
خاص- من “لو كنت أعلم” إلى “سننزع أرواحكم”… كيف أسقط حزب الله القناع؟
خرج علينا أحد شيوخ حزب الله مؤخرًا بتهديدٍ علنيّ فجّ وغير مسبوق، حين قال على منبر عام وأمام جمهور الحزب: “من يطالبون بنزع السلاح، سننزع أرواحهم“.
هي ليست المرة الأولى التي يلوّح فيها الحزب بترسانته في وجه اللبنانيين، لكنها المرة الأكثر وقاحةً ووضوحًا. حزب الله لم يعُد يحاور، بل يُهدّد. لم يعُد يناقش، بل يُحرّض على القتل. لم يعُد مقاومة مزعومة، بل سلطة مسلّحة خارج القانون، تُرهب الداخل بحجّة التصدّي للخارج.
من “لو كنت أعلم” إلى “سننزع أرواحكم”: هذا هو حزب الله الحقيقي
منذ الانسحاب الإسرائيلي في العام ٢٠٠٠، تحوّل سلاح الحزب من أداة مقاومة إلى أداة وصاية.
وفي ٢٠٠٦، خاض الحزب حربًا منفردة باسم كل اللبنانيين، كلّفت البلد حمام دمٍ ودمّرت البنى التحتية، وانتهت باعتراف أمينه العام الراحل حسن نصرالله بخطأ التقدير قائلًا: “لو كنت أعلم”.
لكن الحقيقة أن الحزب كان يعلم. وكان يخطط. وكان ينفّذ.
منذ ذلك اليوم، وهو يُحكم الطوق على لبنان، يمسك بقرار السلم والحرب، ويربط الدولة اللبنانية كليًا بمصير المشروع الإيراني في المنطقة.
اليوم، ومع اندلاع حرب ٨ تشرين ٢٠٢٤، بذريعة “نُصرة غزة”، يدفع لبنان من دمه ولقمته وكيانه ثمنًا جديدًا، فيما الحزب يواصل التصعيد، ويُسقِط القرى والمدن في الجنوب تحت الخطر اليومي.
أما من يرفض هذا النهج؟ من يطالب بتطبيق القرارات الدولية المتفق عليها؟ من يدعو لحصرية السلاح بيد الجيش؟ فمصيره – وفق شيخ الحزب – نزع روحه!
أي منطق هذا؟ أي خطاب؟ أي دولة تقبل بهذا الانحدار؟
المطلوب موقف… لا مواربة
نقولها بوضوح، لا تردّد فيه:
- نطالب رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزيف عون بموقف حازم وواضح من هذا التهديد، الذي يُعدّ إهانة للدستور والقسم والشرعية.
- نطالب رئيس الحكومة نواف سلام بكسر حاجز الصمت، والتوجّه إلى مجلس الأمن الدولي، ومطالبة الأمم المتحدة بآلية تنفيذ فوريّة للقرارات ١٥٥٩ و١٦٨٠ و١٧٠١.
- نطالب الجيش اللبناني، بقيادته وعماده، بأن يحمي اللبنانيين من سلاح الداخل قبل الخارج.
إن من يهدد الشعب اللبناني بالموت، لا يحق له الحديث عن “المؤامرة” أو “السيادة” أو “العدو”.
العدو الحقيقي اليوم، هو كل من يرى في السلاح وسيلة حكم، وفي التخوين أداة سياسية، وفي العنف بديلًا عن الحوار.
حزب الله لم يعُد مقاومة… بل صار دولة ظل مسلّح فوق الدولة
كل خطاب يصدر عن الحزب اليوم يؤكد أن لا نية لديه في التراجع، ولا نية في تسليم سلاحه، ولا نية في الإذعان لأي سلطة قانونية لبنانية أو دولية.
في نظره، القرار ١٥٥٩ لا يُنفّذ، والقرار ١٧٠١ يُخرق يوميًا، والدولة مجرّد واجهة.
والأخطر؟ أن الحزب ما زال يُقحم لبنان في معارك إقليمية لا ناقة له فيها ولا جمل، ويستخدم الشعب درعًا بشريًا لمشروع لا علاقة له بفلسطين، بل بالهلال الإيراني الممتد من طهران إلى بيروت التي دُمرت بسبب مشروعه، مرورًا ببغداد التي اعلنت عصيانها ودمشق المُحررة من بطش الأسد وصنعاء التي باتت كبيروت تدكّ بين الحين والآخر بصواريخ اسرائيل.
فمن أي موقع يتحدث هذا الشيخ؟ وبأي صفة يُهدد؟ وعلى أي قانون يستند؟ ومن أعطاه الحق بإعلان فتوى قتل جماعي لكل من يطالب بنزع السلاح؟
إنّ مجرّد السكوت عن هذا التهديد هو تواطؤ.
نزع الأرواح ليس خطأ فرديًا، بل تحريض علني على القتل، ويجب أن يُحاكم عليه من أطلقه، ومن سكت عنه.
لا، لن تُنزَع أرواحنا. بل سننزع سلاحكم، سنزعزع مشروعكم.
نحن هنا، باقون، واقفون. لن نخاف. لن نرتعب. لن نصمت.
نحن لسنا “أعداء الداخل”. نحن أبناء هذه الأرض. من يدافع عن الدولة، لا يُقتل. ومن يرفع صوته في وجه الميليشيا، لا يُخَوَّن. ومن يقول “نزع السلاح”، لا يُشنَق… بل يُصفَّق له.
ختامًا… نحن في لحظة كسر الصمت، كسر الخوف، وكسر الاصطفاف الطائفي.
إما الدولة، أو الدويلة.
إما السيادة، أو السلاح.
إما الحياة، أو الخضوع.
فلتسمعونا جيدًا: أرواحنا ليست ملككم… هذا الوطن لن يُحكم بالتهديد.