هل أنتم فعلًا رجال المرحلة؟

هل أنتم فعلًا رجال المرحلة؟

الكاتب: امجد اسكندر | المصدر: نداء الوطن
14 تموز 2025

لبنان وسوريا يسيران باتجاهين متعاكسين. في سوريا سقط نظام مرذول، وقام نظام جديد يكاد أن ينضم إلى المجتمع الدولي يسبق تمكنه من شرعيته الوطنية.

في لبنان نحن نخسر «على الميْلين». المجتمع الدولي، وبخاصة العربي وتحديدًا الخليجي، لم يمنحنا ثقته بعد، وشرعية الدولة تتآكل بسبب الدويلة.

في السياسة، الفرص تهجم ولا تمهل.

هل يدرك شاب اسمه أحمد الشرع هذه الثابتة، وتخفى عن عشرات السياسيين في لبنان؟

«هيئة تحرير الشام» لم تعد إرهابية، لأن ثمة من يريد اقتناص الفرصة ليعيد سوريا إلى النظام الدولي.

«حزب الله» يبدو بعيدًا عن هذا الوضع.

توم برّاك ليس مؤرخًا، ولكن أن يعقد المقارنة بين جورج واشنطن وأحمد الشرع فهذا يدل على أن الدول الكبرى أيضًا تريد اقتناص الفرص، ولديها ترف أن تتذكر بعد حين أن اسمه كان «أبو أحمد الجولاني» إذا خاب أملها.

قال سمير قصير: «إن ربيع العرب حين يزهر في بيروت يعلن أوان الورد في دمشق».

هذا الاستنتاج جاء قبل عشرين سنة. لم يتخيل قصير هذا التقلب في الطقس العربي.

الربيع جاء من الرياض وأعلنه محمد بن سلمان، وزهر ياسمين دمشق يتفتح بينما أوان الورد لم يحن في بيروت بعد.

المشكلة أن أركان السلطة ومستشاريهم على قدر كبير من الدراية السياسية، وهذا ليس المطلوب.

حتى النزاهة لا تكفي في مرحلة حساسة كهذه.

عند الاهتزازات الإقليمية الحادة، تحتاج الدول إلى رجال رؤية.

حتى نوع «رجال دولة» لا يفيد.

الرؤية تأتي بالدولة ثم برجالها.

حاليًا، نحن دخلنا مربع إهدار الفرصة، لأن السلطة تفكر بعقل سياسي لحل مشكلة تتخطى المفهوم السياسي التقليدي.

هناك طبقة من المتعاطين بالسياسة، معجبة بنفسها لأنها تجد دائمًا المخارج اللفظية، وتفلسف المعضلات، وتتبادل المدائح حتى مع خصومها.

عقل تقليدي عندما يخرج من اللعبة يتلاعب بعقول العامة، برمي الشعارات، واجترار الأفكار والعظات.

هذا الصنف دائمًا ما يتسلل إلى غرف القرار.

وهذا الصنف يبتدع قنوات التواصل والتنسيق، وشغوف بالحوار، والوقوف على الخواطر. والتهويل بالفتنة. في زمن مضى مُنع الجيش من التدخل ليستتب الأمن بحجة أنه قد ينقسم. النتيجة كانت أن البلاد والمؤسسات والجيش انقسموا لأن الجيش لم يتدخل.

هذه الوسائل لا تنفع مع منظمة تحركها غيبيات دينية متأصلة، لا تعتمد المنطق السياسي إلا في حال زادها مكاسب، ولم يجبرها على التنازلات.

والطامة الكبرى أن هناك من يعوّل على العوامل الخارجية إذا فشلت الإرادة الداخلية.

لقد مضى ثمانية أشهر، والسلطة تقول: لننتظر ستة أشهر بعد.

بعد ستة أشهر، سنكتشف أننا تأخرنا وضاعت الفرصة، ولن تملك السلطة إلا التحسر وإلقاء اللوم على من لم يساعدها، فهي كانت صادقة، لكن الأحزاب خذلتها وغلبت مصالحها على مصلحة الوطن.

هذا هو خطاب كل فاشل وقع في حفرة «حنكته السياسية» وانعدمت عنده مَلَكة الرؤية.

قبل أيام، زار الرئيس جوزاف عون قبرص وامتدح العلاقات الثنائية.

الحرب الأهلية اندلعت تقريبًا في سنة واحدة في لبنان وقبرص.

انقسمت الجزيرة بين دولة غير معترف بها للمسلمين الأتراك، ودولة القبارصة اليونانيين المسيحيين.

قبرص اليونانية أصبحت منذ عشرين عامًا في الاتحاد الأوروبي.

عدد كبير من اللبنانيين ومن كل الطوائف استملك بيوتًا هناك.

ربما لأن قوات الأمم المتحدة تنتشر في وسط العاصمة نيقوسيا، وتطمئن الجميع.

عند إعادة طرح المسألة القبرصية، أقصى حد هو: هل تصير فدرالية بعد التقسيم؟

هناك «دولة» كاملة على نصف جزيرة، ومن علامات نجاح هذه الدولة أنها عرضت علينا مد كابل بحري للتغذية الكهربائية.