إنهاء مظاهر السلاح مع مراعاة الخصوصيات… وصفة لوجبات جغرافية جاهزة

إنهاء مظاهر السلاح مع مراعاة الخصوصيات… وصفة لوجبات جغرافية جاهزة

الكاتب: أنطوان الفتى | المصدر: أخبار اليوم
18 تموز 2025

هي جغرافيا إقليمية جديدة ترتسم في المنطقة، بمعزل عن الصِّيَغ الرسمية والدستورية المستقبلية الجديدة التي ستعرّفها.

وهذه الجغرافيا لا تنبع من الضربات التي يمكن لإسرائيل أن توجّهها لسوريا في هذا اليوم أو ذاك، سواء لضرب قنوات باقية لـ “الحرس الثوري” الإيراني في بنية الدولة السورية، أو على طريقة الحديث مع دمشق بالنار لتسمع تركيا أن لا مجال لاستنساخ “إيران جديدة” على الأراضي السورية (هي تركيا هذه المرة) تحت عنوان رعاية النظام السوري الجديد، بل هي جغرافيا جديدة تنبع من بنية الدول المركزية نفسها، ومن نسيجها الشعبي نفسه، على اختلاف مكوّناته.

دول… مستحيلة

نعم، الذهاب باتجاه جغرافيا جديدة بات أمراً واقعاً داخلياً في كل مكان، وذلك بسبب استحالة نجاح السلطات المركزية في أكثر من دولة شرق أوسطية بملفات حصر السلاح، وفرض سلطة الدولة.

فالصعوبات المرتبطة بهذا الشأن في لبنان مثلاً معلومة. وما يحصل في سوريا على هذا المستوى ليس أفضل حالاً بكثير. والنتيجة الموحّدة الوحيدة، هي أن أكثر من مكوّن شعبي وطائفي… إقليمي، يطالب دولته بالحوار معه، وبالتوصّل الى اتفاقيات، تسمح له بأن يضع خطوطاً حمراء وخضراء وصفراء لدولته وسلطاتها الأمنية والعسكرية والسياسية، في ما يتعلّق بمستقبل سلاحه، وحصصه في الحكم والإدارات، وغيرها من الأمور، أي انه يقول لدولته أسمح لك بكذا وكذا، وأمنعك من كذا وكذا.

وقف النار

وأمام هذا الواقع، لم تَعُد الجغرافيا الإقليمية الجديدة عملاً أميركياً أو غربياً، بل حاجة داخلية لدى أكثر من طرف، بإسم التمسّك بالسلاح، والدفاع عن الذات، وعن المكتسبات، والوجود، وحماية الخصوصيات.

وفي مثل بسيط على ما سبق ذكره، فإن من أبرز النقاط التي اتُّفِقَ عليها لتحقيق وقف لإطلاق النار في السويداء، هي التوافق على آلية لتنظيم السلاح القبلي، بالتعاون مع وزارتَي الداخلية والدفاع، بما يضمن إنهاء مظاهر السلاح خارج إطار الدولة، وذلك بالتنسيق مع القيادات المحلية والدينية، مع مراعاة الخصوصية الاجتماعية والتاريخية لمحافظة السويداء.

من يبتّ؟

ولكن من يحدد ما هي الحدود بين إنهاء مظاهر السلاح خارج إطار الدولة، وبين التنسيق مع القيادات المحلية والدينية، ومراعاة الخصوصية الاجتماعية والتاريخية؟ ومن يبتّ بها؟ وماذا لو تعارضت الخصوصية مثلاً مع إنهاء مظاهر السلاح؟

وانطلاقاً مما سبق، ألا تصبح الجغرافيا الجديدة، ذات الأمن الجديد، والحكم الجديد في كل بقعة ومنطقة، مخرجاً للجميع، ونهاية لحقبات المواجهات العسكرية المتكررة، ولتلك التي يمكنها أن تحصل في المستقبل؟

من دون تخطيط؟

أكد مصدر سياسي أن “هناك محاولة لإعادة رسم الجغرافيا في المنطقة، بمعزل عن الشكل النهائي الذي من الممكن أن يُتَّفَق عليه في هذا الشأن. فهذا بات أمراً أساسياً ومُخيفاً في وقت واحد، لأن نتيجته ستؤثر على الشعوب والمكونات الديموغرافية الضعيفة، والتي “لا ظهر لها”، أو تلك الغير واردة في حسابات أحد. فالدروز يتلقّون المساعدة لأن هناك حاجة لهم، أو مصلحة بدعمهم. وأما العلويون، فلم يساعدهم أحد قبل أشهر، فيما لن يحصل المسيحيون على مساعدة أحد في ما لو تعرّضوا لهجوم أو انتهاكات، والسبب هو أنهم ليسوا مصلحة ولا حاجة لأحد”.

وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “المنطقة تتّجه الى تطورات كبيرة جداً. فنحن لا نزال نعيش تداعيات 7 أكتوبر 2023، وهناك الكثير من التطورات التي قد تحصل من دون تخطيط مُسبَق، أي انها قد تكون وليدة لحظة معينة من الفوضى”.

وختم:”نحن نخرج من التقليديات السياسية والأمنية والعسكرية الإقليمية السابقة. وبالتالي، لم يَعُد الزعماء والحكام يتحكمون باللّعبة، ولا أنظمة الحكم، بل يمكن للأحداث والتطورات أن تجرّ الجميع الى تحرّك معيّن أو لأحوال جديدة، خصوصاً مع وجود شخص مثل (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب على كرسي رئاسة العالم، بموازاة تراجع دور روسيا وأوروبا”.