جمع السلاح الفلسطيني في لبنان معلق والمفاوضات متوقفة على عودة الأحمد!

جمع السلاح الفلسطيني في لبنان معلق والمفاوضات متوقفة على عودة الأحمد!

الكاتب: محمد شقير | المصدر: الشرق الاوسط
4 تموز 2025

فوجئ لبنان بإعلامه من مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله بأنها سترسل وفداً أمنياً – سياسياً موسعاً إلى بيروت في مهمة تتعلق بإجراء تقييم شامل للوضع بداخل المخيمات الفلسطينية، بدءاً بما يدور بداخل حركة «فتح»، كبرى الفصائل، من خلافات وتباين في وجهات النظر ظهرت للعلن مع بدء المفاوضات لجمع السلاح الفلسطيني، ما يعني أن الغموض يكتنف عودة أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير»، ومسؤول الملف اللبناني عزام الأحمد على الأقل في المدى المنظور إلى بيروت، بخلاف ما كان تعهّد به أنه سيعود فور انتهاء عطلة عيد الأضحى لوضع اللمسات الأخيرة على جمع السلاح الفلسطيني على مرحلتين، بحسب الاتفاق الذي تم التوصل إليه، على أن تبدأ الأولى في 16 يونيو (حزيران) الماضي، وتشمل مخيمات مار إلياس وبرج البراجنة وشاتيلا، والثانية في الأول من يوليو (تموز) الحالي، وتشمل مخيمي البداوي في الشمال، والجليل في بعلبك.

لكن انقضاء المهلة المحددة للبدء أولاً بجمع السلاح على مرحلتين في المخيمات الخمس شكّل إحراجاً للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي كان تعهّد أمام الرؤساء الثلاثة في زيارته لبيروت في 21 (مايو) الماضي بجمعه على مراحل، وكلّف الأحمد، الذي كان في عداد الوفد الرئاسي، بمتابعة المفاوضات مع الجانب اللبناني للتوصل إلى آلية لتطبيقه بناء على إلحاح الحكومة اللبنانية، آخذة بوجهة نظر الفريق الأمني اللبناني الذي شارك فيها.

آلية تطبيقية لجمع السلاح

وكشفت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن ياسر عباس، نجل الرئيس الفلسطيني، كان شارك في الإعداد لزيارة والده، وأكدت أنه تلقى نصائح لبنانية بضرورة وضع تصور فلسطيني يكون بمثابة آلية تطبيقية تؤدي حكماً إلى جمع السلاح بإشراف مباشر من القيادة الفلسطينية، لأن الحكومة تنأى بنفسها عن الدخول بقوة إلى المخيمات لجمعه، لئلا تحصل مشكلة لبنانية- فلسطينية، مع أنها فلسطينية بامتياز، ومن غير الجائز إقحام لبنان فيها.

 

صورة عملاقة للمتحدث باسم «حماس» أبو عبيدة في مخيم برج البراجنة جنوب بيروت (أ.ف.ب)
صورة عملاقة للمتحدث باسم «حماس» أبو عبيدة في مخيم برج البراجنة جنوب بيروت (أ.ف.ب)

 

وأكدت أن الوفد الفلسطيني المفاوض أبدى تفهُّماً لوجهة نظر لبنان، ووافق بملء إرادته على تحديد المهلة الزمنية لجمع السلاح على مراحل، بدءاً بمخيمات مار إلياس وبرج البراجنة وصبرا باعتبارها تخضع، بلا أي منازع، لسلطة «منظمة التحرير» الفلسطينية، بخلاف المخيمات الأخرى.

لكن سرعان ما تبدّل الموقف الفلسطيني على نحو أدى إلى تعليق العمل بالجدول الزمني الذي وضعه الأحمد، وتعهّد بعودته مجدداً إلى بيروت ليواكب شخصياً تنفيذ المرحلتين، وأن عدم التزامه، بحسب المصادر، لا يعود إلى اندلاع الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، وإنما لتعدد الآراء بداخل «فتح» إلى حد التباين من جهة، ولرفض الفصائل الفلسطينية والمجموعات المتشددة التجاوب، بذريعة أن قيادة «منظمة التحرير» الفلسطينية استبعدتها من المفاوضات، مع أنها ليست ممثلة فيها.

