السلاح مقابل الدستور: مقايضة سياسية مع الحزب؟

السلاح مقابل الدستور: مقايضة سياسية مع الحزب؟

المصدر: المدن
13 تموز 2025

لأكثر من مرة تكررت على لسان الموفد الأميركي توم باراك عبارة تشير إلى الفصل بين جناحي حزب الله العسكري والسياسي. ويقول إنه على الرغم من تصنيف واشنطن لـ”حزب الله” كجماعة إرهابية، فإن جناحه السياسي فاز بمقاعد نيابية ويمثّل شريحة كبيرة من السكان الشيعة في لبنان، إلى جانب حركة “أمل”. وقال: “إن لحزب الله جزئين، فصيل مسلّح مدعوم من إيران ومصنّف كياناً إرهابياً، وجناح سياسي يعمل ضمن النظام البرلماني اللبناني”. وأضاف باراك أن أي عملية لنزع السلاح يجب أن تكون بقيادة الحكومة اللبنانية، وبموافقة كاملة من “حزب الله” نفسه، وقال: “هذه العملية يجب أن تبدأ من مجلس الوزراء. عليهم أن يُصدروا التفويض. وحزب الله، كحزب سياسي، عليه أن يوافق على ذلك”.

تبدو الخطوط العريضة التي يرسمها باراك مختلفة عما سبق من طروحات، خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية التي كانت ترفض التمييز بين جناحي الحزب السياسي والعسكري، وتفرض عقوبات على الحزب ككل. الأكيد بالنسبة إلى أميركا أن العقوبات تفرضها على حزب الله كفكرة وأيديولوجيا وتوجه سياسي، وهو ما يريد له باراك أن يتغير، إذ عبر بوضوح عن أهمية تخلي حزب الله عن سلاحه بالتفاهم مع الدولة اللبنانية. لكن هذا التوجه لا بد أن يؤسس لمرحلة سياسية جديدة لا يمكن الوصول إليها إلا في حالة اقتنع حزب الله بأنه فعلياً حان وقت التخلي عن سلاحه.

 

إعادة السلاح إلى إيران؟

حتى الآن لا يزال حزب الله على موقفه بضرورة انسحاب إسرائيل من الجنوب، ووقف كل الضربات والاعتداءات والخروقات وعمليات الاغتيال وإطلاق سراح الأسرى وبعدها يولي أهمية لمسألة حصرية السلاح بيد الدولة من خلال حوار داخلي واستراتيجية دفاعية. يطالب حزب الله كما رئيس مجلس النواب نبيه بري كل القوى الدولية بالضغط على إسرائيل لإجبارها على الانسحاب ووقف الضربات، وعندئذ سيكون هناك استعداد للنقاش الجدي في ملف السلاح.

في هذا السياق تتكاثر الأفكار حول الصيغة والآلية، وسط كم كبير من التحليلات والمعلومات عن قنوات اتصال تعمل على تبادل رسائل بين حزب الله من جهة والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى. تتركز التحليلات أو التسريبات عن أن العنوان الفعلي للنقاش سيكون متصلاً بمعادلة “السلاح مقابل الدستور” أو “السلاح مقابل النظام السياسي”. وهذا ما يعني طرح فكرة منح حزب الله تحصينات ومكاسب سياسية ودستورية عوضاً عن الحصانة العسكرية التي يتمتع بها، قبل سنوات تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن المثالثة، بعدها تخلّى عن هذا الطرح، فيما هناك أفكار كثيرة طرحت حول منح الطائفة الشيعية منصب نائب لرئيس الجمهورية أو نائب رئيس الحكومة، أو طرح فكرة المداورة في الرئاسات، أو أن يصبح قائد الجيش من الطائفة الشيعية، بالإضافة إلى فكرة تثبيت وزارة المال من حصة “الشيعة”، وغيرها من الأفكار.

أما النقاش الفعلي الذي سيكون متعلقاً بالاستراتيجية الدفاعية، فهو يتصل في هذه المرحلة بكيفية العمل على معالجة ملف السلاح وحصره بيد الدولة، أو تخلي حزب الله عن سلاحه، هنا أيضاً تبرز أفكار متعددة، بين من يشير إلى إعادة صواريخ بالستية ودقيقة إلى إيران، أو بيع هذه الترسانة العسكرية والاستفادة من سعرها في إعادة بناء بنيته الاجتماعية وإعادة الاعمار. جزء آخر من النقاش يرتبط بالجسم التنظيمي للحزب والعدد الكبير من المقاتلين الذي يحتويه، لا سيما أن بعض الأفكار تتحدث عن اعتماد صيغة لدمج المقاتلين ضمن بنية الدولة اللبنانية واستيعابهم في المؤسسة العسكرية أو المؤسسات الأمنية الأخرى، كما جرى بعد نهاية الحرب الأهلية. كل هذه الأفكار ستكون مطروحة وستخلق الكثير من السجالات الداخلية بين رافض ومؤيد.