الدولة لن تكون واجهة لـ “الحزب”؟

الدولة لن تكون واجهة لـ “الحزب”؟

الكاتب: معروف الداعوق | المصدر: اللواء
11 تموز 2025

يتلوَّى حزب الله في سلوكياته مع الدولة بعد حرب «الاسناد» التي شنها ضد اسرائيل، لدعم حركة حماس، وكبدته خسائر غير محسوبة في بنيته السياسية والعسكرية، وقلصت نفوذه وهيمنته على مفاصل الدولة والقرار السياسي فيها، وهو يحاول اعادة التموضع من جديد، باستنساخ اساليب وسيناريوهات، اعتمدها سابقا، لاستثمار ما تبقى من سلاحه وموارده، أملاً في تكريس هيمنة رديفة ضمن الدولة ، كما فعل طوال العقود الماضية.

وافق الحزب على اتفاقية وقف الاعمال العدائية مع اسرائيل وتنفيذ القرار١٧٠١ في تشرين الثاني الماضي ، تحت ضغط العمليات العسكرية الاسرائيلية ضده، وانقلاب حرب الاسناد ضده، وبعدها حاول التملص التدريجي من تنفيذ تبعات القرار المذكور والتي تشمل بسط سلطة الدولة ونشر الجيش اللبناني ونزع سلاح الحزب في كل المناطق اللبنانية، بالادعاء انه يشمل منطقة جنوب الليطاني وليس بقية المناطق الاخرى، في محاولة مكشوفة للتهرب من تنفيذ القرار المذكور.

لم يقابل الحزب انتخاب رئيس الجمهورية جوزف عون بالارتياح، لان عملية الانتخاب حصلت رغما عنه، بعد تعطيل استحقاق الانتخابات الرئاسية قرابة العامين، تارة بحجة فرض مرشح الحزب على باقي الاطراف، وتارة اخرى بحصول حوار مسبق لانتخاب الرئيس، واخيرا اشترط الحزب انتهاء حرب غزة قبل الموافقة على انتخاب الرئيس.

حاول الحزب التعايش مرغما مع انتخاب عون للرئاسة رغما عنه، والامر نفسه مع تسمية الرئيس نواف سلام لرئاسة الحكومة، وشارك في الحكومة ووافق على بيانها الوزاري المتضمن حصر السلاح بيد الدولة وحدها كما ورد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية.

الآن يرفض الحزب تسليم ما تبقى من سلاحه، استجابة لما ورد في البيان الوزاري، تارة بأن هذا السلاح يشكل ورقة قوة بمواجهة اسرائيل، وتارة اخرى بضرورة اجراء حوار وطني للاتفاق على ما يسميه استراتيجية وطنية ، لطالما عطل الحزب الخوض فيها سابقا، وكانت بمثابة شماعة للتهرب من وضع سلاحه تحت سلطة الدولة اللبنانية.

يراوغ الحزب في عملية تسليم سلاحه للدولة، بعد تضييق الخناق الداخلي والخارجي عليه من اكثر من اتجاه . فهو مع الدولة بتنفيذ القرار ١٧٠١، ومايزال يحتفظ بمستودعات السلاح جنوبا،ويتكتم عليها ويعيق اي محاولة للقوات الدولية للكشف عليها ومصادرتها، كما يحصل يوميا، ويتحجج باستمرار الاحتلال الاسرائيلي لمواقع استراتيجية بالجنوب تارة وبتأخر الحكومة المباشرة بعملية اعادة اعمار ما هدمته حرب الاسناد التي شنها بقرار انفرادي واستجابة لمصالح ايران على حساب مصالح الشعب اللبناني.

حزب الله على لسان الامين العام نعيم قاسم، هو مع الدولة، ولكن يريد الاحتفاظ بسلاحه، يتمسك بالدستور والقوانين ويخرقها ولا يلتزم بها على الاطلاق.

وباختصار الحزب يريد الدولة واجهة للتستر على مشروعه والهيمنة والتسلط وتنفيذ ما تبقى من مشروع ايران في مصادرة القضية الفلسطينية خدمة لمصالحها الخاصة على حساب مصلحة الشعب اللبناني، ولكن متغيرات موازين القوى الاقليمية والدولية والرفض الداخلي، من الصعب ان تتطابق مع حسابات الحزب هذه المرة، وقد تنعكس عليه بتداعيات غير محسوبة.