تباينات داخل «فتح»

ولفتت المصادر إلى أن ترحيل جمع السلاح يعود في الأساس لتعدد الرؤوس بداخل «فتح» حول كيفية جمعه، وأين يخزّن؟ وهل أن الظروف مواتية لتحقيقه، وبغياب المرجعية الفلسطينية المحلية القادرة على جمع الفصائل ومتفرعاتها تحت سقف الاستجابة لقرار عباس بجمع السلاح من جهة، بينما المجموعات المتشددة التي تُحكم سيطرتها على عين الحلوة (أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان) ليست في وارد التسليم لـ«فتح» بسلطتها على المخيم؟

 

الرئيس اللبناني جوزيف عون مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القصر الجمهوري قرب بيروت في مايو الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القصر الجمهوري قرب بيروت في مايو الماضي (أرشيفية – إ.ب.أ)

 

ورداً على سؤال، أوضحت المصادر أن لبنان استحصل من أعلى مرجعية فلسطينية، ممثلة في عباس، على قرار جمع السلاح، وبالتالي لا عودة عنه، وأن الأجهزة الأمنية اللبنانية ستواصل تشدّدها لضبط حركة الدخول والخروج من وإلى المخيمات، وهي جاهزة للتصدي لكل محاولات تهديد الاستقرار، واستخدام مخيمات الجنوب للإساءة إلى جوارها، والتسلل إلى القرى المتاخمة لجنوب الليطاني لإطلاق الصواريخ على إسرائيل كما حصل مؤخراً بقيام مجموعة من «حماس» بخرق وقف النار الذي التزم به لبنان لتمرير رسائل سياسية ليست في محلها.

وقالت إن السلاح الفلسطيني مشمول بحصريته بيد الدولة، وإن القرار اتخذ، ولا عودة عنه، ويخطئ من يعتقد أن تأجيل جمعه يوفّر ذريعة لـ«حزب الله» للاستقواء بالسلاح الفلسطيني لتبرير احتفاظه بسلاحه. وحذّرت من لجوء بعض الأطراف للترويج لتسلل «مجموعات متشددة» من سوريا إلى لبنان وهي توجد الآن في أكثر من منطقة، وتستعد للقيام بعمليات تستهدف خصوم النظام السوري الحالي، ما يوفر ذريعة للحزب بالتريث في تسليم سلاحه بحجة أنه في حاجة إليه لمنعها من تهديد الاستقرار، والعبث بالأمن الوطني

توقيفات «برج البراجنة»

وأكدت المصادر أنه لا صحة ميدانياً للترويج لمثل هذه الأخبار في ضوء الملاحقة الدؤوبة من قبل الأجهزة اللبنانية التي تبين لها من خلال المسح الأمني الذي أجرته أنه لا صدقية لمثل هذه الأخبار، وكشفت أن الأمن العام تمكّن من توقيف سبعة سوريين أثناء وجودهم في غرفة واحدة في مخيم برج البراجنة، وكانوا دخلوا خلسة إلى لبنان، وتبين من خلال التحقيقات الأولية أن أحدهم يحمل هاتفاً خلوياً يحوي صوراً كان التقطها لإحياء المجالس العاشورائية في الضاحية الجنوبية، وعليه كتابات وشعارات تدعو للقلق، واستدعت التعمُّق في التحقيق بمواكبة من مديره العام اللواء حسن شقير، للتأكد مما إذا كانت هناك جهة تقوم بتشغيله للقيام بأعمال تهدد الاستقرار، أم أنه مجرد تصرف فردي.

وأضافت أن اللواء شقير شارك عن الجانب اللبناني في المفاوضات الفلسطينية لجمع السلاح، وهو مكلف بملاحقة مسؤول حركة «حماس» في لبنان، أحمد عبد الهادي، لتسليم المتهم الرابع الذي ثبتت علاقته بإطلاق الصواريخ على إسرائيل، ولا يزال متوارياً عن الأنظار على حد قوله، رغم أنه يشغل موقعاً قيادياً دينياً في الساحة اللبنانية. وأكدت أنه لا رابط بين تسليم السلاح وإعادة النظر في الحقوق المدنية للفلسطينيين، وتحسينها، ورفع مستواها، وهي موضع اهتمام من قبل رئيس هيئة الحوار الفلسطيني – اللبناني السفير رامز دمشقية، وكشفت أنه يجري الآن الإعداد لآلية تتعلق بالسماح بإدخال مواد البناء إلى المخيمات، والتأكد من عدم استخدامها لأغراض عسكرية، بعدما تبين وجود مجموعات، وبالأخص في عين الحلوة، تعرض بعض هذه المواد للبيع نظراً لحاجة الفصائل المسلحة إليها لتحصين مداخل الأحياء التي تسيطر عليها في المخيم للدفاع عن مواقعها، وتوفير الحماية لها في حال تعرضت لهجوم، بدلاً من استخدامها لتحسين أماكن إقامتها.