وعليه، فإنّ انتظار رأي “حزب الله” في الورقة التي أعدّها لبنان، قبل إرسالها إلى الموفد الأميركي توم برّاك، سيكون بلا فائدة عمليّاً، طالما أنّ “الحزب” ما زال يراوغ، ويلعب على الكلمات، ويبدّل في تراتبيّة الشروط المتبادلة. وتقول مصادر مطّلعة على فحوى عمل اللجنة الثلاثية، التي تضمّ ممثلين عن كلّ من رئيس الجمهورية ورئيسي الحكومة والمجلس، إنّ أخذ رأي “الحزب” في مضمون الورقة ضروري لنجاح تطبيق ما يتمّ الاتّفاق عليه في موضوع السلاح، لأنّ عدم موافقة الطرف المعنيّ، لا يضمن التنفيذ، تماماً كما حصل عند إقرار الحكومة وقف النار مع إسرائيل، والذي وافق عليه “الحزب”.

ولكن، للتذكير، فإنّ اتفاق وقف النار تضمّن نزع السلاح في كلّ الأراضي اللبنانية، وليس فقط جنوب الليطاني. كما أشار بوضوح إلى أنّه يحق لكلّ طرف الدفاع عن نفسه، إذا ارتأى أنّ أمنه في خطر. وبهذا المفهوم، نفّذت إسرائيل الاتّفاق، ولم توقف ضرباتها الاستباقية ضدّ ما تقول إنّها مواقع للحزب أو مخازن أسلحة، كما لم توقف الاغتيالات.

أمّا “حزب الله”، فما زال حتّى الساعة يناور في ملفّ السلاح، ويريد الاحتفاظ به. وهذا ما جعل رئاسة الجمهورية والحكومة تفشلان في التوصّل إلى مخرج لإنهاء السلاح خارج الأطر الشرعيّة. ولم تنفع جولات مورغان أورتاغوس في دفع المسؤولين إلى اتّخاذ أيّ قرار في هذا الموضوع. وكان رئيسا الجمهورية جوزاف عون والحكومة نوّاف سلام ينتظران في حقيقة الأمر ما ستؤول إليه الأمور في الملفّ الإيراني، كي يبنى على الشيء مقتضاه.

ولكن، حتّى الضربة الضخمة التي نفّذتها واشنطن بالقنابل الخارقة ضدّ المنشآت النووية الإيرانية، لم تكن كافية، حتّى الآن على الأقلّ، في حسم الخيارات في موضوع السلاح. فهناك غموض كبير حول مدى الضرر الذي ألحقته هذه الضربات بالمشروع النووي الإيراني ككلّ. ففيما يتحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب بكلّ ثقة، ولكن بلا دلائل دامغة، عن أنّ البرنامج النووي قد تمّ تدميره، فإنّ تقارير الاستخبارات لا تجزم بذلك.

وهناك تقارير تشير إلى أنّ في إمكان إيران استئناف العمل في التخصيب خلال أشهر، طالما أنّها تملك المعرفة والقدرة الصناعية للمضيّ قدماً، حسب ما يقول مدير الوكالة الدولية للطاقة الذريّة رافاييل غروسي. إذ يمكن لسلسلة واحدة لم تتضرّر، مؤلّفة من 174 جهاز طرد مركزي من طراز IR-6 أن تنتج انطلاقاً من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%، ما يكفي من اليورانيوم المخصّب بنسبة 90% لصنع قنبلة. وهذه العمليّة يمكن أن تتمّ خلال عشرين يوماً، ولا تحتاج إلى إعادة بناء منشآت التخصيب في الشكل الذي كانت عليه سابقاً، كما يورد جيمس أكتون المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسّسة كارنيغي للسلام الدولي.

وتقول المصادر الوزارية في اللجنة الثلاثية إنّ الردّ على الورقة الأميركية، الذي تصوغه اللجنة، سيتضمّن بنوداً تعتمد سياسية “الخطوة خطوة” في عملية تسليم السلاح، في مقابل الانسحاب الإسرائيلي وترسيم الحدود وإعادة الإعمار. ولكن سلّم الأولويّات، وأيّ من البنود يجب أن يطبّق قبل غيره من البنود، هو القطبة المخفية. فإسرائيل تشترط نزع السلاح الثقيل، قبل الانسحاب من أحدى التلال الخمس، فيما يريد “الحزب” تنفيذ خطوة الانسحاب قبل ذلك. كما أنّ بند إعادة الإعمار يشكّل عائقاً أساسياً أمام التوصّل إلى اتّفاق.

وعندما يأتي الموفد الأميركي في زيارته الثانية لبيروت المتوقّعة الإثنين المقبل، سيكون قد تلقّى الردّ اللبناني مسبقاً. وإذا ما وافق عليه، فإنّه سيحمله إلى إسرائيل لمعرفة وجهة النظر الإسرائيلية. ومن الصعب، حسب المصادر، أن تتمّ الموافقة على الشروط اللبنانية، كما سيتضمّنها الردّ.

الأكيد أن “الحزب”، حتّى لو تمّ التفاهم على اتّفاق ما، يراهن على المناورة وكسب الوقت عند التنفيذ، كما فعل بعد اتّفاق وقف النار. وما زال ملفّ السلاح معلّقاً على المفاوضات الأميركية الإيرانية، إن حصلت. ولن يُتّخذ أيّ قرار قبل معرفة نتائج هذه المفاوضات المفترضة.

ولكن الورقة النهائية في أيدي إسرائيل والولايات المتّحدة، هي العودة إلى الحرب، سواء في لبنان، أو في إيران. وعلى المسؤولين في الدولة اللبنانية وفي “الحزب” أن يحدّدوا أيّ العواقب ستكون أكثر صعوبة.