التعيينات القضائية بين فكَّيْ بري ونصار… لمن الغلبة؟!

التعيينات القضائية بين فكَّيْ بري ونصار… لمن الغلبة؟!

الكاتب: ريمان ضو | المصدر: هنا لبنان
5 تموز 2025

إمّا إرسال التعيينات القضائية إلى مجلس الوزراء من دون اسم حمادة وبالتالي تعطيلها من خلال عدم توقيع وزير المال المرسوم، أو القبول بالأمر الواقع وتسمية حمادة وطرح التعيينات على طاولة مجلس الوزراء واللجوء إلى التصويت، أو إقرار المرسوم مع تسجيل بعض الوزراء اعتراضهم وتحفّظاتهم في محضر جلسة مجلس الوزراء.

لم يعد يخفى على أحد أنّ التعيينات المالية والقضائية معلّقة بسبب الشروط التي فرضها رئيس مجلس النواب نبيه بري لناحية تسمية القاضي زاهر حمادة مدعيًا عامًا ماليًا خلفًا للقاضي علي ابراهيم، وإصراره على اسم وسيم منصوري نائبًا لحاكم مصرف لبنان.

وعليه، فإنّ هذه التعيينات عالقة عند ما قاله بري: “زاهر ثم زاهر ثم زاهر”، مُعيدًا إلى الأذهان عندما قال: “ياسين جابر ثم ياسين جابر ثم ياسين جابر” وزيرًا للمالية عند تشكيل الحكومة.

وبعيدًا عن الظروف المختلفة بين تشكيل الحكومة والتعيينات المالية والقضائية، إلّا أنّ القاسم المشترك هو نفسه: تمسّك الرئيس بري ومن خلفه حزب الله بحصّة التعيينات من الطائفة الشيعية، وإلّا التعطيل.

يقول الرئيس بري في معرض دفاعه عن زاهر حمادة: “جيبولي ملف فساد بحقّه وأنا بتراجع عن تسميته”، متناسيًا أنّ حمادة، ونزولًا عند رغبة بري، أصدر منذ العام 2015 بصفته المحقّق العدلي في قضية خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقَيْه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، مذكّرة توقيف بحق هنيبعل القذّافي نجل الرئيس معمر القذّافي، ورفض مرارًا وتكرارًا الإفراج عنه على الرَّغم من تدهور حالته الصحية وعدم وجود أدلّة كافية على تورّطه في عملية الخطف.

إلّا أنّ ما رفع سقف التحدي هو أداء النائب العام المالي بالإنابة القاضية دورا الخازن، التي اتخذت في فترة قصيرة قرارات جريئة إن كان في قضية الوزير السابق أمين سلام أو في ملف كازينو لبنان و”BetArabia”، متجاهلةً كلّ الضغوط السياسية والخطوط الحمر التي رُفعت، وناسفةً أداء سلفها القاضي علي ابراهيم، الذي لم يُصدر أي قرار في كلّ الملفات التي أحيلت إلى النيابة العامة المالية، وكان مصيرها الأدراج في قصر العدل، ممّا سيجعل مهمّة المدعي العام المالي القادم أصعب، وتفرض عليه التعاطي بالأسلوب الشفّاف والعادل عينه، وهنا تُطرح علامات استفهام حول قدرة حمادة على اتخاذ مثل هذه القرارات والعمل باستقلالية وشفافية في ملفات الفساد الموجودة أمامه.

أمّا في التعيينات المالية، فتمكّن الحاكم كريم سعيد من اتخاذ سلسلة قراراتٍ جريئةٍ وتعاميم، على غرار التعميم الأخير الذي ساوى بين المودعين، مرتكزًا إلى عُرفٍ سابقٍ اعتمده الحاكم السابق رياض سلامة، والذي رأى بعض الخبراء فيه نوعًا من “الكابيتال كونترول” لحماية المودعين عجزت الحكومة والمجلس النيابي عن إقراره لأسباب معروفة.

يروي وزير العدل السابق ابراهيم نجار، أنه عندما كان وزيرًا للعدل، قام بالاتفاق حينها مع الرئيس ميشال سليمان، بإقرار التعيينات القضائية يوم سبت، إذ قام بتوقيع المرسوم عبر درّاجٍ تنقّل بين قصر بعبدا والسراي ووزارة المالية للحصول على التواقيع، ومنعًا للتدخلات السياسية التي قد تعرقل إقرارها.

اليوم يقف توقيع وزير المال ياسين جابر أمام تكرار مثل هذا السيناريو، وهو ما قد يفسّر تمسّك الثنائي بوزارة المالية أو التوقيع الثالث كما بات معروفًا، وإمساكه بمفتاح تعطيل أي قرارات أو مراسيم.

تشير مصادر وزارية لـ”هنا لبنان” إلى أن بري أوصل رسالةً واضحةً: “عطوني زاهر حمادة ووسيم منصوري وخذوا شو ما بدكم”، وعلى هذا الأساس، فإنّ إصرار بري على حمادة ومنصوري لن يتغيّر.
وتقول المصادر إنّ وزير العدل بات أمام سيناريوهَيْن: إمّا إرسال التعيينات القضائية إلى مجلس الوزراء من دون اسم حمادة وبالتالي تعطيلها من خلال عدم توقيع وزير المال المرسوم، أو القبول بالأمر الواقع وتسمية حمادة وطرح التعيينات على طاولة مجلس الوزراء واللجوء إلى التصويت، أو إقرار المرسوم مع تسجيل بعض الوزراء اعتراضهم وتحفّظاتهم في محضر جلسة مجلس الوزراء، وهو موقف مبدئي وشكلي لن يقدّم ولن يؤخّر.
وتضيف المصادر أنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام على خط بري – نصّار، في محاولةٍ لإيجاد مخرج، وهو ما يبدو بعيدًا حتى الساعة، تقول المصادر.

يدرك وزير العدل الحاجة إلى تمرير هذه التعيينات، لضمان حسن سير العمل القضائي ومسار المُحاسبة ووقف الفساد في ظلّ الشواغر القضائية الكبيرة في مختلف المحاكم والمراكز. فهل يرضخ لإصرار بري أم تبقى التعيينات القضائية معلّقة على غرار التشكيلات القضائية السابقة التي بقيت في أدراج القصر الجمهوري في عهد الرئيس ميشال عون؟ فيتكرّر سيناريو: غادة عون أو لا أحد، ليصبح زاهر حمادة أو لا أحد.