
باراك يقدّم عرضاً «لا يجوز للبنان رفضه».. و«التحصيل» بعد خطوات جادة
مضت إسرائيل في تنفيذ ما تراه مناسبا لها من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع لبنان، وواصلت سياسة القتل والاغتيال وتنفيذ ضربات في عمق الأراضي اللبنانية الحدودية، وعلى مسافة أبعد لا توفر منطقة حتى في أقصى شمال لبنان.
وتكرس إسرائيل على الأرض ما تحدث عنه الموفد الأميركي توماس باراك، من ان اتفاق وقف إطلاق لم يؤد المطلوب منه، وملمحا بالتالي إلى ضرورة التوصل إلى صيغة أو اتفاق جديدين، الأمر الذي سأله عنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري من دون ان يلقى جوابا مباشرة بالتأكيد أو النفي.
الثابت أن باراك بحنكته الديبلوماسية، أخذ من لبنان أكثر مما كان يطلب، وهو يمضي سعيا إلى نيل المزيد الذي يعتبره البعض في الداخل بمنزلة استسلام غير مشروط. إلا أن الديبلوماسي الأميركي الممتنع عن تقديم ضمانات تلزم إسرائيل بتنفيذ وقف إطلاق للنار من جانبها، يقدم حزمة خاصة بدور لبنان في الشرق الأوسط الجديد الذي بدأ يتكرس من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. دور مربوط أيضا بعملية سلام وأكثر مع إسرائيل. وقد فتح باراك نافذة للتواصل مع «حزب الله» من هذا الممر الإلزامي، أي عملية السلام مع إسرائيل.
وبدا أن باراك يعمل لتنفيذ الأجندة – «الورقة الأميركية» على «البارد». ويفسر طرحه تنفيذ اتفاق «خطوة مقابل خطوة»، بحث الجانب اللبناني على السير خطوات إلى الأمام ضمن إطار الورقة الأميركية، تمهيدا لتحصيل مساعدات مالية وإطلاق عملية الإعمار في وقت لاحق غير محدد.
والمطلوب باختصار، التزام لبناني كامل ومن جانب واحد حتى أجل، ليحين الحصول على مكاسب. وبطريقة ديبلوماسية ناعمة لا تخلو من حزم، يقدم باراك ما يعتبره عرضا لا يجب على لبنان أن يرفضه، خشية تفويت فرصة الحفاظ على دوره «بوابة الشرق»، كما قال في إطلالة تلفزيونية وفي غير تصريح في مجالس خاصة. ويجهد للغاية في إقناع المسؤولين اللبنانيين، وحتى القيمين على «حزب الله» بالتعاون، من طريق التواصل المباشر المحددة عناوينه، توخيا للوصول إلى ما يعتبره نتائج مفيدة للبنان، ولا يرى غير خريطته سبيلا لذلك.
وكان تراجع منسوب الإيجابية لنتائج زيارة الموفد الأميركي، وسط تفاؤل حذر بعد تسريبات من قبل بعض الذين التقاهم باراك، عن شروط «مبطنة» طرحها خلال لقاءاته، خصوصا أن باراك يتولى أكثر من مهمة في المنطقة ويميل إلى ربط هذه الملفات ببعضها. وقال مصدر مطلع لـ «الأنباء»: «الأجواء الإيجابية التي سادت خلال الزيارة مردها الحذر الشديد الذي سبق وصوله من مخاوف وحديث عن ترك لبنان وحيدا بمواجهه التهديدات الإسرائيلية.. وفي الوقت عينه فتحت الزيارة الاحتمال على خيارات عدة لاتزال قيد البحث. أولها إطلاق يد إسرائيل في توسيع العمليات العسكرية في مختلف المناطق اللبنانية. وفي هذا الإطار نفذت القوات الإسرائيلية تحركا واسعا في اليومين الماضيين في المناطق المتاخمة للحدود، في البلدات المدمرة والمهجورة».
ورأى المصدر «أن إسرائيل التي لاتزال تحتل خمسة مواقع مشرفة على مناطق واسعة، أرادت من خلال عمليات الاقتحام توجيه أكثر من رسالة تحت عنوان الكشف عن بنى تحتية عسكرية لحزب الله».
وأضاف: «اذا كان العنوان هو البحث عن السلاح ومخازنه، فهي تريد التأكيد على ان هذه البلدات، وان انسحبت منها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار استنادا إلى القرار 1701، فهي لاتزال بحكم الواقعة تحت الاحتلال والسيطرة الفعلية للجيش الإسرائيلي. وفي الوقت عينه تعرقل إسرائيل أي مسعى للجيش اللبناني لإقامة قواعد ثابتة فيها».
وتابع المصدر: «تريد الحكومة الإسرائيلية أيضا، اختبار مدى احتمال الحزب على التزام الصمت، في وقت يتحدث دائما عن أن لصبره حدودا، إلى تمسكه بالتزام خيار المقاومة في مواجهة الاحتلال».