
لغة الحرب V/S لغة السلام
بعد التفاؤل والجو الإيجابي الذي بدأ في مطلع العام 2025، لن نستطيع حتى الآن ترجمة هذا التفاؤل إلى مشروع واستراتيجية واضحة على المدى القصير، المتوسط والبعيد.
بعد ستة أشهر من الترقّب والانتظار لم تَعُد الحركة التجارية والإستثمارية والإنماء المنتظر. والسبب بسيط ومعقّد في الوقت عينه، وهو لا اقتصاد ولا استثمارات ولا إنماء ولا تمويل قبل تغيير لغة الحرب والدمار إلى لغة التفاوض والاستقرار والسلام. لا إعادة للإقتصاد ولا إعادة بناء دولتنا وبلدنا قبل إعادة بناء الثقة. الثقة ما بين اللبنانيِّين أولاً، الثقة بين الشعب والدولة، والثقة بين الدولة والمجتمع الدولي.
إنّ اللبنانيِّين يُدركون تماماً كلفة الحروب، وكلفة حرب الآخرين على أرضنا، وكلفة لغة التهديد والترهيب والحرب. لقد علّمتنا الخبرة والتجربة والتاريخ أنّ لغة الحرب أسهل بكثير من لغة السلام، وأنّ قطع اليَد «أهوَن» بكثير من مَدّ اليَد، وإشعال الحرائق أسهل بكثير من إهمادها، والتهديد أكثر سهولة بكثير من التواصل والتفاوض.
لقد دفعنا ثمناً باهظاً للحروب الساخنة على أرضنا، لكن ما ندفعه اليوم هو ثمن باهظ لحرب باردة جديدة على أرضنا مجدّداً. فهي وجه جديد لحرب الشلل والجمود، حرب استنزاف لمواردنا وطاقاتنا واقتصادنا، حرب باردة بين أشخاص يُريدون أن يعيشوا بسلام واستقرار وآخرين لا يستطيعون أن يعيشوا إلّا في أجواء الحرب.
إنّ الشجاعة الحقيقية، لا تكمن في الحرب والدمار، لكنّها تكمن بشجاعة التفاوض والتواصل والسلام لإعادة بناء بلدنا ودولتنا على أسس متينة وصلبة، عوضاً عن بناء قصور من الكرتون والورق، المبنية على الأوهام.
في المحصّلة، كل الرسائل المباشرة وغير المباشرة تدفعنا إلى النتيجة الوحيدة: لا اقتصاد ولا استثمارات ولا تمويل ولا إعادة بناء، ولا ثقة من دون تحويل لغة الحرب إلى لغة السلام، لغة التهديد إلى لغة التفاوض، لغة التدمير إلى لغة البناء، لغة الكراهية إلى لغة المحبة، لغة الموت إلى لغة الحياء وحُبّ الحياة.
حان الوقت لإعادة وطننا إلى جذوره الحقيقية، وهو منصّة الحضارات والتواصل ورابط الدول والقارات والمنصّات، مختبر الريادة والإبتكار، وليس مختبر السلاح والدمار.